Culture Magazine Monday  12/02/2007 G Issue 186
فضاءات
الأثنين 24 ,محرم 1428   العدد  186
 

ثورة الإنترنت القادمة
قاسم حول

 

 

في بداية علاقتي بثقافية الجزيرة كتبت فيها، سيكون في فترة ليست بالبعيدة بإمكان كل شخص أن يبث فضائية من داره، وتوقعت ذلك نتيجة بضعة تطورات تقنية في مجال العلاقة بين المراسلين ومراكز القنوات الفضائية.

لا أظن ان عاما قد مر على ذلك المقال.. ربما ستة شهور حتى أعلن في نهاية هذا الشهر يناير 2007م إن ثورة الفيديو نت ستتحقق بعد خمس سنوات.

بمعنى سيكون بإمكان الفرد أن يبث ما يشاء من البرامج وبإمكان من يشاء أن يلتقط ذلك البث تماما مثلما يحصل الآن في المواقع الإلكترونية المكتوبة.

فإذا ما عرفنا أن فن الفيديو لم يعد فنا باهظ التكلفة فذلك يعني أن صاحب الموقع يستطيع أن ينتج برامجه الخاصة، ونحن نتململ من كثرة الفضائيات، أن تكون هنالك أكثر من ثلاثمائة فضائية في الشرق الأوسط، فإن الفضائيات سيرتفع عددها في المنطقة إلى أكثر من مليار فضائية.

ليس ذلك بعيدا، بل بعد خمس سنوات من هذا التأريخ!

لم يعد لأي موقع فيديوي على الإنترنت بحاجة إلى دفع إيجار القمر الاصطناعي الذي انخفض الصعود عليه من مليون ونصف دولار سنوياً إلى ثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف دولار سنويا.

كل كومبيوتر سيكون جهاز استقبال لمحطة صغيرة تكبر بقدرات أصحاب المواقع على الإنتاج.

إن وحدة إنتاج مصورة وبكفاءة عالية في نوعية الصورة والصوت التي كانت تكلفتها تتجاوز المليون دولار أصبحت الآن لا تزيد على خمسة وعشرين ألف دولار، تتكون من وحدة تصوير وإضاءة وصوت ومونتاج.

وإذا ما عرفنا أن معدات التصوير والتوليف قد صغر حجمها وكبرت كفاءتها فإن غرفة عمل في منزل يمكن أن تشكل وحدة إنتاج ووحدة بث.

هنا ستتضاءل أهمية القنوات الفضائية وسيكون بإمكان أي شخص موهوب أن يفكر بهيكلية برامجية مشوقة لموقعه قد تستقطب المشاهدين.

وستصبح المنافسة كبيرة في سوق المشاهدة على الإنترنت.

قد تكون البداية أقل شأنا على مستوى قوة البرنامج في التنفيذ والاستقبال ولكن بمرور الوقت سوف تتضاعف قوة الصورة ولا سيما أن التطور في تقنيات الصورة تحدث كل يوم بل كل ساعة بل كل لحظة.

وشريحة ال DVD ستصبح في وقت قريب هي الشكل الحرفي البديل عن كل الأشرطة الرقمية بعد أن حلت الذاكرة محل الشريط في أجهزة التصوير، وسيصبح بإمكان صاحب الموقع أن يؤسس مكتبة أرشيفية في منزلة بسبب صغر الفورمات التي تحتوي على المادة المصورة بطريقة نظامية.

كل هذه الحلول التقنية التي قدمت التسهيلات للمبدعين ولم يعد أصحاب رؤوس الأموال وحدهم الذين يتحكمون بالإنتاج والتوزيع والبث سوف تسهل للمبدعين فرصهم وبحرية أكثر، لكن الجانب الآخر من العملية يكمن في الفوضى واللاوعي الذي قد يقود إلى مشكلات حقيقية بين أبناء الأجيال القادمة.

هل تتمكن الدولة من السيطرة على المواقع الفيديوية القادمة؟

عندما ظهرت المواقع المكتوبة صار الناس يتعرضون لمشكلات ويتعرض الناس الطيبون إلى كل من يريد اتهامهم لهذا السبب أو ذاك من الكتاب والمسؤولين وصارت فوضى النقد تسقط في الشتيمة، فكيف عندما يصبح الموقع متحركا في الصورة وكل ما تعنيه الصورة سواء في قيمها الجمالية أو في مضمونها.

هذه الحقيقة تحتاج إلى دراسة مسبقة منذ الآن ولا سيما في بلداننا التي تحكمها قيم ومثل وليست كما المجتمعات المادية التي سرى فيها التنظيم في جانب والخراب في جانب آخر.

وإذا لم تحضر البلدان العربية أو الشرق أوسطية أيا كانت التسميات والمجتمعات الإسلامية، تحضيرا مدروسا فإن ثمة (فلتاناً) تربوياً وأخلاقياً سوف يسود هذه المجتمعات وتصبح السيطرة عليها أمرا مشكوكا فيه.

إن ثورة الفيديو وثورة الإنترنت سوف تتيح لما يطلق عليه الحرية غير المسؤولة بأن تسود في مجتمعات مؤهلة للخراب أساسا.

إن للصورة تأثيرا فيزيائيا أيضاً إضافة إلى التأثير النفسي وهنا تكمن الخطورة.

هكذا أصبح العالم.. وهكذا سيصبح.

هو تنبيه لتشكيل لجان لمواجهة ثورة الإنترنت ومعرفة كيفية التعامل معها ضمن قوانين اجتماعية محسوبة بدقة وبعكس ذلك سيفوت الأوان.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7591» ثم أرسلها إلى الكود 82244

* سينمائي عراقي مقيم في هولندا sununu@wanadoo.nl


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة