Culture Magazine Monday  12/02/2007 G Issue 186
فضاءات
الأثنين 24 ,محرم 1428   العدد  186
 

محمد بن أحمد الشدي
الطبيبة راعية الغنم !

 

 

أوقف بتال سيارة (الجمس) في (سرا) السيارات بالبطحاء... وانحنى على جذعه ليستريح... ولكنه نهض سريعاً واتجه إلى سوق التمر في (أم سليم) بالرياض ليشتري بعض (المقاضي).. ثم يعود إلى قريته الغافية عند طرف (طويق).. جاء إلى الرياض بحمولة سيارته من الملح.. من بلدة (القصب) - شمال العاصمة وترك زوجته ترقع جدران بيت الطين - وابنته الوحيدة (هويا) مع البهم عند أقدام التل وغار السبعان - عند الأفق البعيد...!

دخل بتال دكاناً صغيراً، فوجد طفلة صغيرة معوقة وراء منضدة تكتب ما يمليه عليها والدها فاندهش.. نسي ما يريد شراءه وسأل الرجل عمّا تفعله الطفلة..!

فقال: إنها ابنتي.. تفعل ما لا أستطيع أن أفعله.. تكتب وتحسب كل ما يلزمني في تجارتي.. واندهش بتال مرة أخرى... ثم أردف بلهجته البدوية (يا حليلهن)... البنات (هنيا) يكتبن الخط وبتحسب و(هويا) بعد ابنتي ما تكتب ولا تقرأ..؟!

(أبك وشلون..؟!) أجاب الرجل: هنا المدارس مفتوحة لتعليم البنات.. فحبس الدموع في عينيه أمام الرجل.. وحدثه عن ابنته التي كانت ترعى الغنم..!!

في الطريق إلى قريته قرر بتال أن يعيش في الرياض لتتعلم (هويا) الخط والحساب.. وسال جرح القلب من عين بتال وغمغم بألم (ليت لي ولداً يسند ظهري..! ولكن هويا لزوم تتعلم ومرت سبعة عشر عاماً).

هذا الصباح تخرجت (هويا) من الجامعة طبيبة...! فغص بتال بفرحة دامعة..!

وجلس يقلّب في ذاكر أيام العمر الهاربة..!! وفجأة تذكّر الرجل..!! قال (هويا): هيا معي إلى السوق لأريك من أين كانت البداية.

سلم بتال على الرجل العجوز فعرفه.. سأله الرجل: هل هذه (هويا)..؟! قال بتال: (هي ما غيرها.. راعية الغنم.. طبيبة.. أمامك اليوم و(ترطن) بالإنجليزي.. صحيح العلم نور وهداية..!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة