Culture Magazine Monday  12/02/2007 G Issue 186
مداخلات
الأثنين 24 ,محرم 1428   العدد  186
 
الإصدارات الروائية.. والخروج على الدور

 

 

يعتقد كثير من كتاب الرواية أو القاصين وعلى وجه الخصوص المبتدئين منهم ثم الكتاب الكبار أن الرواية أو القصة إذا خالفت المألوف وهاجمت المتمسكين بالدين أو العادات والتقاليد والقيم والمبادئ أو هاجمت أشخاصا بعينهم أن في هذا إثارة وتجعل القارئ وحتى الذي لا يقرأ الروايات أو القصص يلهث للحصول عليها، وخصوصا إذا كانت ممنوعة من التداول محليا. والشيء المؤسف أن أولئك الرواة أو القاصين يعتقدون أن في ذلك ذكاء؟! والسؤال هل أصبح الأدب هو البحث عن الفضائح أو اختلاقها مع أنه لا أساس لها من الصحة أو الواقع أم أنه لابد أن نصدق راويا أو قاصا بعينه ونكذب آخر بينما الواقع يفترض فينا أن نصدق من كان واقعيا وبعيدا عن نسج الأكاذيب والتعمق في الخيال البعيد عن الواقع، لأن من ينسج الأكاذيب وهو بعيد عن الواقع ويتصور أن هذه وسيلة للجذب فهو يكذب على نفسه قبل أن يكذب على المتلقي؛ فعلى الراوي أو القاص أن يكون صادقا مع نفسه ثم مع مجتمعه، ويتحلى بالمصداقية والواقعية ولا بأس إذا كان هناك شيء من الخيال في سياق الرواية أو القصة شريطة ألا يسطح القارئ أو يستخف بعقليته؛ فقارئ اليوم لم يعد قارئا فقط بل قارئ وناقد، سواء أكان عاديا أو مثقفا أو ذا علاقة بالوسط الثقافي. وأتذكر أنني عندما بدأت بكتابة أول قصة كنت حريصا على الواقعية وفي القصة الثانية التي أسميتها (التفاحة) استمررت في الواقعية كون القصة أساسا من الواقع كسابقتها ومرت بي كما مرت بي القصة الأولى واستمررت على هذا النهج في قصتي (يوم الإجازة) إلى أن وصلت لقصة (يوم ممطر) التي كانت واقعية مع شيء من الخيال الذي كان في السياق ولم يخل بالبناء الممزوج بالأحلام التي قد تتحقق أو لا تتحقق، وإذا كنا نتحدث عن الواقعية والمصداقية في الرواية أو القصة أو حتى الشعر فلنقرأ للأديبة الكويتية فاتن عبدالعزيز وما كتبته من قصص أو شعر عن والدتها أو عن الأم عموما فكل من سمعها يتأثر بل ويبكي لقوة عباراتها وصدقها وعظم المشاعر الفياضة التي لا يستحقها سوى الأم، كما يتجلى ذلك الصدق مع الشاعر والقاص والراوي محمد الخضيري عندما كتب قصيدة عن مدينته المجمعة وبيوتها وذكريات الطفولة ومن شدة وصفه والخيال الواقعي يجعلك تسمع وكأنك تشاهد؛ حيث عشق كثير ممن حضروا أمسيته الرائعة قبل سنوات في المكتب الثقافي المصري بالرياض عشقوا مدينته وتمنوا رؤيتها من شدة وقوة عباراتها التي وصفها بها.

أما من يخالف الواقع فإنه يجعل القارئ لا يثق بالراوي أو القاص عندما يكتب بعيدا عن الواقع، كما حصل مع أحد الزملاء الإعلاميين الذي ألف كتابا عن مصر حيث بالغ فيه كثيرا وكأنه لم يزر مصر، رغم أنه يسافر لها كل عام لأن هدفه لم يكن القصة أو الرواية الواقعية بل كان التلميع الذي أخفى الحقائق وابتعد عن الواقع.

إذاً مصداقية المثقف أو الأديب أمر هام لكي يحظى بقراء من الصفوة بدلا من رفضه.. فلدينا من القصص الواقعية والروايات ما يشرف ونعتز به من قصص واقعية مشرفة بعيدة عن التجريح أو الاتهامات أو تصفية الحسابات.

محمد بن عبدالعزيز اليحيا mhd1999@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة