Culture Magazine Monday  12/11/2007 G Issue 222
فضاءات
الأثنين 2 ,ذو القعدة 1428   العدد  222
 

بعض من عرفت! «7»
عبد الفتاح أبو مدين

 

 

في يوم تكريم الأستاذ الرفاعي في إثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجة يوم 25-2-1403هـ الموافق 25- 4-1983م، طلب معالي الأستاذ عبد الله بلخير من الأخ الرفاعي أن يحدث ذلك الجمع الذي حضر تكريمه بداياته ومسيرته مع الحرف، فأجاب: (بدأت علاقتي بالأدب بقراءات في كتيبات صغيرة من قصص ألف ليلة وليلة، كانت تباع في باب السلام (في الحرم المكي)، بدراهم معدودة، فكنت أوفر من مصروفي المدرسي الذي لا يتعدى هللتين، واشتري به كتاباً من هذه الكتب، وعن طريقها ألفت المطالعة فأحببتها، وأحببت القصة، ثم تدرجت في قراءة القصة إلى قراءة روايات الجيب التي ربما يشتمها بعض الناس، ولكني مدين لها بكثير من حب القراءة، ثم تدرجت إلى قراءة المنفلوطي فأحببته أيضاً، أحببت مجلة (الرسالة)، وكانت تأتي لبعض الإخوة من جيراننا، فأستعير منهم بعض الأعداد وأعكف على قراءتها، وكنت أقرأ كثيراً للدكتور زكي مبارك، وعن طريق زكي مبارك أحببت الرسالة، ثم أخذت أقرأ قصص الرافعي، وطه حسين، ثم عرفت الطريق إلى العقاد وإلى كتّاب الرسالة الآخرين.. وبدأت أكتب القصة، فهي أول ما كتبته، لعل هذه المعلومة جديدة عليكم ولكنها هي الواقع، وكان إخوتي في المعهد حينما كنت أدرس في المعهد، كانوا يسمونني (قصصي المعهد)، مع أني كنت أعرف أنه ليس بيني وبين القصة سبب إطلاقاً، ولعل أستاذي الأستاذ الكبير عبد الله عبد الجبار يحدثكم عن ذلك الطالب الذي كان له دور في المسامرات أيام المعهد، فقد كان له فضل علينا بالتوجيه والإرشاد والتشجيع.. بعد أن غادرت المعهد انتهت صلتي تقريباً بالقصة، اللهم إلا بعض القصص التي نشرت، ولقد نسيتها تماماً، ثم اتصلت أسبابي بالأستاذ العريف، فعملت محرراً متعاوناً في أوقات فراغي في المساء أنا ومجموعة من الشباب منهم الأستاذ أحمد جمال، عبد العزيز ساب، صالح جمال، حامد مطاوع، عبد العزيز السالم، عبد العزيز المسند.. فريق من الشباب، كانوا يتعاونون على تحرير صحيفة - البلاد السعودية -، وكان منهم الجندي المجهول الأستاذ عبد الرزاق بليلة، الذي كان يرعى صفحة الطلبة.. وكان في ذلك الوقت الأستاذ- طاهر الزمخشري أديباً كبيراً، وله في (البلاد السعودية) مجال وجولات.. هذه بداية صلتي بالحرف).. ودارت حوارات مع الأستاذ الرفاعي عن علاقته بالثقافة ومكتبات مكة التي كانت في باب السلام، فأجاب عليها ضيف الإثنينية، وختم الملتقى بشكر الضيف للمضيف، إذ قال في ختامها: (ولن تستطيع عباراتي مهما بلغت أن تؤدي واجب الشكر له، جزاه الله خيراً).

كناشة الرفاعي

مما ساقه الدكتور عدنان علي رضا النحوي في حديثه عن الأستاذ الرفاعي وقفته على كتاب عنوانه: (كناشة الرفاعي)، الذي صدر عام 1416هـ، ساق الدكتور النحوي حكاية - الكناشة -، الذي بلغت صفحاته - 293 - فقال: (وكانت موضوعات هذا الكتاب مقالات خص بها المجلة العربية، وقد بلغت في المجلة خمسة وثلاثين مقالاً، وفي الكتاب أصبحت ثمانية وأربعين مقالاً، كما خص مجلة الفيصل بسلسلة مقالات بعنوان (وللحديث شجون).. وقال الأستاذ النحوي: (و- كناشة الرفاعي - لون فريد لا يقوى عليه إلا رجل عالم أديب واسع الإطلاع متعدد الجوانب، وافر المصادر والمراجع، دائب على البحث، قوي الملاحظة.. ورأى بعضهم أن من الأقدمين من سلك هذا الدرب مثل الجاحظ وابن عبد ربه والراغب الأصفهاني، ولكنني أرى كتاب (كناشة الرفاعي) مختلفاً في بعض نواحيه، مثل تبويبه وطبيعة موضوعاته وأسلوبه)، وقال الكاتب: (ولابد أن نقف عند كلمة (كناشة) لندرسها، فلعلها تلقي بعض الظلال المميزة لهذا الكتاب).. وطفق الكاتب يغوص في المراجع اللغوية، عند ابن منظور في قاموسه - لسان العرب -، والقاموس المحيط للفيروز أبادي، وفي تاج العروس للزبيدي، كل ذلك من أجل - الكناشة - ، ورحم الله الرفاعي الذي تعب كثيراً في التحقيق والغوص في المراجع كما هي الحال في التحقيق لبيت شعر نسبه للإمام الشافعي، وهو:

كلانا غني عن أخيه حياته

ونحن إذا متنا أشد تغانيا

وإني أتابع ما قدمه الدكتور النحوي عبر ما كتبه عن نسبة هذا البيت من الشعر الذي نسب للشافعي وهو في ديوانه، ويذكر الكاتب أن الأستاذ الرفاعي فوجئ بما كتبه الدكتور الشكعة حيث نسبه الدكتور إلى الشاعر عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، دون ذكر المصدر، ودفع ذلك الأستاذ الرفاعي إلى البحث في مختلف المصادر التي تعنى بمثل ذلك، وكلفه ذلك جهداً كبيراً وربما كان مضنياً وهو يفتش وينقب في المصادر علّها تهديه إلى سواء السبيل، فذهب إلى كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي -رحمه الله-، فوجده ينسبه إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، المسمى عبد الله الطالبي، وهو القائل:

وعين الرضا عن عيب كليلة

كما أن عين السخط تبدي المساويا

ومضى الرفاعي يبحث في المصادر، فجنح إلى الأغاني للأصفهاني، فوجد البيت مع بيت آخر وقد نسبهما إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، حيث ذكر أن الطالبي قالها في الحسين بن عبد الله بن عبد الله بن العباس، ورواية أخرى تقول إنه قالها في صديق اسمه قصي بن ذكوان، وكعادة الأصفهاني حسب اجتهاده، فقد أشار إلى مناسبة تلك الأبيات أنها قيلت في الحسين بعدما قال إنها قيلت في قصي.. وانطلق الباحث المجد الصابر في البحث عن الحقيقة إلى كتاب الكامل للمبرد، فوجده ينسبها إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ثم ذهب الرفاعي يبحث في حماسة البحتري، فوجد البيت - عين الرضا - منسوباً إلى الطالبي، ومضى الرفاعي إلى الثعالبي في ثمرات القلوب، فذكر أن من قال أو ذكر (عين الرضا)، هو عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - بصورة حازمة حاسمة -، والبيت في أربعة أبيات، ومتابعة الدكتور النحوي كانت دقيقة، وليس غريباً على نحوي مجيد أن يكون ذا نباهة وفصل فيما ينقل ويقول، فقال إن الثعالبي بعد أن قال: وذكر البيت في أربعة أبيات: (كان هذا البيت آخرها) وجاء البيت الثالث ممهداً لهذا البيت الرابع، حتى أصبح البيتان مرتبطين، وهما:

فلست براء عيب ذي الود كله

ولا بعض ما فيه إذ كنت راضيا

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا

وأعود إلى (الكناشة)، التي اتخذها الرفاعي عنواناً لأحد كتبه، فنجد الدكتور النحوي يخرج لنا تفسيرها من قواميس اللغة التي أشرت إليها آنفاً، والكناش تعني الكتاب كما ذكر الأخ النحوي، حيث استعملها الشاعر خليل النحوي (الموريتاني)، وذكر الكاتب أن الكلمة مولّدة وليست عربية.. وصورتها المراجع اللغوية، حيث ذكر صاحب لسان العرب ابن منظور، أن - الكنش -، أن يأخذ الرجل المسواك - فيليّن - رأسه بعد خشونة، ويقال: قد كنشته بعد خشونة، والكنش: فتل الأكسية،.. ويذكر الدكتور النحوي عن - كناشة الرفاعي -: (أن أول ظاهرة بارزة في هذا الكتاب هو كثرة المراجع والمصادر، التي رجع إليها في أبحاثه التي بلغت ثلاثة وخمسين موضوعاً).. وقال: (وفد قسم الأستاذ الرفاعي - يرحمه الله - كتابه (الكناشة) إلى الأبواب التالية: على هامش السيرة، مدن، الأعلام، من حديث الكتب، أبابيش وطرائف).

..................................................يتبع

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5013» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- جدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة