Culture Magazine Monday  12/11/2007 G Issue 222
فضاءات
الأثنين 2 ,ذو القعدة 1428   العدد  222
 
أزمة ثقافة أم أزمة (مثقفين)؟!
جاسم الرصيف

 

 

قد لا يبدو الأمر محيراً، إلى الحد الذي تناقلته الصحف والمواقع المعنية بالثقافة العراقية، عن استقالات في (مجلس الثقافة العراقي)، وعمَّا إذا كانت أزمة ثقافة أم أزمة (مثقفين)؟! لأن الأمر يبدو كما لو أن بعض عراقيي الشتات اخترعوا لأنفسهم (لعبة)، ظنوها جميلة، ثم ارتعبوا منها بعد تفكيك مكوناتها وإحالتها إلى مصدرها في التكوين المادّي والفكري.

(مجلس الثقافة العراقي) كان قد عقد مؤتمره الأول في عمان مزفوفاً ببهرجة إعلامية (زيَّنها) العلم الأمريكي متصدراً قاعة التأسيس، وتعاطت المفردات الثقافية هناك تعدداً للجنسيات لا غبار عليه لولا تعدد ولاءات ليست عراقية حلقت بالمؤتمرين بعيداً عن جوهر الثقافة العراقية، عربية الطبع والطابع، وكانت وما زالت السر الواضح الأكيد لمقاطعة الأغلبية الساحقة من مثقفي العراق لمجلس واقع تحت أكثر من علامة استفهام وتعجب.

وإذا كان من المعروف عن الروابط والاتحادات الثقافية العربية أنها تعتمد ديمومتها من ديمومة رفدها مالياً من قبل الحكومات العربية، وهذا أمر مسلَّم به على حقيقة عدم وجود أدباء عرب أثرياء، فقد جاء هذا المجلس على جناح: (مساعدة مالية) أمريكية (تجارية!)، مشكوك بمبناها ومعناها، وجناح: صحفي عراقي مغمور يدعى (إبراهيم الزبيدي) من متعددي الجنسيات و(مجهولي) الولاءات.

ومن هنا بنيت للثقافة العراقية (أزمة جديدة)، غير أزمة قابضي الـ(300) دولار عن كل مقالة تمجِّد الاحتلال من مثقفي عصر (العنصرية الطائفية) الجديد في المنطقة.

وقد بان من (مجلس الثقافة العراقية) أول أهدافه، غير المعلنة، وبعد أقل من عام على تأسيسه، فلم نسمع ولم نقرأ عنه، أو عن أحد أعضائه، المؤسسين بشكل خاص أنه دان الاحتلال صراحة، ولم يرشح عن أعضائه، مؤسسين وثانويين، أن موقفهم، وكما تقتضي البديهة من كل مثقف، لا يقل عن موقف مقاوم بالكلمات عن بلده المحتل الذي عانى وما زال يعاني من ظلامية ودموية وباء فرق الموت العنصرية التي انتشرت في جسده، ولا يمكن أن يجد أي مثقف عربي أو غير عربي ذريعة واحدة لسكوت هؤلاء عن احتلال ما يفترض أنه: (وطنهم!).

لا غبار أن يضم المجلس نكرات، إذ ما من مبدع لم يبدأ نكرة، ولا غبار أن يضم أسماء، لمّعت وصبّغت، لم تترك خدشاً إبداعياً واحداً في ساحة المنتج الثقافي العراقي، عربي الطبع والطابع، ولا مثلبة أن يدير صحفي مغمور مجلساً ثقافياً لبلد. ولكن الضير، وأصل الأزمة، أن هذا المجلس لم يوحِّد حوله غير من داهنوا الاحتلال، ولا يبدون اهتماماً بوحدة المثقفين العراقيين، قدر ما يقيسون درجات عضويتهم على مدى بعدهم أو قربهم من تأييد (أمين) عام يجامل الوضع السياسي للعراق المحتل.

ومن ثم صار من نوافل القول إن هذا المجلس لا يؤمن بأن الثقافة العراقية هي جزء أصيل من ثقافة أمة عربية، رفضت أغلبية كتابها ومثقفيها الاحتلال ومنتجاته ثقافية أو غير ثقافية، ومنها دلالة رفض أغلبية المثقفين العراقيين المشاركة في مؤتمر تأسيسي لثقافة مشكوك بولائها، جيّرت ومنذ لحظة ميلادها على ساقية أمريكا في: (كسب العقول والأرواح)، من خلال جيوب ملأى بالعطايا (الملاح).

وحسب أمينه العام (الزبيدي)، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد بدأت أزمة المجلس بعد أن امتلأت خزائنه بالأموال الأمريكية والأوربية، وطالب (شوقي عبد الأمير) -عضو الأمانة- بتبرع قدره (25) ألف دولار لصديقه (جواد الأسدي)، وطالب (قاسم حول) بمبلغ (150) ألف دولار لإخراج فيلم سينمائي، وألاعيب لف ودوران أعلنها (الأمين؟) على ثقافة العراق الأمريكية في عقود طبع كتب -!!؟؟- مع دور نشر عربية!!.

والطريف أن مقر هذا المجلس في عمان، وعلى مبعدة خطوات منه مثقفون عراقيون، وصل الأمر ببعضهم إلى حضيض العيش الإنساني وضفاف الاستجداء والشحاذة عن عوز مادي كمهاجرين، لم يمدوا أياديهم لقوات الاحتلال، ولكن مجلس ثقافة (الزبيدي) استبعدهم عن عطاياه السخية، وخططه الرخية، نتيجة لإيمانهم بقدر الله في خلقهم عرباً لابد أن يشعروا بمعاناة أهلهم تحت الاحتلال الذي طفح كيل التأريخ في توثيق جرائمه العنصرية ضدهم.

والأطرف من كل هذا وذاك في (مجلس الثقافة العراقية): حقيقة أن (الممول الوحيد) له هو(إبراهيم الزبيدي) حسب كل إلإدعاءات المعلنة، والرجل لم يكن قبل الاحتلال معروفاً بثرائه، ولم يكن معروفاً بسخائه، في توزيع آلاف الدولارات على: (مثقفين)؟! و(عراقيين)؟!.

jarraseef@yahoo.com - عراقي يقيم في أمريكا


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة