Culture Magazine Monday  16/07/2007 G Issue 207
أقواس
الأثنين 2 ,رجب 1428   العدد  207
 
تشويه طه حسين في مصر
الأعمال الأدبية تحت مقصلة التهذيب.. (الإعدام سابقا)

 

 

القاهرة - م.ص:

(تشويه طه حسين): عنوان الضجة الأدبية التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة على إثر قيام وزارة التربية والتعليم بحذف وتلخيص بعض فصول رواية طه حسين (الأيام) المقررة على طلاب المدارس الإعدادية، الأمر الذي أثار ردود فعل قوية ورافضة في الأوساط الثقافية.

الخطوة التي أقدمت عليها وزارة التربية التعليم يبررها محمود الطاهر وكيل الوزارة بمنطقة القاهرة التعليمية بأن هناك كثيراً من السرد والأحداث أو التفصيلات التي يتوه معها الطالب ولا يدركها بشكلٍ دقيق مما يؤدي لخلق التباسات في تفكيره مثل الاستغراق في وصفة لبدايات لقائه بزوجته سوزان، فهناك تفاصيل كثيرة لا تعني الطالب في شيء إضافة إلى تكرار بعض الأوصاف للقرية والمدينة والحالات التي مر بها.

المبررات التي تطلقها الوزارة بدعوى التطويل والتكرار والملل وسرد أحداث يرونها غير مناسبة للعصر اعتبرها المثقفون إساءة لعمل أدبي يعد معلماً في ثقافتنا المعاصرة قرأه الملايين من أبناء الوطن العربي والبعض رأى ما جرى إهداراً لقيمة الأدب وقيمة المبدعين الكبار.

وفيما أكد الناقد الأدبي الدكتور مدحت الجيار أن ما حدث مع كتاب الأيام يعد تدخلاً غير مقبول وما جرى يعد جريمة بكل المقاييس فإما أن أقبل العمل الأدبي كاملاً أو استغني عنه، وكتاب الأيام رائعة أدبية لا يجوز ولا يصح أن نتدخل فيه أو نشوهه لأية اعتبارات العمل الأدبي لا يصح فيه التدخل لأنه عمل متكامل بنية عضوية كاملة لا يصح بتر أعضائها والأيام تحفه أكثر منه عملاً فنياً هذه سابقة خطيرة.

تهذيب أم تشويه؟

أوضح الناقد الأدبي الدكتور عبدالمنعم تليمة أنه قد يصح تهذيب أعمال قديمة لا تناسب لغتها العصر ولكن لا يجوز التجريد أو التشويه في الأعمال الأدبية نحن نهذب ونجرد أعمال عبدالرحمن الرافعي لكن لا نفعلها مع قصائد شوقي ومسرحيات الحكيم وروايات نجيب محفوظ قد يحدث التجريد أو التنظيم مع الموسوعات الكبرى مثل صبح الأعشى أو النجوم الزاهرة والأغاني انه يخلصها مع العنعنات لكن لا أحد يجرؤ على فعل ذلك في أعمال ابن عربي والمتنبي والجاحظ هذا - في تقديري نوع من الإجرام وتشويه الكتابة الفنية التجريد والتهذيب تقنية موجودة في الحضارة العربية منذ القدم ومتعارف عليها في الموسوعات لكنها لا تمس عملاً من أعمال جرير أو أبي تمام. ويجب ألا تمس كذلك كتاب الأيام حذارِ من المساس بتراثنا الإبداعي فهذا تشويه للمبدع والمتلقي معاً.

أما الدكتور طه وادي فيشير إلى أن هناك مشكلة في الكتاب الذي يتناول موضوعاً واحداً سواء أكان رواية أم سيرة ذاتية تقرر على طلاب المراحل الإعدادية أو الثانوية، فالاختيار يخضع للزمن والكتاب الذي توفي صاحبه هو الذي يقرر حتى لا تصرف مستحقات لأهله على الرغم من أن المؤلف يحصل على مبلغ زهيد.

ويضيف أن كتاب الأيام عمل ضخم يمثل مرحلة مهمة من حياتنا، وقد أثار العديد من القضايا خلال فترة الثلاثينيات وشاهده الناس مسلسلاً أو فيلماً المفروض أن النص يقدم كما تركه مؤلفه لأن المؤلف يقدم عمله في سياق عصر بعينه وما حدث أو يحدث تحت أي مسمى هو عبث في النصوص وغير مسموح به إنه تشويه ونوع من الابتسار كأنه جنين غير تام الخلقة لا بد أن نحافظ على وحدة النص وجمالياته والقيم التي تقرر تدريسها من أجلها أما أن نحذف منه فهو غير جائز مع ملاحظة أن طلاب الثانوي لديهم الوعي الذي يهبهم الحق في دراسة الفكرة المتكاملة والمفروض أن هذه النصوص تفتح شهية الطالب للقراءة والتعرف إلى تراثه ومثل هذا التشويه ينفر من عملية القراءة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة