Culture Magazine Monday  16/07/2007 G Issue 207
قراءات
الأثنين 2 ,رجب 1428   العدد  207
 
صوت شعري معاصر
قراءة نقدية في التجربة الشعرية للشاعر حسن محمد حسن الزهراني

 

 

- هو صوت شعري مميز من شعراء الباحة، بل أعتبره من الأصوات الشعرية الهامة البارزة على مستوى المملكة.

- استطاع أن يلفت انتباه المتلقي والناقد بدءا بديوانه (أنت الحب) الصادر عام 1409هـ، واستطاع أن يؤكد تميزه بتجربته الشعرية وطرحه الفني الأصيل في مجموعاته الشعرية وعلى رأسها ديوان (صدى الأشجان) و(ريشة من جناح الذل) و(قبلة في جبين القبلة) و(تماثل) و(قطاف الشغاف) و(أوصاب السحاب).

- استفزتني مجموعاته الشعرية واستفزت الناقد بداخلي فاندفعت إلى العمل فيها حتى استُدرجت على كتابة مؤلف نقدي كامل في شعره يقرب من الأربعمائة صفحة وهو بعنوان (الأصولية والحداثة في شعر حسن الزهراني).

- الجديد المتميز الأصيل الصادق في هذا الشعر دفعني إلى مواصلة العمل فيه ليل نهار والذي أوصلني إلى الإشباع الفني والإمتاع الفني هو قدرة الشاعر الفنية والفكرية على المزج بين المرجعية الأصولية فيما يخص القيم والمبادئ والعقيدة والفكر من جهة، وبين الحداثة في الطرح الفني والإفادة من الأداء الشعري المعاصر في تقنياته الحديثة من جهة أخرى.

- يرتكز الشاعر حسن محمد حسن الزهراني على أصولية عربية إسلامية في فهمه لدور الشاعر في الحياة وفي المجتمع، فهو يتبنى المفهوم العربي القديم الذي يعتبر الشاعر لسان قومه أو أمته، المعبّر عن أحزانها وأفراحها، هو الصائح بانتصاراتها والثائر لآلامها، هو العين الرائية التي تحذرها من هاجس الانكسار والتي تحيطها بالرعاية وتحفظ بالشعر أنسابها ومفاخرها وأعراضها وتدفعها إلى الحياة الكريمة.

هكذا نعاني في شعر حسن الزهراني في قصائده في الوطن وتغنّيه بكل موضع من مواضعه مسمّى في القصيدة إلى حد الاحتفاء بأسماء المدن ومسقط الرأس.

نجده أصولياً في حرصه على رسم ملامح عربية إسلامية للبطل المعاصر من خلال مدائحه في قادة المملكة وأمرائها وأعيانها مهللاً للصورة المثالية داعياً لها. ونراه أصولياً في شدوه الشعري للشباب وهو يتزيا بزي المعلم والمربي والأب الحاني في قصائده لأولاده.

- الأصولية تهيمن على الطرح الشعري للزهراني في عرضه لمشكلات المجتمع ونفيه على هذا المجتمع أن يرتفع بشأن لاعبي الكرة والمغنين ومن على شاكلتهم في وقت تراجع مكانة الشعراء والعلماء والمصلحين ورموز القدوة.

- الأصولية هي مرجعيته في بكائه على استلاب القدس والعراق والشيشان وبكائه لآلام الأمة الإسلامية واستنهاضه لقوى المسلمين، ينطلق هذا من مرجعية دينية محضة.

- هذه الأصولية تدفعه إلى الشكوى من مشاعر الاستلاب، الحزن، والاغتراب والخوف والقلق لكنها أي هذه الأصولية هي منطلقة إلى البحث عن الخلاص والنجاة في العقيدة الإسلامية ثم في الشعر.

- الالتزام مهيمن على هذه المجموعة الشعرية التي تنصاع لمفهوم الإسلام للشعر وشروط قبول الإسلام للشعر وذلك من حيث الاقتسام والتزام الوقار والإيحاء في طرح التجربة العاطفية وفي الشكوى من الأغيار في المجتمع والتزام الصدق في الكلمة والأمانة في أداء الرؤية الشعرية.

- ينطلق الشاعر حسن الزهراني من مرجعية أخلاقية عربية أصيلة في طرح قضية الصداقة والأمومة والطفولة.

وينطلق من مرجعية دينية في طرح إشكالية الإنسان فيتلبس المعاني الإسلامية والمفهوم الإسلامي للإنسان ذلك الكائن العابد العاجز المحدود القابل للغواية والإغواء الملهم بالفجور والتقوى المكابد في حياته وسط صراعاته اللامتناهية ومن ثم فهو في قصائده الإنسانية التي يطرح فيها أسئلته حول الإنسان وماهية الإنسان والغاية من خلقه والطرق إلى خلاصه، يطرح المفهوم الإسلامي بعيدا عن عبث الفلسفات وشكاية أصحاب المدرسة الوجودية والفرويدية والمادية والعلمانية والداروينية، ينطلق من تصور إسلامي متزن متوازن فيه شكوى الروح ومكابدة الإنسان ولكن فيه الانصياع إلى الخالق والرضا بقضائه وقدره، فيه الائتناس بالله والاستعاضة به والثقة بحكمته.

- في شعر حسن الزهراني نسمع التراث في أقوى صوره، نسمع صوت المتنبي وأبي فراس وابن خفاجة الأندلسي ونسمع صوت أحمد شوقي والجاحظ ولسان الدين ابن الخطيب وابن زيدون وأبي تمام والنابغة الذبياني، ليس بمعنى الاقتباس المباشر من أشعارهم وكتاباتهم، ولكن بمعنى تمثلهم وهضمهم وإفرازهم في شعره إفرازا طبيعيا ينعكس في القصيدة في وجود الحكمة والفخامة اللغوية والجمال الأسلوبي والانسجام بين أجزاء القصيدة والشعور بقوة الشعر زمن ازدهاره رغم عصرية صاحبه.

- وهنا نصل على الشق الثاني المميز للطرح الشعري للزهراني ونعني به الحداثة. تتضح الحداثة في إفادة شاعرنا من تقنيات الأداء الأسلوبي الفني للقصيدة المعاصرة فهو يوظف تقنية السينما في بناء القصيدة كما يوظف ألوانا من الصور الشعرية فيها إفادة من الفن السريالي والسينمائي، ويستفيد من قدرات الطباعة في تشخيص الدلالة ويكون له منهجا شعريا خاصا وأداء أسلوبيا متميزا يعتمد فيه على أساليب لغوية حداثية مثل أسلوب التناص والسخرية والمفارقة والتنقيط والحذف، كما يدلنا كتحد فني على قدرته على صياغة القصيدة في القالب الموسيقي الخليلي التقليدي والقالب التفعيلي الذي أسسته مدارس الشعر الواقعي والحداثي في القصيدة المعاصرة.

- حقق شاعرنا المعادلة التي كانت مدار الصراع بين المدرسة التقليدية والمدرسة التجديدية في النقد العربي القديم والنقد العربي الحديث.

بل حقق لنا المعادلة التي هي مدار الصراع الحضاري ومدار قضية العولمة وهي كيفية التوازن بين تراث الذات أو الأنا العربية وبين تراث الآخر العربي، قدم لنا شاعرنا على أن الذات لابد أن تتحقق في القيم وأن الآخر حي يؤثر فينا لا يجب أن يتعدى الأداء الشكلي الخارجي. من هنا كانت أصولية في القيم وحداثة في عناصر التعبير.

د. كاميليا عبدالفتاح أستاذة الأدب والنقد المساعد رئيسة قسم اللغة العربية بكلية التربية بالمخواة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة