Culture Magazine Monday  16/07/2007 G Issue 207
تشكيل
الأثنين 2 ,رجب 1428   العدد  207
 
صدى لون
العولمة مرة أخرى!!!
محمد الخربوش

 

 

كنت قد تطرقت في هذا المكان مرات عديدة إلى هجمة العولمة هذا المسمى الذي اجتاح العالم وأحاله إلى قرية صغيرة كما يقال حتى أصبح بإمكان أي إنسان في هذه الدنيا الواسعة أن يتجول في هذا العالم من خلال أزرار الكمبيوتر وهو يحتسي فنجان قهوته في منزله أو مكتبه أو من أي مكان، وأمكن لهذا المتجول أن يعايش ما يجري في الصين مثلاً وكأنه يعيش بين ظهراني الصينيين وهكذا حتى أصبحت هذه العولمة سبباً في تلاقح الثقافات وصهرها في بوتقة واحدة وتأثر من يعيش في الشرق بعاداته وسلوكياته وتقاليده وأنماط حياته بعادات وأنماط وسلوكيات من يعيش في الغرب والعكس صحيح بما أفقد الهويات كما قلت وأذاب الخصوصيات وفرض أنماطاً وسلوكيات ومعطيات حياتية جديدة، وقلت أيضاً إن هذا التغيير شمل الكل بما في ذلك الفن التشكيلي الذي هو الآخر لم يكن بمعزل عن كل ما يجري في هذا الكون، وحقيقة الأمر أن هذه المعطيات التقنية المتسارعة التي فرضت نفسها على عالم اليوم هي واقع لا مفر منه شئنا أم أبينا وكان مصدر تخوفي وتخوف غيري ممن يعنيهم التشكيل هو غياب الأصالة والفرادة في ما يقدم من أعمال كنتيجة حتمية للتأثر وبالتالي أصبحنا أمام أعمال (ممسوخة أو قل منسوخة) من هنا وهناك حتى أنها جاءت تفتقد للهوية ورائحة وطعم الأرض والمنشأ حتى أن المتلقي أصبح حائراً بما يشاهده من أعمال، صحيح أن مقومات العمل الفني في الشرق هي التي في الغرب وصحيح أن توفر عنصر الجذب الجمالي هام هو الآخر لكن لا بد أن يدرك أن الفن رسالة وهو أيضاً مؤشر ثقافي هام أيضاً (روزنامة) توثيق للمعطيات الحضارية والثقافية والإنسانية لكل الحضارات، وبالتالي فإن ما يقدمه الفنان التشكيلي هو مرآة تحكي واقع أمته وحضارتها ومعطياتها عبر التاريخ. أقول كل هذا رداً على بعض الأحبة من الزملاء والأصدقاء الذين اعتقدوا من خلال طروحاتي السابقة في هذا السياق أنني ضد عجلة التطور أو مسايرة الركب التكنولوجي والتقني العالمي وأقول لكل الأحبة الأعزاء إننا نؤمن إيماناً تاماً بأهمية المعطيات التقنية ووسائل الاتصال الحديثة وإنها بالفعل فتحت آفاقاً جديدة ونوافذ واسعة للكل بما فيهم الفنان التشكيلي للاطلاع على ما يجري في هذا العالم الواسع والاطلاع على كل النقلات المتسارعة في كل المجالات بما فيها عالم التشكيل، مطالباً في الوقت نفسه الفنان أن لا يكون بمنأى عن مسايرة الركب وعليه الاستفادة من معطيات عصره وأن يوظفها بما يخدم فنه ورسالته الإنسانية والتاريخية والثقافية ولا يتم ذلك إلا من خلال ثقافة الفنان نفسه وقدرته على الفرز الواعي (والفلترة) المتواصلة لكل ما يطرح عبر وسائل التقنية الحديثة بما في ذلك الإنترنت والكمبيوتر والفضائيات ووسائل الاتصال المختلفة.

****

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7322» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة