Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
فضاءات
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 
من دفتر الجيب
نايف فلاح

 

 

في النهاية هي لحظة وسط بين الصحو والغيبوبة، لا يفتأ يتوسلها القلم، فيمضي مشياً ركضاً قفزاً إليها.. وإذا ما حان اللقاء سرعان ما ينكفئ أحدهما في الآخر..ساعتئذ يفنى القلم في اللحظة أو تفنى اللحظة في القلم..وبين البين تختتل الدواة لذاك اللقاء، فتحيل ما وسعها إلى كلمات ...ومن هذه الكلمات تلك التي سكنت دفتر الجيب، وقد أخذت لحينها، ثم نزحت عن مظانها، ونأت عن رصيفات لها ...ولما كانت، من قبل مشمولة في نطاق ومشغولة في سياقثم ندت من

بعدعنه فطبيعي إذن أن يبقى الاعتساف أبرز مظهر لها لولا أن روَضها هذا الدفتر، فعزلها عن شروطها وفصلها من ظروفها، حتى جاءت ذات منحى حلزوني أو قل إلى الحلزنة أوصف... واليوم كأني لا أعرف لها معنى بل لا أعرف لها معنى موصولاً بسبب، بيد أني توسمت فيها معاني أخر ..والذي يهم هو أن هذه الكلمات أمست بريَة من أوضاعها الأصلية مع بقائها على رائحتها، رائحة المواقف التي سنحت والخواطر التي جادت.

***

فور ما كشفت السر : انحسرت عن حومة الإثبات على كون الأديب ماهية أو آلة قارة في مغارة الإنسان..فمن هيمنت عليه هذه الحال - حسب قديم وهمي ? أديب بالقوة، غنيٌ عن إنشاء حرف واحد يقرر وجوده الأدبي انحسرت لأن راياتي أمست منكوسة قبالة واقع لا يوافق إلا من فهم اللعبة، لعبة من سوف يعرف أديباً ..إنها الكتابة. والكتابة لاغير.. فلا البطانة و لا الظهارة هما المهم..المه -وبأية صورة هو الوجود-..وجود يعني أو لا يعني ..هذا خارج الحساب.

فأنت حينما تكتب شيئاً لا يعني ؛ ثق أنه سوف يعني!!

لأنه سيأتي من يفهمه بل من يفتري له أو منه معنى !!

لا لا شئ سوى انه لا يعني..فكيفما تكتب فأنت أديب..

الضروري أن تكتب..أن تفهم اللعبة!!

***

إنها المرة الأولى التي جعل يتحرك في الوقت - غير المناسب طبعا- لكنه الأنسب نسبة إلى تواقيته المعتادة.. دائماً ما يتأخر، فهو متأخر حقاً، متأخر بالجبلة وعلى أقل تقدير؛ متأخر عن جيله عن أصدقائه..أنفق زمناً على هذه الحال لا محطة عنده يتحرك منها ولا هدف له يتجه إليه .

الحال التي تقوم فيه أو التي هو غائص فيها باتت مبعثاً لأترابه نحو السير والتفوق حتى صار لهم، عند أية سقطة أو فشل مأتى السَلو ومأمن العزاء..إلا أنهم في تعزيهم به يخمدون أمام بهائه وألقهإذ تفنى السنين وهم صعدٌ في أعمالهم وأعمارهم وفي أموالهم أيضاً..أما هو كما الرصيف ثابت الشكل رغم كثافة المارين فوقه..فليس من عمل يؤطر وضعه ولا أبناء يتزيَا بهم... ما حدث في هذا اليوم كان غريباً ؛إذ يعيش يوماً ثائراً أو أنه هو الثائر على اليوم.. لكنها ثورة كسيح لم يغادر الشعور بها..وحسبه الشعور ؛فذلك أضعف الإيمان!!

***

كلما جاءت سيرة الخرافة (الداروينية) في نشوء الإنسان أذكر صديقي (السمعة) فأؤمن لدقائق بتلك الخرافة.. فصديقي (السمعة) شهادة حسية لدارون بل ربما هو لا يزال في الدائرة الثالثة أو الرابعة من التقسيم الدارويني..تقوم هذه الشهادة في ملامحه الموصدة، وفي حركة البهلوان فيه، وفي فمه الذي يخرج الكلمات كصيحات القردة ؛(قصيرة مكتومة عالية)، كل شيء في

(السمعة) يشبه كل شيء فيه ..وهذا سر نقائه!!

nf1392@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة