Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
فضاءات
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 

المرأة واشكالية البنية الثقافية
محمد المنصور الشقحاء

 

 

في المبتدأ يقول جبران خليل جبران (وليحب أحدكما الآخر، ولكن لا تجعلا من الحب قيداً. وليكن حبكما بحراً يتهادى بين شاطي روحيكما) الحديث عن تنمية دور المرأة في تشكيل الحاضر يعتره ارتباكاً غير سائغ بسبب خوف كل طرف في بيان المؤثرات وتعليق هذا التخاذل بالمجتمع قد يأتي مع هذه الفرضية الحق، فنحن برغم مخرجات التعليم والتعلم نكرس فعلنا في إطار قيد مجتمعيه لم تعد قائمة ولكن نتحدث: عنها لنسوغ تدخلنا في تعطيل التنمية الاجتماعية والاقتصادية الجماعية لمصالح فرديه قائمة على العمولات التي يستفيد منها أصحاب المكاتب المساندة التي لا يتجاوز دورها دور رجل أمن الفنادق المكلف بفتح باب السيارة لنزول أحدهم.

المرأة العاملة في المملكة العربية السعودية تملك مقومات النجاح ودليل ذلك تنامي مؤسساتها الخاصة والأسرية، إذ نجد بعض بيوت التجارة تشرك الانثى بأدوار هامة مؤثرة وإيجابية تخلق الجديد الذي معه بسبب تعطيل الأنظمة وتدخل بعض موظفي الحكومة شكل ظاهرة المكاتب الخارجية لتتولى المرأة عبرها وقد تطورت وسائل الاتصال المشاركة في القرار وتولي القيادة.

كان لقاء بسيدة أعمال ناجحة تم تكريمها أخيراً وليس آخراً ونحن نتحدث رن هاتفها الجوال برسالة تدعوها لمشاهدة برنامج تلفزيوني صاحب الرسالة مشارك رئيس فيه لغة الرسالة ذكورية (ادعوك) وأرحب (برأيك) وأتمنى (ملاحظاتك) ولا أدري هل مرسل الرسالة لا يعي أن الرسالة موجهه إلى امرأة يعرف ثقافتها واهتمامها بقضايا المجتمع المدني كما هي ناجحة في شركتها، فمن الواجب وهو يبحث عن مشاهد عام تحييد أسلوب الرسالة (أدعوكم) و(برأيكم) و(ملاحظاتكم) وهو يرسلها لجنسين مختلفين فيسلوجيا.. المضحك أن البرنامج المطلوب مشاهدته عن العلاقة بين المرأة والرجل ودور الطلاق في هدم البيت.

لما تناقشنا في فحوى الرسالة قدمت لي صورة من شهادة التكريم التي حصلت عليها في الحفل الأخير وهي تقول في سطور الشهادة أكثر من خطأ طباعي ونحوي غير أخطاء ثقافة الوعي، فالاسم اسمي والمكرمة أنا لكن الخطاب التكريمي في عبارات وجمل الشهادة ذكوري.

قلت الخطأ جاء من معدي الشهادة.. قالت مبتسمة ولما لم يلاحظ الموقع الآمر فيعيد الصياغة.. قلت إنها الثقة السالبة في حياتنا.

المرأة في موقفها تجاه الصراع الاجتماعي تعمل بصمت، مع قدرتها على دخول الحلبة بما وفرته لها الحكومة من وسائل في مبتداها التعليم العام الذي يباهي تعليم الذكور كما أنها تحتل مكانها المناسب في التعليم الجامعي وتحظى بنصيب وافر في الابتعاث التعليمي وتنمية المهارات ورسم حياتها واختيار المناسب لقدراتها ومواهبها وميولها فلم يعد الفوارق مكان وإن كان هناك خطاب مدلس يغتال فرحنا من يوم لآخر.

وأصوات غبية في الصحافة والمنتديات الحوارية وداخل قبة مجلس الشورى تعلن حقوق المرأة وتطالب بإفساح المجال دورها وتنميته. وهذه أشد إيغالا في التخلف والفسق فالمرأة تعي دورها وأن هذه الأصوات مجرد ظاهرة صوتيه لا تملك هدفاً.

إذا نحن بين خطابات متخلفة تتجاهل تطور دور المرأة: من لبوه تدافع عن زوجها وإولادها إلى عضو في المجتمع منذ نصف قرن عبر الجمعيات النسائية الخيرية نواة مؤسسات المجتمع المدني في بلادنا بما شابها من ملاحقات ضيقت المقيد فتحولت من منتجة خدمية تساهم في التعليم المعرفي والمهني الاجتماعي إلى توجيه وتوعية لا تملك قرارها.

المرأة اليوم تملك العضوية الكاملة في المجتمع تجد نفسها في كل مكان تملك قرارها بمفهوم المواطنة المتساوية في الحياة والعيش الكريم والأنظمة تمنحها حقها في العمل ضمن الواجبات والحقوق متساوية مع الرجل بما لا يخالف الشرائع السماوية.

محزن أن تتحدث الوقائع في انتساب النجاح لتبني الآخر بينما النجاح واكب هدف نحن اخترناه والمحزن إن الاقتناع بهذا التصريح جاء كتوسل لقطف الثمار قبل موسم الجني.

وعلى مجلس الشورى بما يملك من سلطة استشارية عمل لقاء تحت قبته مع شرائح المرأة العاملة داخل المؤسسة الحكومية وعبر المؤسسات الأهلية في مجالات منتخبه لمعرفة المطالب والواجبات ولمَ المعوقات الحكومية غير واضحة ولمَ يسيء أفراد في الطاقم الحكومي إلى القوانين والأنظمة التشريعية بدون مبرر عندما يكون المراجع امرأة.

ولمَ لا ندرس إشكالية حقوق أسرة المرأة في المردود المالي للتقاعد الذي تعطله فتوى عدم جواز الحصول على مكافأتين بينما التقاعد من الحقوق، أيضاً لمَ هذا التفاوت في إجازة حق المرأة في إدارة عملها وتولي قيادة المنشأة التي تؤسسها بين دائرة حكومية وأخرى.

واختم هذه المقالة بقول آخر لجبران خليل جبران: (فإن حاجات الإنسان تتغير، ولا يتغير حبه ولا رغبته في أن يقضي هذا الحب حاجاته)، مؤكداً أن البنية الثقافية إمكاناتها تحول الوعي من مدرك حقيقي إلى وهم بسبب قوي المصالح الذي يتحكم في الوقع الراهن لحركة الوعي التنويري المرتبط بتنمية تديرها عقول غير فاعله.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة