Culture Magazine Monday  19/03/2007 G Issue 191
تشكيل
الأثنين 29 ,صفر 1428   العدد  191
 

في ظل الدعم الرسمي
التشكيليات ينافسن التشكيليين رغم بقاء غالبيتهن في حدود أعمال النقش والتزيين

 

 

قبل الدخول في ما نحن بصدده اليوم وهو إبداع الفنانات التشكيليات يجب الإشارة إلى أن تسميتنا لهذا الفن باسم (الفن النسائي) يأتي تبعا لما يتم تسميته به عند الكتابة أو البحث أو الدراسة حول الفنون التشكيلية للتفريق به بين جنس المؤدي وليس مستوى العمل، فالإبداع لا جنس له أو جنسية أو حدود سياسية بقدر ما يحمل رسالة إنسانية لكل الأعين دون ترجمة أو تحليل أو تفصيل، مع الاحتفاظ بحق الرجل في التواجد والحضور وتأسيس هذا الفن بكل ما يتعلق به من مدارس وأساليب، فعند العودة لتاريخ الفن التشكيلي نجد أن حضور الفنانين (الرجال) أقدم من تواجد التشكيليات، وهناك من البحوث ما يشير إلى أن أول بدايات ممارسة المرأة للفن التشكيلي كانت من خلال زوجات بعض الفنانين في أوروبا، ومع ذلك فقد حقق الفن التشكيلي (النسائي) من خلال نتاج يجمع كل ما يشترط فيه نجاح العمل الفني، وفي مقدمتها الفكرة يليها القيمة الفنية في التنفيذ.

إشكالية الفن التشكيلي النسائي

نعود للقول إن ما نعنيه بتسمية فن نسائي لا تتعلق بالإبداع وإنما بالمؤدي مع وجود إشكالية اختلاف الأداء، ووضع مقارنة بين الإبداعين الرجالي والنسائي وهو رأي عام على المستوى العالمي والعربي دفع بالفنانات على مختلف العصور إلى محاولة نفي هذه التفرقة التي تظهر الفن النسائي وكأنه ضعيف، متدني المستوى أمام إبداع الرجل لهذا سعى كثير من الفنانات لإقامة العديد من الندوات لإيجاد مخرج من هذه الإشكالية، منها ندوة بعنوان (إشكاليات الإبداع النسائي العربي في العمل التشكيلي، وملامح الخطاب التشكيلي لديهن) يتضح من خلال العنوان أن التشكيليات يعانين من تلك الإشكالية أو التصنيف، مع أن الكثير منهن قد تجاوز تلك المرحلة أو النهج الذي أصبح صفة غير مقنعة أو مقبولة لإبداعهن في مختلف روافد الإبداع ومنها الأعمال التشكيلية أو الأدبية شعرا وقصة وروايات أو في الأعمال السينمائية تمثيلا وإخراجا وتأليف، وقد تأتي تلك الصفة أو السمة أو الطابع الذي يغلب على أعمال التشكيليات ميلهن للتزيين والتزويق والاعتناء بالتفاصيل الدقيقة على حساب الفكرة إضافة إلى أن ما يقدم من خلال أعمالهن لا يتعدى المواضيع العامة ونقل الواقع بعيدا عن المغامرة أو التطرق للقضايا الأخرى فكراً وتقنية، كما نجدها في أعمال التشكيليين .

هذا الواقع لا يمكن أن يعمم فهناك من الأعمال الإبداعية لعدد كبير من التشكيليات العربيات بما فيهن أسماء في ساحتنا المحلية السعودية لا يمكن تمييزها أو الإقلال من قيمتها الفنية أو التقنية عند المقارنة بأعمال الفنانين، كما أن في أعمال الكثير من الفنانين ما يشابه ما اتصفت به الأعمال التشكيلية النسائية،

نساء في التشكيل العربيوقبل أن نستعرض بعض من ملامح الفن التشكيلي المحلي ونطل على هذا الواقع أيضا في العالم الغربي علينا أن نمر بشكل موجز على التشكيليات في عالمنا العربي ممن أخذن نصيبا من الشهرة نذكر منهن مبدعات يحق لهن أن يحملن وسام الريادة وتأسيس هذا المجال والأخذ به وفتح آفاقه أمام الأجيال التي أتت تباعا، ولكون المساحة لا تحتمل الإسهاب والتوسع في الحديث عن تلك البدايات مع ما نؤمل بتقديمه في كتاب قادم بإذن الله، فإننا سنشير إلى بعض الملامح أو نذكر ببعض الأسماء التي اشتهرت في فترة ولادة الفن النسائي العربي من خلال متابعات وقراءات متعددة نشرت في فترات مختلفة أجمعت غالبيتها على أسماء معينة مع وجود كتابات أو دراسات أخرى جاءت تباعا أضافت أسماء كانت غائبة عن الدراسات السابقة إلا أن قرب بدايات تلك الأسماء من بعضهن البعض أبقى لهن شراكة الريادة.

ويمكن لنا أن نستعرض نماذج مما أشير إليه في بعض تلك الدراسات دون أن نؤكد على أنها تمثل بدايات الفن النسائي العربي وإنما تذكير بأبرز الأسماء التي تواجدت في فترات متقدمه، ويستشهد بعض الباحثين بأسماء منها على سبيل المثال الفن النسائي الأردني الذي قادته وحملت لواء ريادته الأميرة الراحلة فخر النساء الذي امتد إبداعها إلى عام 1920م، وعرف عنها استلهامها للتراث ورموز الحضارة المعمارية والأنماط الإسلامية ومهارة ألوانها.

كما يأتي ذكر الفنانة العراقية نزيهة سليم التي ساهمت في تأسيس جمعية الفنون البصرية المعاصرة العراقية وقد استمدت خطوطها من التراث العراقي القديم، واستلهمت فنها من معطيات الفن السومري والبابلي والآشوري إذ تعتبر نزيهة سليم من أوائل الفنانات العراقيات المشاركات في النهضة التشكيلية التي بدت معالمها تتوضح في الأربعينيات والخمسينيات ولم تسبقها أو تعاصرها سوى الفنانة مديحة عمر التي أدخلت الخط إلى اللوحة قبل كل الفنانين العراقيين، وحاولت التنظير لهذا الإجراء.

وهنا ك أيضا الفنانة المصرية جاذبية سري كإحدى الرائدات الأوائل في الفن العربي في مصر وهي خريجة المعهد العالي للفنون الجميلة عام 1948. ومن فلسطين تمام الأكحل ومن سوريا ليلى نصير ومن الكويت موضي الحجي، إلى آخر المنظومة التي شملت مختلف الدول العربية وأصبح للفن النسائي من خلالها دور فاعل ومؤثر في الساحة العربية في الستينيات والسبعينيات الميلادية وصولا إلى ساحتنا المحلية التي سيأتي الحديث عنها في الحلقة الثانية.

التشكيليات والدعم العربي

هذا التحرك العربي للتشكيليات نتج عنه الكثير من الاهتمام من قبل الجهات المعنية الخاصة والرسمية في مختلف الدول العربية عبر المعارض والمسابقات وإشراكهن في مختلف المناسبات والمعارض الداخلية والخارجية يمكن القول إن أبرز تلك الاهتمامات خليجيا، معرض عيون عربية الذي يقام كل عامين للفنانات العربيات في الشارقة بالتناوب مع بينالي الشارقة الدولي للفنون، ويقدم لتجارب نسائية عربية في مجالات الفنون التشكيلية المختلفة، ويتم إقامة المعرض من خلال دعوات توجه للفنانات للمشاركة في هذا المعرض النوعي، ويقام على هامشه ندوة متخصصة، تلقيت أحد إصداراته الخاص بالدورة الثانية والذي تضمن أسماء كثيرة لفنانات من مختلف الدول العربية، مثل المملكة في هذا المعرض الأميرة الفنانة أضواء بنت يزيد ويمكن لنا أن نذكر بعضا من المشاركات مع تقديرنا للبقية لعدم وجود المساحة الكافية لاستعراض أسمائهن. فقد جاء في الإصدار كل من الفنانات الشيخة هلا الخليفة من البحرين، غريتا نوفل من لبنان، نجوى العشري من مصر، مليكه اكزناي من المغرب، أسماء لوتاه من الإمارات، أسماء فيومي من سوريا، إيمان إبراهيم من السودان، بشيره بو عزيزي من تونس. ساميه زرو من الأردن , سميره عبد الوهاب العراق . تأسست جماعة الجمان التشكيلية بدبي في اذار (مارس) 2006، وتقول الفنانات المشاركات في تقديم أنفسهن: اجتمعت بعض الفنانات التشكيليات العربيات على رؤية مفادها أن مثابرة الفنان على تطوير إنتاجه مهما اختلفت الأساليب تعد نواة للابتكار والإبداع، وقد تم اختيار اسم الجمان كمسمى له هدف عند الجماعة، فهن كحبات اللؤلؤة في عقد تنوعت حباته واجتمعت لتشيع الجمال والبهجة في إطار ثقافة تشكيلية معاصرة، وبالرغم من أن الفنانات جميعهن منتسبات إلى جمعيات تشكيلية مشتركة بين الرجل والمرأة، إلا أنهن ارتأين أن تشكيلهن لجماعة (الجمان) محفز لتكثيف الجهود للارتقاء بقدراتهن و إمكانياتهن الفنية، مما يخدم الأهداف السامية للفن التشكيلي.

وقفة

الأسبوع القادم نطل على بدايات الفن التشكيلي النسائي في أوروبا، ونستعرض بعضا من واقع تشكيلنا النسائي المحلي.

***

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«6461»ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة