Culture Magazine Monday  12/05/2008 G Issue 247
نصوص
الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1429   العدد  247
 
نعش المتاهة
علي حسين الزهراني

 

 

همس المكان أقلق محياه وخط الزمان جدب عروق يديه يعاني الأمرين مُرّ الوحدة وغربة الوحشة لديه أهل وخلان ولكنه الآن يرحل في مسافات النسيان ويحلم بفضاء يطير به من هنا.. وينخ ركابه هناك حيث الجمال وكم هائل من الآمال قد نسيها في لعبة الموت ونهاية الرحلة التقط ما خفّ وزنه و... ورقة قديمة بعد فجر تاه في ذاكرته واستلهم أيامه الخوالي وعصا الترحال تثقل خطواته وجهته دائماً أنى استدار! فجأة رأى جبلاً مكسواً بالإحمرار فسبقه قلبه إليه بحنينه وأشواقه.. حاول الصعود مرات كثيرة حتى أرهقه حبات الندى من جبينه فجلس ليستريح ويأخذ نفساً عميقاً في يمينه دلو وماء وكسرة خبز.. حتى أخذ كفايته وهو هائم بجمال الغابة وأشجارها الوارفة الظلال، فمرّ من أمام عينيه شريط ذكرياته تذكر معاملة فلان وطلب شفعة ابن فلان وصباحات يومياته وكم هائل من مراجعيه وموظفيه (ياه عالم من الحياة) وبدأ يتقمص العم منقاش والأنيق مرعي والإخوة سليم وسالم وسلمان.. حتى قال مشحان: لقد عملتُ بجد واجتهاد خدمتُ الكبير والصديق ولا بد أن أرتاح وأترك الكرسي لحيوية الشباب، هذه رسالتي أديتها على أكمل وجه وعُمل لي احتفال في مكتبي وقيلتْ لي الأشعار ماذا أريد لعد؟! حتى قرأ مشحان في صراخ غريب:

هذا المدير الذي تترى شمائله

سليل الأماجد من ورد الرياحين

خدمت بجد وإخلاص مخضبة

عطر مشحان وأنفاس السلاطين

***

وسقطت دمعتان على الورق فاختلطت الحروف وتنافرت وبينما هو يئن من الألم سمع صوتاً قطع نحيبه وارتعدت فرائسه كلما ارتفع صراخ ذلك الصوت ومشحان يحاول رفع رأسه وكأن صخرة جثمت على رقبته تلك اللحظات القاتلة لا بد من قطعها باليقين خصوصاً أن ذلك الصوت هدأ قليلاً فلملم أنفاسه المبعثرة ورأى دهشاً طيوراً تحملق فيه ونغمات الهديل تطبطب على كتفيه وبدأ ذلك الصوت يزأر أكثر فأكثر فأطلق ساقيه للريح وكذا معزيه ظاناً أنه ابتعد.. ولكن ذلك الصوت لا يريد أن يفارقه حتى ملّ ورفع يديه إلى السماء يناجي ربه، وفجأة تذكر أن ذلك الصوت يعرفه جيداً فقال: آه آه.. إنههههها نغمة رنين جوالي!! فرد ضاحكاً نعم ماذا تريدين قالت: (1) فينك يا المغزول فين غديت...!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة