Culture Magazine Thursday  09/07/2009 G Issue 291
فضاءات
الخميس 16 ,رجب 1430   العدد  291
عفواً إنها الحقيقة
المنجز الأدبي متى.. وكيف؟
قماشة العليان

 

يتساءل الكثيرون متى تنتهي روايتك الجديدة؟ وتتعدد الاستفسارات بمختلف الصيغ، وكل الطرق تؤدي إلى روما.. ذات السؤال يتكرر... أفتح الإيميل فأجده في كل إيميل تقريباً، في اللقاءات والاجتماعات والندوات يوجه لي نفس الاستفسار.. كل عدة أسابيع تقريباً يسألني الناشر (هل انتهت الرواية؟).. يسقط في يدي ولا أجد أفضل من الوعود القريبة وأشعر بأنني كمن تعد طبقاً جديداً لا يستغرق منها سوى إعداد المقادير ثم مزجها وتجهيزها..

والحقيقة أن كتابة الرواية ليست عملا سهلا على الإطلاق فهي تفرغ تام للحياة في عالم آخر يختلف تمام الاختلاف عن حياة الكاتب، ومعايشة لحظات الحلم والأمل بكل تفاصيلها وإرهاصاتها يوماً بيوم ولحظة بلحظة يغوص في أشخاصها ويعيش داخلهم ويعرف كل شيء عنهم، ماضيهم، حاضرهم ومستقبلهم... ماذا يفكرون.. أحلامهم وأمانيهم، آمالهم وتمزقاتهم..

فالإبداع هو خلق وممازجة بين الإحساس والرؤى ومعايشة الواقع.. فأنا لا أطارد فراشات ملونة أو التقط صوراً طبق الأصل من الواقع وقد قال نجيب محفوظ (الحجر في الجبل لا قيمة له إلا عندما نوظفه)، وقال فلوبير (المؤلف ينبغي له أن يكون حاضراً في كل مكان ومرئياً في غير مكان).. فكل مشهد من مشاهد الرواية يحتاج إلى تفاصيل والتفاصيل تحتاج إلى كثافة تصويرية ومعايشة خارج الواقع وانفصال زماني ومكاني وأنت جالس في مقعدك.. وكثيراً ما يرى المؤلف يحدق في الحائط مدة عشر دقائق وهو صامت!! فالرواية معايشة وحياة وتحتاج إلى صبر وشجاعة وجهد.. وانسلاخ من الواقع إلى أسراب الخيال وبطاقة إقامة دائمة في عالم متخيل ينفصل فيه الروائي عن حياته العامة ليعيش بين أبطاله تؤلمه أحزانهم وتشجيه دموعهم ويفرح لأفراحهم...

أحلام مستغانمي تمضي (5) سنوات في كتابة كل رواية والكاتب الفرنسي فولتير أمضى خمس سنوات في تأليف رواية (مدام بوفاري) والكاتبة الأمريكية (كارلين كوين) كتبت روايتها (عبر مرآة سوداء) في خمس سنوات أيضا وقالت تعليقاً على ذلك أنها قرأت حياة الشخصيات من جميع النواحي.. وطالعت كتب الطهي وقواعد الإتيكيت والسلوكيات والأخلاق والأغاني الشعبية والنكت والخرافات التي دارت في زمن أبطال الرواية وزارت كل المواقع والقصور والحدائق والشوارع للإلمام بمكان أحداث الرواية..

فالرواية ربما تستغرق عاماً واحداً أو أكثر حتى عشرة أعوام، وليس اقل من ذلك حتى لا تكون عملية

(سلق بيض)..

عموماً الرواية عالم رائع من المتعة والأحاسيس الجميلة التي تنقلك إلى أجواء وعوالم لم تطأ عليها قدم ولم يجوسها بشر.. عوالم من الخيال الخالص المحض موشى بخيوط نورانية من الواقع الجميل... لذلك يحلو معها الجهد وتمر معها السنوات كالأيام...

الخبر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة