Culture Magazine Thursday  09/07/2009 G Issue 291
شعر
الخميس 16 ,رجب 1430   العدد  291
سكن الغبار على بريدي
د. علي حداد

 

(إلى الراحل: د. جلال الخياط)

سكن الغبار على بريدي

وتطاولت أنفاسه حجراً يند إذا مددت يدي،

لأقطف زهرة المشتاق.. أسكنها نشيدي.

سكن الغبار على بريدي

وتباطأت عني خطى الأحباب والأصحاب،

لا وجهاً يهلّ، ولا تحيات ستطفئ جمرة الأشواق

في صحوي، ولا وعداً يطل.

يا أيها القلب المعلق بانتظار رسالة منهم

لقد تركوا حنينك مالح الذكرى

يفتش في الفراغ.. عن الوعود.

سكن الغبار على بريدي

وصار ما يأتي من الود القديم - إذا أتاه -

بارد الأنفاس، مختصر المشاعر

لامعاً في الشاشة البيضاء

ينأى حين تدعوه، لتعرف:

خط من هذا؟!

وعاطفة لمن هذي؟!

وأشجان الحروف بأي حبر سطروها

فبدت محايدة المشاعر.. كالجليد.

سكن الغبار على بريدي

يا سيدي...

يا أيها المجبول من عطر، ومن فلق وحيد.

أدري بأنك متعب

وبأن (لندن) بردها قاس على كفيك.

لكنه وجع تناهب عشب روحي

واحتز حنجرة الصهيل.. من الوريد إلى الوريد.

يا سيدي...

انتفخت حقائب شوقنا

حتى احتوى قاماتنا زمن

تموه بالظنون

وبالأحبة يرحلون.

زمن يبعثرنا بكل حنيننا، وسنيننا

وشجوننا، وسجوننا... إلى البعيد، إلى البعيد.

يا سيدي...

كم أرمضتنا هذه الأنات نكتبها

وهذه الدمعات نكبتها،

فتذبل بين طيات المعاطف، والمخاوف، والقلوب

لتجعد الكلمات فوق وجوهنا

ولتترك الأعمار كالشرفات... ذابلة الورود.

سكن الغبار على بريدي

يا سيدي...

هلا تجاهلنا معاً - وللحظة -

هذا الغياب المكفهر

وتركت بابك مشرعاً للبوح

يشرق... مثل ترتيل سماوي أكيد.

يا سيدي...

وطن الغريب وجوده، والذكريات تعوده،

ورسالة تأتيه من أقصى التمني

فانثر على بددي حديثك طازجاً

قل مازحاً:

- (لندن) معي في كل يوم

تستعيد شبابها... وأنا أشيخ.

قل ساخراً:

- الناس في هذي البلاد

يدهم على غدهم، وأيدينا مهومة

على الماضي التليد.

أو قل حزيناً:

- كلما أمعنت في الرؤيا

تساقط غيمها وجعاً يباغتني، فأصحو.

أو قل - على محض التذكر:

- من هاهنا مرت خطى السياب مثقلة الوجيب

وها هنا خطت يداه:

(لو جئت في البلد الغريب..)

يا سيدي...

قل ما تشاء...

خذني وصوتك للمزيد

فكله حلو حديثك،

شائق المعنى،

ومكتنز الدلالة

قله،

وضعه على قصاصة بسمة جذلي

واذهب لكي ترتاح

في قبر قصي لن يجف ترابه

واترك يداً من هاطل الذكرى تجيء

لتطرد الحزن المقيم على لساني

والغبار المر... يسكن في بريدي.

صنعاء

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة