Culture Magazine Thursday  09/07/2009 G Issue 291
الثالثة
الخميس 16 ,رجب 1430   العدد  291
إمضاء
الشيخ

 

** يزينه العلم والتسامح والوفاء، وما يُلقَّاها إلا من صفت نفسه للدرس، وحملته همته على السمو، وأيقظته ذاكرة القلب التي لا تنسى، ونحمد الله أن رأيناه بيننا: قاضيا ومؤلفا ومدرسا ومنقطعا لأعمال الخير؛ فبارك الله في عمره وعطائه.

** قبل خمسة وتسعين عاما (1335هـ) ولد في (عنيزة)، وصار قاضيا في العشرين من عمره، وكان المسار الأهم في حياته ملازمته العلامة الإمام الشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي 1307-1376هـ فأفاد من أدب درسه ونفسه؛ فعرف شيخنا بالتواضع ، وسعة العلم، وبذل الجهد، وإنزال الناس منازلهم، وتقدير الصغير مثل الكبير، وامتاز - بين أشياء - بحرصه على تراث شيخه العظيم أبي عبدالله السعدي، ولو لم يقم إلا بنشر المراسلات العلمية التي تمت بينهما لكفاه؛ ففيها قضايا ومسائل لو توافر على تحقيقها دارس جاد لقدم منها بحوثا ذات دلالات شرعية واجتماعية لمرحلة شبه منسية في التوثيق التاريخي الحديث، وامتدت فيها الاستفتاءات والتداخلات بحجم المسافة الفاصلة بين عنيزة حيث الشيخ السعدي -رحمه الله- وجازان حيث كان يعمل الشيخ ابن عقيل -حفظه الله-.

** في كتاب (الأجوبة النافعة على المسائل الواقعة) -بتحقيق وتعليق الشيخ هيثم جواد الحداد - إشارات وتوقفات تظهر جمال التواصل بين التلميذ وأستاذه؛ فهذا يسأل وذاك يجيب، وهذا يستفسر وذاك يشرح، وهذان يلتئمان في مشهد ثقافي نادر لقراءة أحوال البلد، ومناهج التفكير، وأساليب المعالجة، وفيها ذكرى لمن يعي المتغيرات ويتابع المستجدات.

** يروي الباحث الأستاذ فايز بن موسى الحربي أن طلبة علم أتوا إلى الشيخ ابن عقيل ينتقصون من قدر عالم الحديث الشيخ الجليل ناصر الدين الألباني -عليه رحمة الله- فصدهم بلطفه، وأثنى على الألباني بما يستحقه، ودافع عن مواقفه الإسلامية، وعن دوره العظيم في حفظ وتصحيح السنة النبوية المباركة حتى صار مرجعا معتدا به للصحيح والضعيف، وكذا أنصف الشيخ العقيل أحد مجايليه، مثلما وفى لشيخه الراحل، وبمثل ذلك يُعرف الرجال، كما ذكر الحربي تسامح الشيخ وسعة أفقه أمام بعض القضايا النازلة، وألمح إلى روحه العذبة وبعض من شعره الإخواني الرقيق.

** قبل سنوات يسيرة أقام مركز ابن صالح الاجتماعي ندوة عن الشيخ السعدي، ودعا الشيخ ابن عقيل، ورغم إقامته في الرياض، وتجاوزا لمشاق السفر والسهر والكبر فقد حضر مبكرا، وشارك في التعليق، وروى طرفا مما يعرفه عن العلامة الإمام، ولعله عاد في ليلته؛ فالوفاء لديه ليس ادعاء تقوله الألسنة بل ممارسة يعيها القلب والعقل والجوارح.

** الشيخ عبدالله وصل إلى أعلى درجات السلم القضائي، وتقاعد قبل أكثر من ثلث قرن، وظل في مسجده موفرا وقته للمستفتين والدارسين غير راغب في الظهور والحضور؛ فيكفي أنه يقوم بما يرضي الله، غير ملتفت إلى ما يتسابق حوله الطامحون والطامعون.

* العالم قدوة


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة