Culture Magazine Thursday  21/05/2009 G Issue 284
فضاءات
الخميس 26 ,جمادى الاولى 1430   العدد  284
تحليل ثنائيات خطاب القبيلة والقبائلية -5-
ثنائيات الضوء والصوت/ وقانون التشكيل النسقي للصورة
سهام القحطاني

 

18زتحل

وأقصد بها (القاعدة الاحتوائية التي تصمم للجماعة تصورا ثقافيا يعبر عن خصائصها ومميزاتها من خلال تشكيل الصورة النسقية بمؤثراتها الخاصة).

أو كما يصفها الغذامي (بالمعنى الافتراضي) أو (المنظومة الذهنية) وهي تسعى إلى تشكيل مجموعة (صفات في الطموح والمغامرة والكفاءة الفردية والانجاز الذاتي والتفوق بالمنتج وقوة البأس والإرادة (- ص14- ويصفها أيضا (بالمخترع الثقافي) أي أن الرمز الأصل (هو رمز تختلط فيه الوقائع ويأتي الخيال ليكمل الصيغة عبر تركيب تصور أصلي يجمع بين النسب والحسب،.. بين ما هو خيالي وادعائي) - ص 22- و(انتساب ذاتي مبني على متصور مجازي يفعل مفعولية الروابط في النسب) - ص 41- و(الابتكار الثقافي) فالناس إذا لم يجدوا ملحمة تاريخية تسجل لهم أحسابهم ابتكروا معنى رمزيا يمنحهم قيمة في أنفسهم وفي تصورهم لمعاشهم) - ص 33-

كما يصفها (بالصناعة الثقافية) أي أن (البشر تصنع لنفسها نموذجا رمزيا من منظومة الحسب والنسب وعلاقة هذه الثنائية بالمجد والسلطة والتنافسية) - ص 24-.

وبذا نجد أنفسنا أمام خمسة مصطلحات تعريفية لهذه الثنائيات عند الغذامي هي (المعنى الافتراضي، والمنظومة الذهنية، والمخترع الثقافي، والمبتكر الثقافي، والصناعة الثقافية)، تتحقق من خلال ممثلات هي (النسب والحسب، والعرقية، والعنصرية، والتناكر والتعارف، والصراع والتعايش، والمعاش والمعاشرة، ووسائط مختلفة تُشكل الصورة النسقية وهي الرقص والغناء والموسيقى والملابس واللغة والشعر والملاحم والعُملات والقوانين والألعاب والوجوه).

وتحقق خصائص هذه الثنائيات وهي (الدلالة المجازية والموروث والخيال والإبداع والتأليف والتمثيل الرمزي لقيمة الكفاية والكفاءة). الأشكال (1-2-3-4)

كما أن هذه الثنائيات عند الغذامي تعتمد على قانون التشكيل النسقي للصورة، وهو قانون يقوم على تحويل المعطى البياني (المتصور الثقافي) مؤلف قاعدة المكونات إلى (صورة النسقية) من خلال مؤثرات خاصة، أي تحويل المكونات إلى خطة إجرائية لتنفيذ الهوية من خلال الممارسة يومية التي تٌحرك حامل التفاضل تحت ضوء وصوت التنافس والمجد والسلطة، فالحلم الجمعي كالحلم الأمريكي ما هو سوى تسويق للصورة النسقية التي تتضمن المتصور الثقافية، والقوة العسكرية والاقتصادية والثقافية هي مؤثرات الضوء والصوت التي يتحرك في ضوئه الإعلان عن تسويق تلك الصورة النسقية، وكل جماعة تملك القدرة على صناعة مؤثرات الضوء والصوت لتسويق صورتها النسقية من خلال الممثلات المختلفة والوسائط المتعددة، وحينها فالحلم الجمعي يعادل الملاحم التي يختزنها مخيال الجماعات الذي ينطوي (على قصص عظمى شكلت لها البنية الأساس في المجد أولا ثم في السلطة والتنافس) -21-.

إن السلطة والتنافس والمجد هي المؤثرات الحسية التي تعطي للصورة النسقية رمزية التفاضل، وهي تختزن بدورها الرمزيات المعنوية والقيمية للبناء الافتراضي أو المنظومة الذهنية أو المخترع الثقافي التي تشكل (رمزية أسطورية تبعث نسق الهوية وتؤكده باللون والصورة والكلمة) لتصير (مرجعيا لتشكيل الهوية وبناء النسق وتغذيته بالمادة الضرورية لبقائه ومفعوليته) - ص 49-، وبذا يمكن تعريف الصورة النسقية بأنها (مجموع الوسائط التي تعبر عن منظومة الوعي النوعي (النسقي) الذي تفرضه الجماعة وفق شروط متصورها الثقافي باعتباره رمز للكفاية والكفاءة الاجتماعيتين) والوعي النسقي عند الغذامي هو وعي غير محايد وإقصائي، وبذا تصبح الصورة النسقية معادلا للهوية.

أو كما يعرفها الغذامي (منظومة العلامات الثقافية) (تجمع خلاصة تصورهم لموقعهم في الوجود ووظيفتهم في الحياة، بما أنها نظام حماية ونظام سلوك) -32- لتعطي (للإنسان معنى يشرح دلالات حياته) -50- لبناء قواعد نظامه التصنيفي بحيث (تصبح معها الأسماء والألسنة مادة لتمييز شخص عن شخص، ثم تصبح مادة لضمائر أخطر من ضمائر الذات أي:نحن وهم) -50- وبناء تلك القواعد يتم وفق المتصور الثقافي للرصيد الجمعي (من التجارب المتوارثة) -50-

ويمر قانون التشكيل النسقي بمرحلتين تحليليتين تضمان أربعة أطوار، والمرحلتان هما (المعطى البياني) و(المعطى النسقي) والمرحلة الأولى تمر بطورين، تحديد الدلالة البيانية وتمثيل الدلالة البيانية، والمرحلة الثانية تمر بطورين، تقسيم الدلالة التمثيلية وتأطير الدلالة التمثيلية.

وهذا القانون يأتي بعد قانون الاحتباس الدلالي. الشكل رقم (5)

وتعتمد قاعدة المتصور الثقافي على حتمية التنوع والتعدد (تنوع الألوان وتنوع اللغات وتعدد الأرصدة الثقافية) -259- وذلك التعدد والتنوع هو الذي يرسم إطار الصورة النسقية ومؤثراتها من خلال حس الجماعة بمصدر التميز أي (اللون واللغة والثقافة) -259-، وكان ذلك الحس بالتميز هو الدافع للبحث عن (أصل ثقافي افتراضي يحاكي نموذجا استعلائيا) 259- ليصبح موضوعا للصورة النسقية في تمثيل مؤكد يُشعر أي فئة (بأن ما تملكه من سمات هو خاصية ترتفع بها عن غيرهم الذين لا يملكون الخاصية نفسها) 265- وبذا تقوم الصورة النسقية بوظيفتين: وظيفة الإحالة (إلى المنظومة الأخلاقية الافتراضية في السلوك (-260- ووظيفة تمثيل) المنظومة الافتراضية حالة من التوقع الدائم والتمثل المنتظر)-260-.

و العلاقة بين المتصور الثقافي والصورة النسقية عند الغذامي تمر بمستويين يحققان وظيفتي الصورة النسقية ويسيران وفق مراحل قانون التشكيل النسقي.

فالمستوى الأول هو تحويل بيانات المتصور الثقافي إلى نظام، والمتصور الثقافي هنا هو معطى بياني) الفضل والتميز (-249- والصورة هنا كحاصل المعطى البياني) نظام ثقافي ترميزي ينبني على الموروث الإبداعي،.. وهي تأسيسات عقلية وذوقية تفرض صفات مطردة تقوم على فرضية النسب والحسب وتعززه ذوقيا مثلما تبرره عقليا (-249-).

والمستوى الثاني باعتبار المتصور الثقافي معطى نسقي (متعال ومنفصل) -19- والصورة النسقية كحاصل لذلك المعطى تسعى إلى (صناعة الأنا في مقابل الآخر) أو تشكيل) حزمة نسقية تصنيفية وإقصائية)-19- لها (مفعولية واقعية في حياة البشر وسلوكياتهم،.. تظل تتحكم في رؤية الناس لأنفسهم وفي نظرتهم للآخرين)-42

الشكل رقم (6)

ولاشك أن الصورة النسقية كمعادل للهوية تحقق للجماعة فوائد عدة هي كما ذكرها الغذامي

(مواجهة الهوية المركزية بهوية بديلة تقاوم وتناضل في حكاية درامية متعددة الأغراض) -ص50-، وهي (شرط التعارف) - ص89 -، وتمثيل الجماعة (للعلاقة الطبيعية بين الإنسان وشعوره الوجداني) –81-، لتحقق له (ميزة رمزية بأفضلية ستزول عنها لو..وصارت إلى التساوي)- ص 118- ونظام (اجتماعي يقوم على أساس ثقافي وسلوكي وأمني واقتصادي)-159-، أي توفير رمز للكفاية والكفاءة للهوية الخاصة، بناء على نوع من الاستجابات الأسطورية المنبعثة من الخبرة الأولى كجواب على تحديات تواجه الإنسان (-212- في حالاته المختلفة تضمن حقوق) المهمشين والمحروقين والمسكوت عنهم مع (ظهور ثقافة الهامش وثقافة التنوع)-214-.

وتستمد الصورة النسقية قيمتها كما تعتقد الجماعة أو الفرد من كونها تمثل ارتباط عضوي بمنظومته الإنسانية وهو ما يحول الصورة النسقية إلى منظومة قيمية افتراضية معيارية تمثل (مقياس الرفع والخفض، وكل قيمة تصبح حينئذ علة للدونية)-244- ويجعلها (عاملا حسما في تشكيل الجماعات العرقية، لأنها تحفز الأسباب القديمة والتصنيفات التقليدية لاستغلال الظروف الراهنة من أجل الدفع باتجاه الفرز الاجتماعي) - ص 49- وعامل ابتكار ثقافي لقيم (إضافية بواسطة منح الكلمات دلالات مزدوجة) -ص15 وهي بذلك تحول المشتركات الإنسانية إلى ثقافة طبقية يسميها الغذامي (العنصرية الثقافية).

والثقافة العنصرية هي التي تٌحرف الهدف الأولي للصورة النسقية من هدف تعارفي إلى هدف تمييزي، ومصطلح التحريف يعيدنا إلى مفهوم القبائلية وهو ما يعني أن الصورة النسقية عندما تتحول إلى غاية تمييزية تُصبح معادلا للقبائلية، كما أن الصورة النسقية كلما تعمدت تكثيف مؤثرات الضوء والصوت من خلال تمجيد (تمييزات لغوية وعرقية ومعتقدية) -47- حصرت من خلاله (سلوك البشر وثقافاتهم) -47- نحو أنفسهم ونحو الآخر وهي حصرية تُفضي (إلى التمييز وليس إلى المنافسة) -47- و(تحويل التعارف إلى تناكر والتقارب إلى تخالف)-47-.

إذن ثنائيات الحسب والنسب والعنصرية والعرقية والصراع والتعايش والتعارف والتناكر هي من تصنع الضوء والصوت للصورة النسقية أي (اصطناع الهوية وتحسينها ثم تبنيها سياسيا مثلما هو تبن اجتماعي وثقافي)-48-.

فصناعة الضوء والصوت للصورة النسقية عبر ثنائياتها هي التي تحوّل تلك الصورة إلى منظومة قبائلية.

الشكل رقم (7)

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7333» ثم أرسلها إلى الكود 82244

جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة