Culture Magazine Monday  26/01/2009 G Issue 268
أوراق
الأثنين 29 ,محرم 1430   العدد  268
سبعون..
خالد الخنين

 

عنوان كتاب لشاعر المهجر الأديب العربي اللبناني -ميخائيل نعيمة- أصدره بعد أن بلغ السبعين من عمره وشعر أن باقي أيامه أصبحت معدودة، وأن الموت قاب قوسنين أو أدنى.

تَدُبّينَ دبَّ الوهن في جسمي الفاني

وأسعى مُجداً خلف نعشي وأكفاني

وعاش بعد إصداره لهذا الكتاب قرابة الثلاثين عاماً، صدرت له خلالها مجموعات أدبية وشعرية بلغت الخمسة والعشرين كتاباً، وشارك في العديد من الندوات والأمسيات، والمواسم الأدبية والفكرية والثقافية. متنقلاً بين العديد من عواصم العالم. حتى قضى عام.

وقبل -نعيمة- وقف الشاعر العربي القديم (عوف بن مُسْلِم الخزاعي) يمدح عبدالله بن طاهر قائد جيش المأمون.. مبدياً أساه وتحسره حيث حولته السنون من القوة ضعفاً، ومن الوقوف تحت أسنة الرماح إنحناءة ووهناً...

يا ابنَ الذي دان له المشرقان

وأحرز النصرَ به المغربان

إن الثمانين - وبُلِغِّتَها -

قد أحوجتْ سمعي إلى ترجمان

وبدّلتني بالشِّطاط أنحنا

وكنتُ كالصعدةِ تحتَ السنان

فقر باني بأبي أنتما

من موطني قبل اصفرار البنان

وقبل منعاي إلى نسوة

مسكنها (حرَّانُ، والرقتان)

ويُنْسَأُ له في أجله ليعيش زمنا يرى فيه العديد من الفتوحات والانتصارات في عهد الخليفة المأمون.

وذاك الشاعر (القروي) سليم رشيد الخوري الذي قيل إنه مات على دين الإسلام ونطق بالشهادتين قبل وفاته.. لما أحس بدنو أجله، وقرب فنائه توجه إلى موطنه -سورية- والقى في دمشق رائعته المشهورة...

بنْتَ العروبةِ هيئي كفني

أنا عائدٌ لأموتَ في وطني

أأجودَ من خلف البحار له

بالروح ثم أضُنَّ بالبدن؟

وقد مُدَّ في أجله إحدى وعشرين سنة بعد إلقائه تلك القصيدة. وكتب أجمل القصائد في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم. مشيداً بالفتح الإسلامي والحضارة الإسلامية.

ويقف على الجانب الآخر (وجيه البارودي) شاعر حماة وطبيبها هازئاً من وحشة الشيخوخة وتراكم السنين بعد أن بلغ التسعين من عمره. ويرى أن هذه المرحلة هي بداية الشوط الثاني في حياته..

قالت: مع التسعين أنت مؤهل

للعيش بعد الجهل بالإيمان

فأجبتها (التسعون) شوط أول

لي بعدها في الحبِّ شوط ثان

أنا للمئين مراهق لا تعجبي

من شرتي، سأظل في ريعاني

سترين ما يرضيك أو فوق الذي

يرضيك ما سيجيش من بركاني

أنا لا أغالي صدِّقي أو كذبي

فلدى امتحاني ينجلي برهاني

قدرٌ يسيرنا ثقي وتأكدي

أنا بعون الله منتظران

لا أعنفُ الأخطارِ تثنيني ولا

طولُ المدى كلا ولا حرماني

فالحسنُ في طغيانه، والحبُ في

إعصارهن والشعر في إبِّان

وفي هذا العصر الذي يشهد قفزات متسارعة في الهندسة الوراثية.. يبدو أن (مراحل الستين، والسبعين) ستكون بداية الشوط الثاني.. إذا اقتضت مشيئة الله ذلك، وصحت الأبدان من علل الأمراض، وعمّر الإيمان بالله قلوب البشر وسادت المحبة، وانتفى جبروت الظلم والطغيان.

الرياض k-alkhonin@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة