Culture Magazine Monday  23/04/2007 G Issue 196
مراجعات
الأثنين 6 ,ربيع الثاني 1428   العدد  196
 

استراحة داخل صومعة الفكر
سعد البواردي

 

 

قصائد في ذاكرة الوطن

عبد الله الحميد

160 صفحة من القطع الكبير

(1-2)

ذاكرة الوطن تتسع لكل الأشياء.. إنها المخزون الذي يستوعب كل الطموحات, وجميع الإحباطات.. والإسقاطات.. يفرزها ثم يبرزها من خلال عرض فوتوغرافي جغرافي وديموغرافي تبين معه ملامح الصورة الجميلة منها.. والدميمة.. وما هي بين بين.

شاعرنا الحميد من مخزون ذاكرة الوطن.. ومن فرائد ذاكرته الشعرية، وملاحقته لحصاد غيره شاء له أن يجمع نماذج لشعراء قدموا للوطن نفحات شعورية تزخر بالنماء.. والانتماء. والعطاء.. كما تفضل مشكوراً وجمعها يحسن بي تناولها من خلال عرض هادئ يستبطن ويستوطن جماليات صورها ومقاصدها.. وبشيء من الاقتضاب غير المخل.. وغير الممل.

بداية.. مع شاعرنا أحمد سالم باعطب في مقطوعته (وطن يسعى إلى المجد) يقول:

وما أرضنا إلا الرياض ترعرعت

عليها أمانينا سلاماً ومغنما

فما أنبتت إلا شهاباً وكوكبا

وما أرضعت إلا غيوراً ومسلما

نزعنا خوافي المعتدين فكبكبوا

وقد بلغوا أمراً من الشر مبرما

أتونا بأثواب تفوح خيانة

وألسنة تجتر من جوفهم دما

هذا صوت وطن لا ينزع إلى الصمت.. ولا يفزع من غوغاء الصوت.. وإنما ينطق بثقة المؤمن الذي يحذر ويحاذر.. يدافع ويجاهر دون خوف.. إنه يحاول كشف أقنعة لأبناء أعداء.. ولأصدقاء أعداء.. ولغرباء أعداء يتربصون بأمن وطن هو موطن الأمان والإيمان.. وأرض الإسلام والسلام.

(في صمتها يتخلق الموطن) قصيدة أحمد الصالح الذي سافر بها خياله كمظلة شعورية تطوف في سماء وطنه حباً وعشقاً:

أراكِ تطلين من شرفة القلب.. فافترشي ثومة القلب أرضا

ومدي عليك الشفاف سماء..

لك البيد تخفق ملء السراب..

لها الأفق المتكأ.. والزمان المدى.. والضياء البصر

جميل ما قلت.. وأجمل من الجميل أن تحل السحاب محل السراب.. السراب بقيعه يحسبه الظمآن شيئاً فما يجد إلا مضاعفة الظمأ.. وحسرة التجوال..

(قراءة في وطن الضياء) للشاعر أحمد العرفج.. يقول فيها:

وطني.. ابتداءات الزمان

ورعشة الأشواق في مهج المدى

وطني أمان الخائفين.. ودفقة الماء الزلال

على ارتعاشات الظمأ

ووطني.. ووطني.. وطني كثيرة تلك التي رددها في شوق بصياغة حديثة.. وحداثة مقبولة.. التراب أرضيتها.. والتراث تاريخها.. والحب قطبها المتحرك..

(سيد الصحراء) عنوان للشاعر أحمد عبد الله بيهان:

رؤى تهب للوجدان نشوته الكبرى

تهل كأطياف البشاشة بالبشرى

أطلت من الماضي السحيق كهالة

من النور تحوي بين لألائها بدرا

من الكوكب الساري المحاط بموكب

من الزهو ما أخلى التألق والمسرى

قصيدة طويلة تتحدث عن توحد بلادنا.. ورفع راية توحيدها على يد الباني المغفور له الملك عبدالعزيز.. ملاحظتان.. أولاهما في الشطر الأول من القصيدة (رؤى تهب للوجدان) والصحة (رؤى تهب الوجدان)، والثانية في شطرها الثالث والأخير (ما أخلى) والصحة (ما أحلى).

الشاعر البحريني المرحوم أحمد بن محمد الخليفة ساهم بأنشودته الوطنية تحت عنوان (تحية إلى الرياض):

قالوا الرياض فغنى القلب وابتسما

لأنها للضواري معقل وحمى

يشتاقها الطرف أن لاحت مرابعها

خلف السراب تثير الشوق والهمما

أهذه أنت؟ ما أبهاك في نظري

صنت الأواصر في الأنساب والرحما

فيك البراءة ما شابت طهارتها

شوائب كلما رجس الهوى هجما

(الضواري) أخشاها على رياضنا كملجأ.. اصطفي لها أن تكون هكذا؛ (لأنها معقل لا ينثني. وحمى).. السراب أيضاً.. اليباب أفضل منه..

(عبق الماضي مجد الحاضر) من أبياتها أختار الآتي:

مدن تتيه على الزمان وتزدهي

لبست من الأنوار ثوباً أقشبا

ومصانع تقتاته نفطاً خالصاً

وتحيله عيشاً رغيداً أرحبا..

فليهنأ الحرمان في أم القرى..

وبطيبة حيث الحبيب المجتبى

(وطن يناديني) بقلم ثريا العريض.. مقاطع موحية بجمالياتها:

هو وطني يناديني

يهمس البحر في صدفي وأشرعتي

أيبعثني؟ أيرحل بي؟

يمازج حزنه العاتي.. بداناتي

يفسر لي تعاويذي.. أهازيجي

نداء الوطن دعاء حياة تبعث.. وترحل.. ولكن إلى حيث يطيب الرحيل.. ويطيب المقام.. لا شيء غير الوطن.. أغاريد وأغنيات تترطب بها شفاهنا الظمأى إلى كرامته وسلامته, وحريته.. ووئام بنيه.. إنه البيت الكبير، وطاؤه أمن.. وغطاؤه فداء وتضحية..

(تحية شعر) لشاعرنا حسين عرب.. يقول فيها:

خفقت فوق عرشك الأعلام

وتغنت بمجدها الأيام

وترامت بك البشائر في الشرق

وفاضت برحبها الأنغام

ومشت خلفك العروبة صفاً

واحداً ليس يعتريه انفصام

إيه عبدالعزيز يومك يوم الضا

د.. مجداً.. وإنك المقدام

هكذا بهذه الروح خاطب موحد الجزيرة.. وباني نهضتها حيث التفت حوله قلوب بنيها في مهرجان حب.. لصولجان حكم لمّ الشتات وقضى على الفرقة..

أما شاعر الألم الراحل محمد الحجي فله صوت أمل تغنى به.. وشدا له..

في موكب البعث غنِّ الشعر تغريدا

وأرسل اللحن في دنياك ترديدا

وأسمع الكون أنغاماً مرتلة..

وامنح خيالك أفقاً ليس محدودا

لقد رأيت بأرض العرب جامعة

قد شيدوها على الإيمان تشييدا

الناس تضحي لهم مصباح داجية

ومنهلاً للشباب الحيّ مورودا

هذي الشواهد إنا سيرنا أمم

ولم نعد نستسيغ العلم تقليدا

قالها شاعرنا بمناسبة ذكرى إنشاء جامعة الملك سعود لاحقاً جامعة الرياض سابقاً.. وددت لو أنه أبدل كلمة تضحي بكلمة أضحت وكلتاهما صحيحة.

(موطني) عنوان جديد للشاعر خالد سعيد الزهراني:

لا دار بعدك أبتغي من دار

يا موطناً.. يا مولد الأخيار

يا قبلة الإسلام والأمل الذي

تهفو القلوب إليه باستنفار

يا طيبة الأحياء فيك حياتنا

وثراك يحييني بخير فؤاد

يا مجدنا الباقي.. ومهد حضارة

ملأت سماء الكون بالأنوار

في أرضك الغراء شمس حياتنا

وعلى ثراك بقية الأسرار

أغرودة مليئة بالحب يجليها عشق شاعر يستشعر قيمة الوطن.. وواجب المواطن.. أشير هنا إلى أن الشطر الثاني من البيت الثالث جاء مغايراً في قفلته.. أبياته نهايتها حرف (ر) ونهاية هذا الشطر حرف (د) وكي تتوحد أرى إبدال الدال بالراء.. وبمفردة (بخير مزار).

شاعرنا خالد محمد الخنين جسد صورة وطنه شمس خلود لنستمع إليه وهو يشدو:

لك العلياء يا وطن الفخار

ويا همس الخلود على المدار

ويا نعمى من التاريخ فاضت

ملامح في البطاح وفي القفار

يمر الدهر منتشياً بغر

مشى في كل ناحية ودار

إلى العلياء تنتسب القوافي

وهذا الرحل يوغل في نزار

لنا رحب الجهات فكل درب

طليق الخطو.. مكتمل المسار

توصيف شاعري مصدره القلب.. وصدق المواطنة.. أما شاعرنا صالح بن حمد المالك فله رؤية لا تقل عن سابقيه التصاقاً وعناقاً لترابه وتراثه:

أفاخر فيك يا يوم الوئام

وأشدو في محاسنك العظام

ففي ذكراك أفراح وبشرى

وأعياد لنا في كل عام

بك ائتلفت قبائلنا ائتلافاً

صدود الود، مصداق الذمام

وفيك تصافحت كل الأيادي

وتمت وحدة بعد انقسام

ستبقى خالداً أبداً عظيماً

مثالاً للعطاء على الدوام

المناسبة اليوم الوطني لبلادنا الغالية.. ومن المالك إلى د. عاتكة الخزرجي، تحت عنوان (سلام.. سلام.. من دجاها إلى الفجر)

أطلي على قلبي كإطلالة الفجر

فقد كاد هذا الليل يعصف بالعمر

أقلي عتاباً وأرفقي بحشاشة

برتها يد لما تزل طبها تبري

أطلي فأنت الروح للروح والهدى

وأنت الهوى للقلب والوحي للشعر

أطلي.. أطلي أنت لدينا من الرؤى

تطوّف بي رفافة اللون والعطر

وتنقلني في عالم كم حببته

جميلاً.. جمال الله في آيه الكثر

لقد أطلت.. وأظلت.. وما أضلت لأن روحها ريح إيمان.. وعاطفتها عاصفة محبة.. وعنوانها عنوان سعد وفأل لن يخيب بإذن الله.

عباس محمود العقاد له صوت مقروء ومسموع في أرض القداسات في شخص مَن لملم شتاتها.. ووحد جهاتها.. ورسخ وجهاتها وتوجهاتها.

أرض النبوة حين تم فخارها

خلعت عوارفها على الدأماء

ملك أناف على القلوب بعزمه

واتم ذاك بما يراه الرائي

جمع المهابة في العيون وفي النهى

وسماً بمجد أبوة.. وإباء

الشرق والإسلام قد سعدا بمن

يعلو بآلهما إلى الجوزاء

شاعرنا عبدالله سالم الحميد سافر في هوى وطنه دون أن يجهده المسير.. أو يثني عزمه رحلة البحث عن معشوقه الوطن.. غنى له وأجاد:

أسافر فيك.. ومنك إليك

ويحضنني الشوق في مقلتيك

أسافر عنك وفي غربتي

أحن حنين الحزين إليك

حضورك في خافقي لهفة

تؤرق نجوى الحبيب لديك

مرافئ رحلتنا غربة..

وكوخي بأرضك أجمل أيك

سلام عليك متى نلتقي

وفي كل حين سلام عليك

وطنك يحب كل بنيه المنتمين إليه.. العاملين من أجله.. المخلصين لمسيرته.. إنه يرد عليك السلام.. ولا شيء أحسن من السلام.

شاعرنا عبدالله بن عبدالرحمن الزيد.. زودنا معاً, وعودنا فيض مشاعره.. وها هو الآن يوقع بقيثارة قلمه ترتيلات نجدية في تضاعيف الخليج.. أجتزئ بضعة أبيات من أغنيته الرجوع:

لفجري إجهاش بإنشاد مهجتي

يجيش كطيب الوعد في ليلة المسرى

ولليل توقيع تولاه صيب

من العمر أولاني إلى أنسه عمرا

لأيامي الأولى تغرّ مواسمي

ولي في نشيج الروح في نشوة البشرى

إلى دارة في الوشم تهفو مواردي

وأنثال مثل الموجة في نشوة البشرى

أجيء كما يأتي الربيع لفصله

وألثم قبل الوجد نوارة الذكرى

إنه حب عقل يتجاوز حب العاطفة.. يحن إلى الأشياء من حيث هي أشياء لا من حيث إنها مراتع ومواقع لعشق جسدي كحب مجنون ليلى لليلاه.

شاعرنا عبدالله بن خميس جدف بزورقه العاشق في بحر وطنه.. قيادة.. وأمة.. وريادة..

إذا ذكرت للأكرمين شمائل

يضائلها من عاهل العرب ذكره

وإن يك قرن في الأنام مفضلا

فأفضل ما بعد الخلافة عصره

فلله ما أبلى، ولله ما انطوى

عليه من الإخلاص، والنصح سره

وإن من التوفيق للشعب أن يرى

ينوء بأعباء العظائم خيره

فدم للعلى كهفاً، وللعرب ملجأ

وللدين بالبيض الخفاف تقره

القصيدة قالها منذ أكثر من نصف قرن.. المناسبة ذكرى فتح رياض العرب.. وبيتهم الكبير.

(كفيتنا عنت الليالي) للشاعر عبدالمحسن الكاظمي يقول فيها موجهاً خطابه الشعري للمغفور له الملك عبدالعزيز:

إن كان في العهد الأخير ليعرب

ملك فأنت لها المليك الأول

أو كان عدلك في الرعية شاملاً

فسناك في الدنيا أعم وأشمل

رمت المطامع يعرباً فوقيتها

لولاك لم يسلم ليعرب مقتل

يئس الطموع وخاف مفصل كيده

لما رأى بك ما يحز ويفصل

وكفيتنا عنت الليالي كلما

جاءت ليالينا بما هو أليل

****

لإبداء الرأي حول هذه المراجعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «5621» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض ص. ب 231185 الرمز 11321 فاكس 2053338


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة