Culture Magazine Monday  26/11/2007 G Issue 224
أقواس
الأثنين 16 ,ذو القعدة 1428   العدد  224
 
الناصر عبدالله..
إلينا بهياً يعود
شريفةالشملان

 

 

(إلينا بهيا

إلى نفحات الخزامى

وطيب عرارٍ عشيات نجدٍ

إلينا.. تعود)

أحمد الصالح (مسافر)

كان جميلا من الثقافية أن تقدم تحية للأستاذ عبد الله الناصر عبر ملفها الثقافي الاثنين قبل الماضي، وحقيقة يستحق الكثير ؛ الناصر الأديب الكاتب والملحق الثقافي بلندن حيث تزهو الثقافة في وطننا به، وقد حملها وطار بها عاليا.فشكرا لكم ويسعدني أن أقول كلمة صدق بهذا النبيل قلما وفكرا.

عندما نخسر مسئولا كبيرا ليس الجلل، ولكن عندما يكون المسئول نوعاً آخر بل مزيجاً من أشخاص عدة، يعمل للوظيفة كان الوقت كله ملكه، ويعمل للعلم والدراسات وإضفاء صورة جميلة للوطن الذي يمثله وكأنه يحمله معه ريحا من الشيح والعرار ينثرها، وللثقافة التي هو عمود وطنه بدولة كبيرة وعاصمة يقصدها الكثير من العرب والمسلمين من كل مكان، ويمسك بزمام العلاقات مع مثقفي انكلترا وكتابها فيبني علاقات جيدة، خاصة إذا كان هو يتمتع نفسه بقدر كبير من المعرفة، فيكون عدة سفراء في شخص ملحق ثقافي وعندما يكون هذا الرجل أديبا، يعرف كيف يمزج كل هذه العناصر لتكون مركبا رائعا، وعندما يتكون هذا المركب ويتبلور نحن نعرف كم بهذا الرجل تمتزج عناصر أخرى هي عناصر الثقافة العربية الأصيلة مع الإطلاع على ثقافات وأدبيات الأمم الأخرى، وهو رجل من الزمن الرائع الذي لم يبق منه إلا جذور تسخن في دواخل الكثير ممن يحملون الهم العربي، ويكتوى بناره، يكون ذاك الرجل هو/ عبد الله الناصر.. الملحق الثقافي السعودي في لندن.. والذي يطوي أوراقا جمة ويغادر لندن.. لكن قد تحمل الأوراق ويعود صاحبها وتبقى الأشياء الجميلة هناك، تذكر ان الناصر عبد الله كان هناك. وكان قد زرع الكثير وتركه ليثمر. قد يمر اسم الناصر كما يمر أسماء كثير من الكتاب الذين نعرفهم من خلال القلم فقط، نعجب بهم، وخاصة عندما نحمل هما عربيا مشتركا، لكن أن نعرفه عن قرب ووسط أسرته، هذه لا تتاح إلا نادرا، ومع هذا النادر كان الحظ معي، لظروف تواجدي ببريطانيا وعلاقة هذا الظرف بالمكتب الثقافي، تعرفت على الأديب الناصر وأسرته الكريمة.

هذا الأديب يدهش حقا من يعرفه، وخاصة إذا كان هذا الشخص ممن يمسكون الكلمة ويطير بهم الحرف عبر القصة القصيرة والمقال. وأكثر خصوصا إذا كان هناك مواقع قريبة التشابه وتكاد تكون مشتركة.. ولكن هناك ما هو أكبر، تلك الوشائج التي تبني أدب/ الناصر / والتي قد تصيب بالذهول والدهشة، ، والدهشة أول عناصر النص الأصيل، وهي التي تأخذ النص لدروب أخرى قد يكون قصدها المبدع أو لم يقصدها إنما نصه هو الذي سجل الحضور البهي وأخذ المتلقي أو الناقد لعوالم أخرى، تداعى لها إبداع آخر. وهذا ما تفعله نصوص الناصر، خاصة تلك التي يضرب الرمز بها بعنف، هذا الضرب الذي يفجر بعنف أمورا تعود لتتفجر هي الأخرى.

عندما مسكت مجموعة /الناصر/ سيرة نعل / أصابني من قصصها ذهول ودهشة أسلوبا ولغة وحدث يمسك زمامه حتى يصل به وبنا إلى بر الأمان للفكرة، وهذه الفكرة نفسها تتبلور كما يريد لها، يتركها تنضج ويقدمها شهية. لم أستطع أن أرفع عيني عن قصته الرائعة جدا / فخاخ العصافير / تلك القصة وترتني جدا، وجعلتني أكاد أهذي من عمقها، أصالتها وجدة طرحها، أسلوبها وحوارها رقم قصره.أصبحت تحك في قلبي، وتحرقني، حتى رحت أكتب قراءة انطباعية عنها. نشرت في جريدة اليوم وممكن الإطلاع عليها عبر (www.alyaum.com/issue/ page.php).

هذا الفارس الذي يغادر الطرف الأغر ليأتي محملا بالغار لنا، يعيد في أحيان كثيرة صنع اللغة القصصية، يرسمها رسم فنان ويوشيها ويزرعها كفلاح قديم يزاوج البذور. يعرف كيف يرعى ذاك الشجر ليثمر إبداعا جديدا..يقول ذات يوم:

..(انا ابن البيئة، جبت آفاق الدنيا ولا تزال رائحة حشائش البساتين ورائحة رطب النخل وضوء القمر الحاني فوق هامات النخيل بوادي حنيفة، ولا تزال مضارب البدو وبيوت الشعر ورائحة الخزامى والنفل وأغاني الرعاة وثفاء الابل ترحل معي.. عندما أكتب عن روضة في الصمان أو عن قرية في الجزيرة العربية فأنا لا أكتب عن (سانانتونيون) شمال هيوسن ولا اكتب عن (هنلي) و (مارانوا) غرب لندن.. قصصي تشبهني.. تشبه شعر رأسي ولون عيني وسحنة وجهي، انا من الصحراء، ابن القرية، ابن الشمس وليالي القمر، على جبال عسير ووهاد ونجد وسواحل الخليج.. نعم لقد كتبت عن القرية والمدينة الاوروبية.. ولكنها الكتابة الوصفية، وليست الكتابة الوجدانية، الكتابة الوجدانية هي ضوء ينبعث منك والكتابة الوصفية هي ضوء تلتقطه عينك، وهنا الفرق.)

عكاظ الإثنين 07-03-1428هـ ) 26/ مارس/2007 العدد : 2108

عرفت الناصر، كاتبا ومسئولا، وفيا لعمله مخلصا ومتألقا، كما عرفته أديبا ،هذا الرائع أراه يتسامى جدا مع القصة القصيرة..ولقصصه نكهة الوطن وريح الطرق القديمة والدروب المتربة وأصالة الحديث ودفء الأقدام عند الوجار* في شتاء القرى ورائحة الحطب.يحمل روح القرية ويكتبها تتجلى بحديث القرى**، يحاصرة التلج*** كما يحاصرنا النمل الأبيض ويأكل أوطاننا وقبلها أكل قلوبنا..

يعود لنا الناصر، تاركا لندن وضبابها، يعود لنا ليحكي لنا أحاديث القرى، عله يرطب جفاف الأيام، نفقده مسئولا، لابأس، المسئولية يمكن إيجاد من يحملها، وقد نجد خير خلف لخير سلف، لكن ليس كل يوم نجد مبدعاً، فالمبدع نبتة عصية على الغرس.. مرحبا بالنبة العائدة لأرضها.. عد إلينا بهيا ناصرا منصورا.

- الدمام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة