Culture Magazine Monday  29/01/2007 G Issue 184
تشكيل
الأثنين 10 ,محرم 1428   العدد  184
 
الحرف غيمة
عشر لوحات = ستارة واحدة
مها السنان

 

 

رافق النمو الاقتصادي والتحضر الذي نشهده اليوم، رافقه تطلع الفرد أو الأسرة من شرائح مختلفة من المجتمع مهما كان مستواها الاقتصادي إلى البحث عن الكماليات لإعادة صياغة مظهره، وبشكل لم يكن ذا أهمية سابقا إلى حد ما، وهنا أشير إلى نواحي الكيف فيها إضافة إلى الكم الذي يدفع مقابل هذه الكماليات ونسبة هذا الكم إلى ميزانية ودخل الأسرة! وذلك في الغالب على حساب الأمور الأخرى الأكثر أهمية مثل التعليم أو الثقافة.

وفي خلفيتي المتواضعة في التصميم الداخلي رأيت العديد من السيدات ينفقون أموالا طائلة لقاء تزيين الغرف فيصل متوسط سعر الستارة على سبيل المثال إلى 10 آلاف ريال اعتمادا على سعر متر القماش المستخدم وكميته ونوع وسعر الإكسسوارات المضافة.

صحيح أن مبلغ الإنفاق نسبي حسب دخل الفرد إضافة إلى مناسبته مع ما أنفق على إنشاء المسكن بطبيعة الحال، كما لا يحق لي مناقشة الأفراد فيما يرونه مناسبا من حيث الأهمية والتكلفة المادية عند القيام بتأثيث منازلهم، ولكن أثارني في العديد من المساكن أن من يدفع 10 آلاف ريال مثلا لقاء ستارة قد لا يدفع أكثر من 1000 ريال لقاء لوحة فنية مع أن قيمة الثانية من وجهة نظري على الأقل، قيمتها تزيد مع التقادم وتصبح أكثر أهمية، هذا إذا ارتبط العمل الفني باسم فنان محدد، إضافة إلى أهميتها المعنوية والثقافية، والمبلغ المدفوع قابل للزيادة والنقصان حسب مؤشر الستارة، فمن لا تسمح لها ميزانيتها إلا بشراء أقل الستائر تكلفة ولنقل على سبيل المثال 500 ريال، نجدها تتجه لمحل أبو ريالين فيما يخص اللوحات (ولدى محل أبو ريالين العديد منها!!)، أو ربما لا تبالي أساسا بتعليق أي عمل فني في منزلها على الإطلاق.

أما من يعتمد على مصمم داخلي لعمل الستارة بمبلغ 50 ألف ريال مثلا، فلا بد أن يعتمد عليه أيضا في شراء الأعمال الفنية، ولكن لا أعتقد أن سعرها سيكون موازيا لسعر الستارة!؟ وفي كل الأحوال نادرا ما نجد تلك السيدة التي تهتم عند اقتناء العمل الفني بمعرفة شخص مبدعه، بل لا يعلم الكثير جنسيته على أقل تقدير، وهذا أحد أسباب انتشار الأعمال الفنية لأصحاب الجنسية الفلبينية لدينا!!!.

قد لا يدرك الكثيرون صعوبة هذا الموقف وخصوصا لدى المختصين في هذا المجال، ولكنه وللأسف أمر يدل على أن المجتمع السعودي لا يزال غير واع بأهمية الفن التشكيلي وعلى الأخص أهمية الفنان المنتج لهذا الإبداع، والقيمة المعنوية والمادية والثقافية للعمل الفني، فهو أولا دليل على وعي بأهمية الإبداع المتمثل في أحد أكثر مخرجاته إحساسا وحيوية وقيمة جمالية، وهو كذلك ومن وجهة نظر اقتصادية واستثمارية؛ القرش الأبيض لليوم الأسود، فالعديد من أثرياء العالم يقتنون الأعمال الفنية كناحية استثمارية تزداد قيمتها مع التقادم، بينما نرمي تلك الستارة بعد استخدام عدد من السنوات! بمعنى آخر ولأقرب الصورة لنا نحن الإناث، لو أرادت إحدانا التسوق لمناسبة معينة، كم سوف تدفع لقاء الفستان أو مصففة الشعر؟ وكم سوف تدفع لقاء عقد الألماس أو الساعة التي سوف ترتديها مرارا وتكرارا مع الفخر بمعرفة المصنع لها سواء أكانت ساعة من هاري وينستن أو فرانك ميلر أو شوبار أو سواها؟ وهل من الممكن أن ندفع على الفستان مبلغ عشرة أضعاف ما ندفعه على الساعة؟ لو فعلنا ذلك سنكون أمام احدى الحالات التالية: إما أن الفستان باهظ جدا بشكل غير معقول أو مقبول، أو أن الساعة مقلدة، والحالة الثالثة أن تكون الساعة من ماركة غير معروفة بل وصناعة صينية! بحيث لا تتوازى في قيمتها مع ذلك الفستان!.

msenan@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة