Telecom & Digital World Magazine Sunday25/02/2007 G Issue 197
إضاءة
الأحد 7 ,صفر 1428   العدد  197
 

دفاتر ذكريات إلكترونية تخترق المحظورات
أسرار البيوت

 

 
*إعداد - منال آل عثمان:

لدفتر الذكريات الورقي الملّون الصغير دفءٌ خاص، تماماً كتلك الأيام الأولى على مقاعد الدراسة والطفولة والمراهقة!

إلاّ أن الزمان قد انقلب، والكلام (السري) الذي كانت تغلق صفحاته بالقفل والمفتاح استحال اليوم منثوراً ومنشوراً على الصفحات الإلكترونيّة أمام أعين الملايين من أناسٍ معلومين ومجهولين، وعلى صفحات الإنترنت ينكشف المستور وتظهر الأمور على واقع حالها، جمال وقبح، فضيلة وخطيئة، رقي وتخلّف، أدب وقلّة أدب، وأشياء أخرى كثيرة!!!...

مع ظهور دفاتر الذكريات الإلكترونيّة (السبيسات) أصبح الجميع يطلع على حياتك الخاصة وأسرارك من خلف الستار من خلال الأسماء المستعارة أو حتى بأسماء حقيقيّة ويشاركك الآخرو نذكرياتك، قد يفرحون لفرحك أو يحزنون لحزنك أو يمدونك بالنصيحة أو حتى يكيدوا لك كيداً، ويحسدونك على ما أنت فيه ولكن بدعوة خاصّة منك هذه المرة!

ظاهرة منتشرة وجذابة!

انتشرت ظاهرة دفاتر الذكريات الإلكترونيّة (السبيسات) بين المراهقين والصغار بشكل سريع وهي تتجه بقوة نحو مزيد من الإنتشار بين الأجيال القادمة، وربما يعود هذا الأمر إلى مجانية المواقع وسهولة استخدامها إضافة إلى الرغبة العارمة في الحديث والحوار والتي قد يفتقدها الكثير من الأبناء في البيت أو المدرسة وما يجعلها جذابة أيضاً هو ذاك الكم الهائل من الأصدقاء محلياً وعالمياً الذين يزورون مساحتك المخصصة ( سبايس ) رغبةً منهم في مشاركتك كل شيء!.

المحتوى

ولعل جولة سريعة في عالم (دفاتر الذكريات الإلكترونية) تبعث على إستكشاف الكثير، ما هو عجيب وجميل حيناً وما هو مكروه أوغير مستحب حيناً آخر، فرغم جمال محتوى بعض مجالات هذه الدفاتر التي تبشّر بمواهب واعدة في التصميم والشعر وكتابه المقال إلاّ أن البعض الآخر - وهو الغالب - ينحو إتجاه طرح المشاكل الشخصية والهموم الدراسية والأسرية وتحتوي بعض هذه الدفاتر الإلكترونيّة أيضاً على أفكار غريبة أو دخيلة لا تمت بصلة إلى شخصية الشباب المسلم.

بين الفوائد والأضرار!

ويتساءل البعض عن فائدة دفاتر الذكريات الإلكترونيّة هذه خصوصاً أنها وضعت في المقام الأول لتحقيق أهداف تجارية وهي تستدرج خصوصيات الأطفال والمراهقين حول العالم لتحقيق هذه الغاية.

إلاّ أن هذه المجالات، الفضاءات أو المساحات الخاصّة الحرّة يمكن أن تعود على المراهقين العرب بفوائد عديدة منها مثلاً إظهار طاقتهم الإبداعية وأعمالهم الخاصّة والتعرف على العديد من الأصدقاء الذين يشاركونهم الاهتمام والهوايات نفسها، إضافة إلى هاجس الحرية الشخصية الذي يستحكم بسلوكهم خصوصاً مع بدايات زمن المراهقة..

وقد تأتي (السبيسات) بالضرر على أصحابها عندما تخرج من دائرة الدين والعرف الاجتماعي المتبع، ومما يثير المشكلة ويجعلها تصل إلى حدود الكارثة عدم معرفة الأهل بوجود مواقع لأبنائهم على الشبكة العالمية، يتحدثون فيها عن مشكلات بيوتهم ومدارسهم وحتى جامعاتهم بأسماء وصور حقيقيّة لهم، وهنا تجدر الملاحظة بأنه يمكن لمن يريد معرفة مستوى رضا ابنه أو ابنته عن البيت والمدرسة أو حتى الجامعة أن يجدها في دفتر الذكريات الإلكتروني الخاص به وهذه المرّة بدون قفل أو مكان سري!.

دعاوى قضائيّة على شركات

الاستضافة المجانية

أثارت هذه الدفاتر الإلكترونية المجانيّة غضباً إعلامياً كبيراً في الولايات المتحدة الأميركيّة نتيجة قلق الآباء حول ما يقوم به أطفالهم في (السبيسات الخاصة بهم) خصوصاً أولئك الذين يطرحون فكرهم المتمرد على البيت والمدرسة وكذلك مقدرات الأهل المالية ومناصب الوالدين إلى غير ذلك، مما جعل الآباء يرفعون قضايا ضد موقع MySpace. com خوفاً من الاستغلال..

ولخطورة الموقف قامت MySpace بإجراءات تحمي الآباء من أبنائهم ووضعت لهم خدمة عبر البريد الإلكتروني في حالة اكتشاف (سبايس) لطفل تحت سن الرابعة عشرة يمكنهم مسحه، ولتحقيق ذلك ليس على الأهل سوى إرسال معلومات تتضمن اسم الطفل وعنوان موقع الويب.

وأتاحت الشركة الفرصة للأطفال في عمر 14 سنةً فأكثر ولم تكتفِ بذلك بل شجّعت MySpace الآباء الحديث مع أطفالهم حول ما هو مناسب حول الموضوعات التي يريدون طرحها على الإنترنت ثم يعملون على تعديلها أو إزالتها ليكون الأمر ديمقراطياً!.

شكوى المراهقين!

في مقابل هذا الإجراء، يشتكي المراهقون في الغرب من آبائهم نتيجة لتدخّلهم في فضائهم الخاص، ويشعرون أنهم اقتُحموا من قبل أبويهم وربما يتوقّفون عن الكتابات الشخصية بسبب الخوف من مشاهدة الأبوين لأفكارهم ووجهة نظرهم فيهم وفي البيت أو المعلمين في المدرسة..

ويعلق أحد المراهقين في الغرب قائلاً : (أشعر بأنّني لم أعد أستطيع الضجيج هنا لأني أخاف من رؤية أبويّ لسبايسي).

والسؤال، ماذا سيحدث لو شاهد الآباء العرب دفاتر الذكريات الإلكترونيّة الخاصّة بأبنائهم؟ ماذا ستكون النتيجة؟

الأرجح إما أن تكون اكتشاف مواهب الابن أو الفتاة أو اكتشاف الأخطاء الأسرية أو حتى أخطاء المجتمع أو اكتشاف المشكلات التي يواجهها ابنهم في المدرسة أو المنزل ويحمل (السبايس) اتجاهات الأبناء وأفكارهم ووجهات نظرهم أيضا.

لذلك يبقى السبايس العربي معروفاً للجميع لكنه مجهول لدى الوالدين - حتى الآن - ويحرص المراهق على أن لا يطلعهما عليه خوفاً من سلب الحرية الشخصية ومراقبة الأهل أو حتى إغلاق (السبايس) الذي أصبح بمثابة دفتر الذكريات الملازم له ولا يستطيع الاستغناء عنه.

كيفيّة الاستفادة..

ويمكن الاستفادة من هذه الظاهرة تربوياً وإبداعياً وقد تكون بوابة لصحافة حرة للأطفال والمراهقين ليظهر صوتهم للمجتمع ولذلك يجب على التربويين الانتباه لهذه المواهب القادمة وضبطها وتعليمها الأسس الصحيحة للاستفادة من السبايسات، وربّما من المفيد أيضاً فتح سبيسات لطلاب في المرحلة المتوسطة والثانوية تكون بإشراف مجموعة من التربويين وهي مجال رائع للكشف عن إمكانات ما زالت مغمورة، وكم يكون مثمراً لو أن المختصين في العلوم الدينية والنفسية والاجتماعية قاموا بزيارة المواقع الخاصة بالأطفال لمعرفة المشكلات التي يواجهونها وتقديم النصح لهم بأسلوب مميز مصحوب بالنقاش مع الذين يماثلونهم في العمر لحل المشكلات التي يواجهونها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة