Al Jazirah Magazine Tuesday  04/12/2007 G Issue 245
استطلاع
الثلاثاء 24 ,ذو القعدة 1428   العدد  245
 

أحاسيسنا و همومنا .. لمن نبوح لها

 

 

استطلاع - خديجة الغامدي

على اختلاف أنماط الحياة وسرعة إيقاع المستجدات التي نصطدم بها لمواكبة عجلة الزمن أحياناً يدلف إلى قلوبنا أحاسيس تذهب إلى طي الكتمان.. تتبلور ككرات الزجاج لا تفك شفراتها سوى أبجدية تفترش سطور المذكرات.. تستنجد الراحة في البوح وتبدأ علاقة حميمة بين أنفاسنا المأسورة وأوراقنا البيضاء.. تكون فيها أقلامنا أداة ترجمة لمشاعرنا المختلفة بشفافية تحوي مكنونات النفس بلغة مكتوبة بلا رقيب! وهناك فئة أخرى تفضل رسم أحاسيسها على ألسنتها بمد جسور الحديث إلى من تطمئن وتسكن لهم نفوسهم مع وجود الثقة وسداد الرأي لمن نبوح.. تتعثر قلوبنا بشجن حزن.. تتعلق بخيوط أمل.. تخبئ فرحة لأجل مسمى.. تحلق بنا أحلامنا لخيالات بعيدة عن الواقع الذي لا نشعر بقيمة وجودنا فيه.. هذه المشاعر تقبع في قلوبنا ساكنة.. شرفاتها مقفلة.. أبوابها موصدة.. تسكنها الأشباح تعصف بها الرياح باردة.. ساخنة لا يهم !!

هل للبوح مكان للأحاسيس التي تسكنك في صمت؟

ابتسام (طالبة جامعية) قالت: تزخر أنفسنا بالعديد من المشاعر سواء كانت عاطفية كالحب والاشتياق أو كئيبة كالإحباط والإهمال والفشل.. ومن الطبيعي أن تطالب بالخروج وترفض أن تكون سجينة. وتضيف: أنا أعتمد في التنفيس عن مشاعري لشخص قريب مني يستطيع أن يحسن احتوائي وأحياناً أشعر بالعجز في مرات أخرى لا خشية من التحدث إليه, بل خوف عليه أن أثقله بهمي فالجأ للكتابة حتى أشعر بالارتياح.

مدارات البوح

نوره (طالبة في المرحلة الثانوية): رأت أن البوح سواء للآخرين وخاصة المقربين أو عبر كتابة المذكرات قد يريحنا, وأضافت: ربما يجيد الفرد الحديث بالقلم أفضل من اللسان، وعندما نتحدث نواجه ردة الفعل والأحاسيس من الطرف الآخر فنشعر بتفهمهم وتفاعلهم مما يعطينا الدافع لإخراج ما بداخلنا بارتياح أكثر وأنا أجيد التحدث والكتابة كلاهما لكن بعض الأشياء يخرجها القلم من داخلي أفضل من الحديث عنه ويحكم هذا الأمر اختلاف الموقف في كل مرة.. كثيراً ما ألجأ إلى والدتي لأبوح لها بهمومي الصمت أصدق أنباء عادل: أشار إلى اختلاف الناس في أسلوب إخراج ما تكنه قلوبهم ومشاعرهم وقال: هناك من يفضل الحديث وآخرون الكتابة، أما أنا لست مع الكتابة أو الحديث، لكن إذا شعرت بشيء يختلج في قلبي ألتزم الصمت أكثر لأني لا أجد من يستحق أن أبوح له على الأقل إلى الآن.. وحتى أخفف عن نفسي أفضل أن أبقى منفردةً أو أخرج إلى مكان بعيد وهادئ وأمرر شريط ما حدث معي وأعيد حساباتي بطريقة استرجع فيه توازني النفسي. بدر (موظف): أكد أن الحديث والكتابة متنفس جيد للتعبير والبوح حتى يبقى الإنسان بحال أفضل وتستمر حياته دون مزيد من الضغوط النفسية. ويضيف: أفضل الحديث كثيراً لأن التواصل بشكل مباشر يشعرني بالارتياح عندما يحسن الطرف الثاني امتصاص مشاعري المختلفة من فرح أو حزن، وأنا شخصياً أتحدث لأصدقائي بكل صراحة ووضوح بلا حواجز ولكن يشترط أن يكون على قدر من الوعي وسداد الرأي وينصحني لما فيه الخير لي.. ويختلف صراحة الحديث وتبادل الآراء باختلاف الأصدقاء.. فهناك أصدقاء العمل تستطيع أن تبوح لهم ما لا ينفع أن تصارح به الأصدقاء من الأقارب والعكس صحيح على سبيل المثال. عبد المجيد (موظف) قال: لكل شخص طريقة معينة للتعبير عما بداخله وكيفية ارتدادها وتأثيرها على نفسيته. أنا أرغب بالحديث لمن ترتاح له نفسي لسبب بسيط أنه في هذه الحال يبادلني الكلام والشعور ذاته ويشاركني برأيه ويهون علي قليلاً.. لكن أين نجد من ينصت حقاً لا أقصد إنصاتاً بالأذن, بل بالحواس !. ويضيف: ليس كل شخص جدير بأن نبوح له لأن نادراً ما نجد صفة الإنصات الحقيقي في هذه الآونة.

التكتم أفضل أحياناً

ندى (معلمة) ترى أن كثيرا منا يعاني من ضغوط ومسؤوليات تقع على عاتقه دون أن يجد الوقت أو الشخص المناسب للفضفضة حتى إن لم يكن هناك حلول ولكن إخراجها يشعرنا ولو بقدر بسيط من الراحة. وتضيف قائلة: قد لا أجد الوقت الكافي للكتابة.. ولكن أتحدث لوالدتي حتى إن لم تستطع فهم مشكلات عملي فأنا البنت الوحيدة بين ستة أولاد، وأتحدث لبعض صديقاتي على حسب قربها وتفهمها مني بحدود لا تتجاوز الخطوط الحمراء إذ تبقى داخلي خصوصيات يحق لي التكتم عليها.

الثقة الركيزة الأساسية

محمد قال: لا يمنع أن نبحث عن شخص يكون متنفسا لما نستنشقه من متاعب الحياة ولكن لا نغفل جانب الثقة لأنها الركيزة الأساسية التي تعطي دافعا قويا للبوح. واضاف: أنا شخصياً أفضل الحديث أكثر ولأسباب عدة أهمها إحساسي بوجود من يتفاعل معي لظروف تستدعي ذلك وبشرط أن يكون لدي الرغبة في التحدث.. وهل الطرف الآخر هو الشخص المراد والمناسب، وطبعاً يختلف نوع وأسلوب المصارحة إذا كان رجلاً أو امرأة.

أسماء (طالبة جامعية) رأت أن كلا منا يحتاج في حياته مساحة من البوح بما يختلج في دواخله من أحاسيس.. وقالت: أحياناً يكون من نصيب الورق احتضان بوحي ومرات أخرى لصديقة الطفولة يكون الحديث معها دون حواجز وقيود لعلمي أنها تفهمني دون جهد كبير في إيضاح ما تختزنه النفس وأريد إيصاله.. وتبقى هذه المساحة متنفسا حتى نستطيع استكمال طريقنا في الحياة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة