Al Jazirah Magazine Tuesday  06/03/2007 G Issue 209
الملف السياسي
الثلاثاء 16 ,صفر 1428   العدد  209
 

ستتكبد نحو 39 مليار دولار
لماذا ترغب بريطانيا في أسلحة نووية جديدة؟!

 

 
* إعداد - محمد الزواوي:

عندما وضع الرئيسان رونالد ريجان وميخائيل جورباتشوف أسلحتهم النووية على مائدة المفاوضات منذ عشرين عامًا، فإن ذلك كان بمثابة إعلان حقبة جديدة من نزع الأسلحة وأمل جديد - بالرغم من أنه يخبو الآن - في وجود عالم خال من الأسلحة النووية.

ذلك الأمل معرض إلى التلاشي تمامًا بعد انتشار الأسلحة النووية إلى 4 دول جديدة وإعلان بريطانيا مؤخرا عن خططها لإنفاق ما يقرب من 20 مليار جنيهًا إسترلينيًا (39 مليار دولار) لاستبدال أسلحة الردع المثبتة على غواصاتها المعروفة باسم ترايدينت Trident، وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير: إن هذا النظام سوف يوفر (ضمانًا) حاسمًا ضد التهديدات في العالم المتغير.

وقد كتب مارك رايس أوكسلي تقريرًا لجريدة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية يسلط فيه الضوء على ذلك التهديد الجديد لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، الذي دفع الخبراء إلى الدعوة لإنشاء إطار عام جديد لمكافحة انتشار الأسلحة النووية، وذلك لأن البديل هو مخاطر وجود سباق تسلح جديد مع العديد من القوى الموجودة في العالم الآن، ربما أكثر من أي وقت مضى، وتزايد المخاطر باحتمالية استخدام تلك الصواريخ النووية في النهاية.

يقول فرانك بيرنابي الخبير النووي الذي شهد اختبارًا نوويًا منذ أكثر من خمسين عامًا، ويعارض الأسلحة النووية: (عندما انتهت الحرب الباردة كان هناك أمل - حتى لو كان مجرد افتراض - بأن الذريعة الأساسية لحيازة الأسلحة النووية سوف تختفي، وسوف يتم التفاوض على إزالة تلك الأسلحة، ولكن ذلك لم يحدث).

فلبضع سنوات بدا أن كل الدول النووية الخمس التي تعترف بحيازتها للسلاح النووي - روسيا وأمريكا وفرنسا والصين وبريطانيا - ربما تتبنى الروح الجديدة التي كانت سائدة، روح نزع الأسلحة النووية. وتفاوضت أمريكا وروسيا على تخفيض ترسانتهما، وتوقفت هوليوود عن إنتاج أفلام عن إبادة جماعية نووية، فقد تأكد الطرفان من أن استخدام الأسلحة النووية يشكل دمارًا كاملاً لكليهما وبدا استخدام تلك الأسلحة غير مقبول.

ولكن الآن فإن المعاهدات النووية الكبرى مثل اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، تبدو أنها بدأت في الانهيار: فقد وافق الكونجرس الأمريكي مؤخرًا على مشروع قانون خالف السياسة الأمريكية في الثلاثين عامًا الماضية التي كانت تعارض التعاون النووي مع الهند وذلك لأنها لم توقع على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، كما أن الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية كلها لديها قدرات نووية - بصرف النظر عن الطموح الإيراني - كما قام (الخمسة الكبار) بتطوير أنظمتهم النووية، مما وضع مثالاً سيئًا للقوى الأخرى التي طالما طالبوها بالتوقف عن الاقتراب من الأسلحة النووية.

يقول د. بيرنابي: (لا تستطيع أن تتصرف بوجهين؛ فلن تستطيع أن تمارس عملية إعادة التسليح في الوقت الذي تطالب فيه الآخرين بنزع أسلحتهم، فإما تتخلص من أسلحتك النووية أو البديل هو انتشار الأسلحة والقوى النووية وازدياد مخاطر استخدام هذا السلاح في يوم من الأيام).

ودفاعًا عن نفسها صرحت بريطانيا أنها تقلل عدد الرؤوس النووية من مائتي رأس إلى 160، مما يجعلها تمتلك أقل من 1% من الرؤوس النووية العالمية، ويقول المؤيدون: إن التحديث البريطاني سوف يمكنها أن تكون (قوة من أجل الخير) وسوف تحتفظ بأعدائها المتمردين محصورين - أيا كانوا - في غضون 10 أو 20 أو حتى 40 عامًا.

ويقول مايكل كوينلان أحد كبار الضباط السابقين بوزارة الدفاع البريطانية: (مع اعتبارنا بوجود العديد من المخاوف والشكوك حول العالم من الأسلحة النووية، فسوف يكون هذا توقيتا غريبا للخروج من المنظومة النووية العالمية). في حين يقول المعارضون - من بينهم ثلثا الشعب البريطاني طبقًا لإحصاء نشر قريبًا - أن الأسلحة النووية لن تعالج المشكلات العالمية الحالية، مثل التغير المناخي أو مخاطر الإرهاب.

ويقول بروس كينت نائب رئيس الحملة من أجل الحد من انتشار الأسلحة النووية: (بعيدًا تمامًا عن المحظورات الأخلاقية التي تمنعنا من قبول قتل مئات الآلاف من البشر بذلك السلاح النووي، فإن الأمن لن يتحسن، بل ربما يتدهور، كما أننا بذلك نرسل رسالة إلى أي دولة تشعر بنفس شعورنا بأنهم يجب أن يمضوا في نفس الطريق لتحقيق الأمن لهم).

وقد بات هذا واضحًا بشدة من القوى غير النووية في الأسابيع الماضية، فقد صرح مسئول كبير من جنوب إفريقيا وهي القوة الوحيدة التي تخلت طواعية عن قدراتها لصنع صواريخ نووية، أن هناك معايير مزدوجة تجري الآن، وهو بمثابة أن يقول مدخن إلى بقية العالم: لا تقوموا بالتدخين؛ لأن هذا ضار بصحتهم!

وقد حذر وزير الخارجية الألماني وولتر شتينماير مؤخرًا من أن نزع الأسلحة والحد من انتشار الأسلحة النووية هما وجهان لعملة واحدة، فبدون نزع أسلحة القوى النووية، فإن الآخرين سيترددون في التخلي عن برامجهم النووية.

ومن أكبر محاولات اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تشكلت عام 1968 التي دعمها حكم لمحكمة العدل الدولية عام 1996 - كانت دعوة الخمسة الكبار في بدء نزع أسلحتهم النووية، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ومن المقرر مراجعة موقفهم ذلك في عام 2010، ولذلك يدعو الخبراء إلى تعاون دولي مكثف للضغط على الدول الكبار لقبول ذلك.

يقول دان بليتش المحلل المناهض لانتشار الأسلحة النووية: (إن مراجعة قرار اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 2010 بحاجة إلى أن يكون قمة عالمية) وقال: إن عام 2009 وهو تاريخ الانتهاء لاتفاقية التقليل من الأسلحة النووية بين موسكو وواشنطن المعروف باسم اتفاقية (ستارت START) من شأنه (تركيز العقول الأمريكية).

خروج الجني من القمقم

ويقول ليي ويليت رئيس برنامج الدراسات البحرية بمعهد الخدمات المتحدة الملكي البريطاني بلندن أنه مع وجود تسع قوى نووية وخمسة آخرون يتطلعون إلى أن يصبحوا نوويين، فإن (الجني النووي سوف يخرج من القمقم، والطريقة الوحيدة لإرجاعه ثانية هي عن طريق إطار عمل متعدد الأطراف).

ويضيف أن الفشل في تحقيق ذلك (مع وجود تسع دول نووية فإن فرص استخدام إحدى الدول لذلك السلاح النووي يصبح أكثر احتمالاً).

ولكن بالرغم من ذلك لا يعتقد الجميع أن العالم النووي هو شيء سيئ؛ فيقول السيد كوينلان الذي كان مدير السياسات بوزارة الدفاع البريطانية في أواخر السبعينيات عندما تم اتخاذ القرار الأول لإنشاء صواريخ ترايدينت، أن الأسلحة النووية (قد أبقتنا بعيدين عن أي شكل من أشكال الحروب لمدة 61 عامًا، وفي ذلك الوقت لم يتسبب أحد في مقتل أي شخص).

ويضيف: (بمرور عام وراء عام بدون انتهاك ذلك المحرم (استخدام الأسلحة النووية) فإن ذلك حرمة استخدام الأسلحة النووية تصبح أكثر قوة، وأنا أأمل أن نصل إلى عالم نستطيع فيه أن ندير حياتنا بدون تلك الأشياء، ولكن هذا سوف يتطلب الكثير من التغير السياسي).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة