Al Jazirah Magazine Tuesday  06/11/2007 G Issue 241
الافتتاحية
الثلاثاء 26 ,شوال 1428   العدد  241
 
الموقف الأمريكي من إيران!!

 

 

لستُ مع مبدأ استخدام القوة مع إيران لثنيها عن مواصلة العمل في برنامجها النووي، لما في الحروب من تداعيات مضرَّة بالدول والشعوب المجاورة لها، بل ولأن الأضرار أمنيا واقتصاديا سوف تمتد إلى ما هو أبعد من دول المنطقة لتشمل دولاً وشعوباً أخرى.

وبالتأكيد فإن هذا لا يعني تأييدنا لإيران في توجهها نحو تخصيب اليورانيوم للوصول إلى ما يمكنها من صناعة القنبلة النووية، وبالتالي دخولها نادي الدول المصنَّعة لها لما في ذلك من تهديد للسلام في منطقتنا، وتشجيع لدول أخرى بأن تسير على خطى إيران حفاظاً على موازين القوى معها.

* * *

غير أن استخدام القوة مع إيران أو التلويح باستخدام القوة، إنما يدفع بمن يهدد بذلك - وأعني الولايات المتحدة الأمريكية - إلى الدخول في حروب، حين تبدأ، لا نعرف متى ستنتهي، وما حجم آثارها، والنتائج التي ستسفر عنها، فضلاً عن أن البدائل عن استعراض القوة - ولو بالقول - إنما يأتي من خلال الحوار العاقل الذي ينبغي أن يتم في الغرف المغلقة بعيداً عن وسائل الإعلام.

ولأن العلاقات الأمريكية - الإيرانية لا تزال تمرُّ في أسوأ حالاتها منذ سقوط نظام الشاه، وعودة الإمام الخميني من منفاه، وسيطرة رجال الدين على الحكم في البلاد وحتى الآن، فإن الولايات المتحدة الأمريكية غير مهيأة للحوار مع إيران للخروج من هذا النفق المستعصي إلى فضاء يسمح مناخه بحلول سلمية للمشكلة.

* * *

هذا جانب من المشكلة في التعامل الأمريكي مع إيران حول برنامجها النووي، لكن الجانب الآخر من المشكلة غير المفهوم لدينا أن المناورات الأمريكية في التعامل مع المفاعل النووي الإيراني تبدو متقلبة ومترددة وغير واضحة، إذ إن الموقف الأمريكي يتغير بين لحظة وأخرى، من موقف متشدد، إلى موقف مرن، إلى موقف صامت، ومن تهديد مبطن باستخدام القوة العسكرية، إلى رغبة في الحوار، إلى عقوبات اقتصادية متواضعة وعلى استحياء.

بل إن ما يقال عن العلاقات المتوترة بين أمريكا وإيران لا يستقيم مع ما نراه من دعم أمريكي للشيعة كي يحكموا العراق، ومن حضور إيراني فاعل في العراق دون اعتراض من القوات الأمريكية، ومن تنظيم عسكري وسياسي للميليشيا الشيعية في العراق من غير اعتراض أمريكي على ذلك، بحيث أصبحت قوة ضاربة خارج السيطرة حتى من القوات الأمريكية في العراق، وكلُّ هذا يصبُّ في مصلحة إيران التي يفيدها إقصاء السنة من المشاركة في حكم العراق، وإبقاء الحكم في أيدي من يعتنقون المذهب الشيعي من المسلمين العرب.

* * *

إن الموقف الأمريكي من التعامل مع قضايا المنطقة سواء في لبنان أو فلسطين أو العراق أو السودان أو الصومال أو إيران يحتاج من الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر فيه، وفتح صفحاته من جديد، وقراءته قراءة تصل الإدارة الأمريكية من خلالها إلى تحقيق ما يؤمن مصالحها، ويستجيب لمصالح شعوب المنطقة.

والموقف الأمريكي الحالي لا يحقق بنظرنا الأهداف المتوخاة في نزع فتيل المشكلات الآنية والقادمة، وسيظل كذلك ما لم تتخلَّ الولايات المتحدة الأمريكية عن سياسة الكيل بمكيالين في تعاملها مع قضايا منطقتنا، مع أنها تعلم جيداً أن مفتاح الحل لكل هذه المشكلات إنما يبدأ وينتهي بإرغام إسرائيل على القبول بدولتين واحدة إسرائيلية والأخرى فلسطينية، بحسب ما تمليه الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، وبالاعتماد على المبادرة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وتبنتها القمة العربية في بيروت، وأكدتها أخيراً القمة العربية التي عقدت في الرياض، فهل تنهي إدارة الرئيس بوش فترة الرئاسة الثانية التي تقترب من نهايتها بما يحفظ الأمن والاستقرار لدول منطقتنا، وبالتالي لدول العالم؟، انتظروا!!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244

خالد المالك


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة