Al Jazirah Magazine Tuesday  20/02/2007 G Issue 207
الملف السياسي
الثلاثاء 2 ,صفر 1428   العدد  207
 

بدا في مؤتمره الصحفي السنوي واثقاً من نفسه..
بوتين وتباشير اقتصاد مزدهر

 

 

* إعداد - محمد الزواوي

التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأول من فبراير الماضي عدداً غير مسبوق من الصحفيين بلغ 1139 صحفياً في قاعة الكرملين الضخمة، وبدا واثقًا من نفسه في مؤتمره الصحفي السنوي السادس، وربما الأخير في فترة رئاسته.

فعلى عكس نظيره الأمريكي الذي يواجه العديد من المتاعب - يبدأ بوتين سنته الختامية من فترة رئاسته في ظل نسبة تأييد شعبي بلغ 80% في الشهر الماضي، وساحة خالية تقريباً من أية منافسة سياسية، وأوضاع اقتصادية قد تشهد أنباء سارة.

وقد بدا الجو العام في قاعة الكرملين احتفاليًا إلى حد كبير بالرغم من رسمية المؤتمر، ورفع الصحفيون لافتات ملونة تشير إلى المناطق أو المدن التي يمثلونها، ربما في محاولة للفت انتباه الرئيس.

وكانت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية حاضرة في المؤتمر، حيث كتب مبعوثها إلى المؤتمر فريد فير تقريراً عنه نشرته الصحيفة مؤخراً بدأه بقوله إن الرئيس لم يخيِّب آمال الصحفيين، حيث أجاب عن أسئلتهم المتنوعة على مدى ما يقرب من أربع ساعات، وجاءت إجاباته حاسمة وكثيرًا ما كان يعتمد على إحصاءات وأمثلة ذات صلة لتأكيد وجهة نظره.

يقول التقرير إن بوتين دافع في مؤتمره الصحفي عن اقتصاد بلاده قائلاً إن روسيا جاءت ضمن أفضل عشرة اقتصادات في العالم العام الماضي، بنسبة نمو في الناتج المحلي بلغ 7%، وزيادات كبيرة في متوسط الأجور، وتدفق غير مسبوق في الاستثمار الأجنبي، بينما قفز سوق الأسهم بنسبة 80% في العام الماضي ليصل إلى تريليون دولار، مضيفاً أن نجاح حكومته لم يتوقف عند حدود الحفاظ على اقتصاد متطور، بل اقتصاد متنوع أيضاً.

وتراوحت أسئلة الصحفيين بين الأسئلة المتعلقة بالأمن العالمي التي تتناول الفضائح السياسية المحلية في سيبيريا، ورغم تنوعها فقد بدت سهلة بالنسبة لبوتين، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:

هل ستؤدي عمليات انقطاع التيار الكهربائي الشاملة التي حدثت في مدينة سوشي الجنوبية إلى تراجع في حظوظ استضافتها للأولمبياد الشتوية لعام 2014؟ لا تقلقوا، هذا الأمر تحت السيطرة.

هل خفت حدة المشكلة الديموغرافية الروسية؟ نعم، قلت معدلات الوفيات بنسبة 13% في العام الماضي.

ماذا عن طلب فنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)؟ في الحقيقة ذلك لن يكون مفيدًا للسلام العالمي.

هل تستخدم روسيا قوتها في مجال الطاقة للضغط على جيرانها؟ لا، (نحن فقط نريد أن نصل إلى سعر عادل).

ما رأيكم في محاكمة ناظر المدرسة في مدينة (بيرم) بتهمة استخدام برمجيات مقرصنة؟ (يجب علينا حماية الملكية الفكرية، ولكن يجب أيضا تعديل القانون لحماية المنتهكين الصغار من أمثال هذا الناظر).

وربما كانت الإجابة الأكثر إثارة للدهشة هي إجابته عن سؤال عما إذا كان يستخدم نوعًا من المعدات الخاصة لمساعدته على تذكر كل تلك الحقائق؟ حيث أجاب بوتين على ذلك بالنفي قائلاً إنه يعمل في هذه القضايا كل يوم، ومن السهل عليه تذكر كل تلك البيانات.

وينقل التقرير عن سيرجاي ميخييف، مدير المركز المستقل للتقنيات السياسية في موسكو، قوله إن بوتين يعد ظاهرة بلا شك، ومن الواضح أنه على صلة وثيقة بكل تلك القضايا، ويحتفظ بكل تلك المعلومات في ذهنه، ومن المؤكد أيضا أن هذا المؤتمر لا يبدو بحال من الأحوال مؤتمراً صحفياً لبطة عرجاء.

ويرى التقرير أن معظم الخبراء يعتقدون أن العفوية التي ظهر بها بوتين ليست مفتعلة، ذلك لأن الصحفيين الأجانب الذين بلغ عددهم ثلاثمائة صحفي كانوا سيلاحظون أي تلاعب في المعلومات من قبله.

ولكن الزمام ربما فلت منه قليلاً عندما وقفت مارينا سولوفينكو، الصحفية من أقصى الشرق الروسي مبتدرة أسئلتها بقولها: (أنا لست من قائمة الموافقين، وسؤالي أيضًا ليس كذلك).

قالت ذلك بتردد، ما أوحى بأنها ربما كانت تحمل قائمة معدة مسبقًا من الاستجوابات.

هنا أومأ بوتين بإشارة من رأسه حملت شيئاً من الغلظة، ومضت الصحفية تسأله عن قضايا الفساد الداخلي، وكانت إجاباته عليها قاطعة ومباشرة.

وتورد الصحيفة رأي المنتقدين لبوتين أيضا، الذين يرون أن المؤتمرات الصحفية المطولة التي يعقدها، والقوائم الطويلة من الموضوعات التي يتناولها، تدل بوضوح على نوع النظام السياسي الذي أنشأه خلال السنوات السبع من حكمه.

ومن هؤلاء ماشا ليبمان، الخبيرة بمركز كارنيجي بموسكو، التي تقول إن بوتين ركز كل السلطات في الكرملين وأضعف مراكز صنع القرار الأخرى، ولذلك فإن كل شيء ينتهي إليه، وأصبح بذلك الشخص الوحيد الذي له حق البت في أي قرار يتعلق بأي قضية مهما كانت صغيرة، لذا فليس غريباً أن يبدو وكأنه على قمة كل شيء حتى الصغائر من المشكلات.

ويشير التقرير إلى سؤال واحد ظل يدور في أذهان الصحفيين دون إجابة واضحة، وهو السؤال المتعلق بالشخص الذي سوف يخلف الرئيس عندما تنتهي فترة رئاسته الثانية في غضون عام.

فقد أجاب بوتين على ذلك بقوله (لن يكون هناك خليفة لي)، نافيًا بعض الأقاويل التي ظلت تتردد بأنه سوف يختار خليفة له يحمل نفس ملامحه، وأضاف: (سوف يكون هناك مرشحون للرئاسة ومهمة المسؤولين هي ضمان ديموقراطية الانتخابات).

وتشير التوقعات إلى احتمال أن يترشح اثنان من المقربين من بوتين لخلافته، وهما نائب رئيس الوزراء ورئيس شركة (جازبروم) ديميتري مدفيديف، ووزير الدفاع سيرجاي إيفانوف، وكلاهما منحا مهاماً إضافية وأصبحا محل اهتمام أجهزة الإعلام في العام الماضي بإيعاز من الكرملين.

وتختتم الصحيفة تقريرها بقولها نقلاً عن ليبمان: (إن بوتين، بعد أن أفرغ الساحة السياسية من كل الرموز التي يمكن أن تشكل منافسة حقيقية له، يريدنا الآن أن نتوقع اختيارًا حراً وديموقراطيًا، ولكننا قد لا نأخذ ما يقوله على محمل الجد).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة