Al Jazirah Magazine Tuesday  20/02/2007 G Issue 207
الملف السياسي
الثلاثاء 2 ,صفر 1428   العدد  207
 

المجتمع الدولي يدرس حجم الدور المطلوب
الأوضاع في البوسنة تتجه نحو التعقيد

 

 

* إعداد - محمد الزواوي

وتورد الصحيفة نقلاً عن بعض المصادر قولها إن هذا التحول من جانب الدبلوماسي الألماني نتج عن تضافر ثلاثة عوامل أهمها الانتخابات التي جرت في أكتوبر الماضي، والحملات المصاحبة الساخنة، التي أدت إلى تصعيد التوتر بين المجموعات العرقية الثلاث بالبوسنة، الصرب والكروات والبوسنيين، يضاف إلى ذلك فوز القوميين المتطرفين في انتخابات صربيا المجاورة في الحادي والعشرين من يناير الماضي، والقرار المعلق للأمم المتحدة بشأن منح كوسوفو حق الاستقلال عن صربيا.

وحاورت الصحيفة كريس بينيت، المتحدث الرسمي باسم شيلينج، الذي قال إن كل تلك العوامل لها آثارها النفسية على البوسنة وتشكل لها وضعاً في غاية التعقيد، مضيفاً أن إغلاق مكتب الممثلية العليا يعد اختباراً لمدى قدرة الدول الغربية على تحمل تلك المخاطر أو رغبتها في ذلك.

فمنذ عام 1997م كانت الممثلية العليا تمارس سلطة فرض التشريعات وإقالة المسئولين المحليين، وهي الأداة التي استخدمها الممثلون السابقون في هذا المكتب.

ولكن شيلينج، الذي تقلد منصبه في أوائل عام 2006م، انتهج أسلوب كف اليد، مبرراً ذلك بأن سياسة فرض الحلول لم تعد أداة بناءة ولن تؤدي إلا إلى شعور وهمي بإحراز تقدم.

ويرى بينيت أن مثل هذه القوانين المفروضة لن تجد طريقها للتطبيق دون دعم محلي، ذلك لأن الأمر في نظره يتعلق بتقوية السلطات المحلية لممارسة مسئولياتها المستقبلية في بلادها.

ويرى التقرير أن هذا التوجه (الناعم) كان مرضياً لصرب البوسنة، الذين خاضوا حروباً من أجل إنشاء دولتهم العرقية الخاصة بهم، ولذلك فهم يقاومون أي تحركات في اتجاه تقوية المؤسسات الوطنية الأخرى على حساب دولتهم التي يطلقون عليها اسم الدولة الصربية.

ولكن هذا التوجه لم يكن يحظى بتأييد يذكر بين غير الصربيين، الذين يعيش معظمهم في الكيان الآخر لدولتهم، أي الاتحاد الكرواتي البوسني.

ومن المتوقع أن تصدر مجموعة الأزمات الدولية تقريراً في الأيام القادمة تنتقد فيه أداء شيلينج.

كذلك حاورت الصحيفة عدداً من المحللين السياسين، ومنهم سيناد سلاتينا من سراييفو، الذي يرى أن توجه شيلينج قد أدى إلى تقويض كل ما تم إنجازه، وقد تجهض فرص نجاح الإصلاحات المتبقية التي يحتاجها المجتمع الدولي من أجل إخراج ممثليه من المنطقة، إذ كيف يمكن تحويل السيادة إلى سياسيي البوسنة والهرسك في الوقت الذي لم تواجه فيه السياسات المعتمدة على العرقيات، التي تسببت في حروب تلك البلاد، بالجدية المطلوبة.

ورغم أن معاهدة عام 1995م، المسماة اتفاقية دايتون، قد أنهت الحرب الأهلية في البوسنة التي استمرت أربع سنوات، فإن التقرير يرى أنها تركت مسبباتها المتجذرة دون حل، حيث يقول منتقدو الاتفاقية إن التسوية التي قسمت البوسنة إلى كيانين عرقيين، تحت حكومة مركزية ضعيفة، قد جعلت من المستحيل للبلاد أن تحكم نفسها بنفسها دون إشراف ورقابة منتظمة من جانب الممثلية العليا والمسئولين الأجانب الآخرين.

ويقول جاكوب فينسي، رئيس إدارة الخدمات المدنية بالبوسنة، إن اتفاقية دايتون أنتجت نظامًا يستطيع فيه أي حفنة من الناس عرقلة أي قرار أو تشريع, ومن المستحيل تجاوز مثل هذه العراقيل دون مساعدة الممثلية العليا، لذا يصعب الاعتقاد بأن تلك الدولة يمكن إدارتها بدون هذا المكتب. كذلك يشير هاريس سيلاجدزيتش، ممثل البوسنة في الرئاسة الثلاثية للبلاد، في حواره مع الصحيفة، إلى أن الكونجرس الأمريكي وافق في عام 2005م على قرار ينص على أن صرب البوسنة اقترفوا حرب إبادة ضد شعبهم في الفترة بين عامي 1992 و1995م. ويضيف: ولكن الغرب يفضل أن يتحدث عن (ثلاثة فصائل متحاربة) لأن ذلك يسمح لهم ببذل أقل ما يمكن من جهد، وأن يقوموا بدور الوسيط.

كان على القوى الغربية أن تقر بوجود معتدين وضحايا واضحين في تلك الحرب، ومن ثم يشرعون في معالجة نتائج التطهير العرقي والسياسات العرقية" وتقول الصحيفة إن المجتمع الدولي يركز الآن على جعل البوسنة مؤهلة للخطوة الأولى في اتجاه الالتحاق بالاتحاد الأوروبي.

ومع استمرار التوتر في المنطقة فإن من المتوقع أن يبقي المجتمع الدولي على مكتب الممثلية العليا، ولكن الذي لم يتم التقرير بشأنه بعد، حسب بعض المصادر، هو نوع السلطات التي ينبغي أن تمنح للممثل العالي القادم، هل هي سلطات التدخل الفعلي الذي تحاشاه شيلينج أم ممارسة دور محدود مثلما كان يمارسه.

وبغض النظر عن هذه القرارات، فإن الطريق سوف يكون صعبًا، وذلك لأن تكوين حكومة قومية فاعلة يتطلب من البوسنيين والصرب والكروات أن يوافقوا على إدخال تغيرات جذرية في اتفاقية دايتون.

ويرى فينشي أن الفصائل العرقية الثلاثة ليس بإمكانها الموافقة على نوع الدستور أو الدولة التي يريدونها، وأن الوضع سيظل على هو عليه في السنوات القليلة القادمة، لأنه لا توجد صورة واضحة يمكن أن تتفق حولها المجموعات الثلاث.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة