Al Jazirah Magazine Tuesday  20/02/2007 G Issue 207
خارج الحدود
الثلاثاء 2 ,صفر 1428   العدد  207
 

قصة زواج وسط الحرب في الصومال

 

 

(أفسدت الحرب في الصومال محاولتي الأولى للاقتران بأنيسة عشية العام الجديد، كنت أنوي إقامة حفل فخم في مدينة بيدوة بوسط البلاد موطن عروسي الشابة وحفل آخر للأصدقاء في العاصمة مقديشو، حيث أقيم. لكنني اضطرت لإلغاء مراسم الزواج في آخر لحظة نتيجة اندلاع الحرب التي طال انتظارها بين القوات الإثيوبية والقوات الحكومية الصومالية ضد الإسلاميين في مقديشو.

واتصلت بي حماتي من بيدوة قائلة: (يا بني أعتقد أن علينا تأجيل حفل الزواج. وصمت في محاولة لاستيعاب الخبر بينما يتنازعني عملي الصحفي ونداء القلب. وأضافت: لن تتوقف الحرب. لا أعتقد أن بوسعك وأنيسة الوصول إلى بيدوة في وقت مناسب لإقامة حفل الزفاف. ينبغي أن نحدِّد موعداً عقب انتهاء الحرب.

كانت على صواب فقد دارت المعارك لعدة أيام بالقرب من بيدوة ثم امتدت إلى مقديشو مع فرار الإسلاميين. وكانت هذه أسوأ معارك شهدتها الصومال منذ عقود وأسفرت عن مقتل الآلاف ولقي كثيرون حتفهم على الطريق بين بيدوة ومقديشو.

وتنبأ كثيرون بحمام من الدم وقتال في شوارع مقديشو مما دفعني في وقت ما للتفكير في مغادرة الصومال حفاظاً على سلامتي ولكن أنيسة لا تملك جواز سفر فاضطررت للبقاء.

وبعد أسبوعين من بدء القتال بشكل صريح فر المقاتلون الإسلاميون من مقديشو بلا مقاومة، إذ باغتهم عنف الغارات الجوية الإثيوبية وأحسوا بقرب الهزيمة.

وأخيرا تزوّجت من أنيسة في 18 يناير - كانون الثاني في منزل أسرتها في بيدوة. وحضر الحفل مسلحون مدججون بالبنادق استأجرتهم كحرس خاص بسبب حالة التوتر التي كانت لا تزال سائدة.

وتم عقد القران في الصباح في غرفة زيّنت بشكل أنيق في منزل عائلة خطيبتي. وعقب ذلك قام الكبار بتوزيع أكواب من لبن الجمال المثلج قائلين إنه سيساعد على تهدئة التوتر الذي صاحب محاولة إتمام الزفاف. وشربت اللبن وسط تصفيق وزغاريد النساء.

وأقيم حفل الاستقبال بمناسبة الزفاف في المساء في مطعم بوسط بيدوة، حيث قدمت المشروبات والحلوى على موائد مزيَّنة بالزهور. وارتدت أنيسة فستاناً أسود اللون يزيّنه الريش يتناسب مع قرط وعقد من الفضة. وارتديت بذلة سوداء من تصميم إرمني وقميصاً إيطاليا لونه أزرق فاتح.

وبدت الحرب ذكرى بعيدة ولم يذكرنا بمشاكل الصومال سوى غياب أسرتي وأصدقائي الموجودين في كينيا نتيجة انعدام الأمن.

وبعد يومين عدنا إلى مقديشو لتمضية شهر العسل، وللأمانة منذ ذلك الحين نادراً ما نعمت بأمسية هادئة مع زوجتي.

ومرة أخرى بدأت الفوضى تزحف ببطء إلى مقديشو وأصبحت الكمائن التي تنصبها فلول الإسلاميين ضد الجيش الإثيوبي والقوات الحكومية الصومالية ليلاً ونهاراً من الأحداث اليومية. وأصيبت مراكز الشرطة بقذائف مورتر وحتى قصر الرئاسة. ويطلق مسلحون النار في وضح النار. وترى الجثث في الشارع كل صباح. وأحياناً ما أستيقظ أنا وأنيسة في منتصف الليل على أصوات الانفجارات والصواريخ وتبادل النيران.

ومما لا شك فيه أن أنيسة تشكو لعجزها عن مغادرة المنزل وزيارة الأقارب خشية وقوع معارك، أما أنا فإن نداء الواجب دفعني لأن أقطع شهر العسل وأغطي الأنباء ليتنازعني من جديد العمل والرغبة في البقاء قرب حبيبة القلب).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة