Al Jazirah Magazine Tuesday  11/03/2008 G Issue 256
استشارات
الثلاثاء 3 ,ربيع الاول 1429   العدد  256
سؤال وجواب

* ما هو حكم الطلاق في الإسلام؟

- الطلاق لغة بمعنى إزالة القيد والتخلية حسياً كان أو معنوياً، فالحسي كقوله أطلقت إبلي والمعنوي كقوله طلقت امرأتي، وهو في اصطلاح الفقهاء رفع قيد النكاح بلفظ مشتق من أطلق أو ما في معناه صادر من الزوج أو من يقوم مقامه وبعبارة أوضح: حل عقدة النكاح بين الزوجين وإنهاء العلاقة الزوجية.

والطلاق مشروع وجائز عند الحاجة لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (وقوله تعالى ) الاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ(وقوله تعالى ) الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.

وقد ثبت مشروعيته بالسنة منها: ما رواه مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله عن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مره فليراجعها، فليمسكها حتى تطهر ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)، ومن السنة أيضاً ما روى عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها.

وقد أجمع الصحابة والتابعون من عهد رسول الله حتى يومنا هذا على أن من حق الرجل أن يطلق زوجته ولم ينكر أحد هذا الحق إلا إذا كان بدون عذر.

وقد اختلف العلماء في حق استعمال الرجل للطلاق هل هو حق مطلق أو مقيد، فمنهم من يرى الإباحة أي أنه مطلق ويستدلوا على ذلك بأن الآيات القرآنية التي تحدثت عن الطلاق لم تقيده بشيء ومنهم من يرى أن الأصل في الطلاق الحظر لأن النكاح عقد مصلحة إذ هو وسيلة إلى مصالح الدنيا والدين، والطلاق إبطال لهذا العقد وإبطال المصلحة يعد مفسدة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}(205) سورة البقرة. كما أن الزواج عقد مسنون أو واجب والطلاق تفويت للواجب وقطع للسنة، فكان الأصل في الطلاق الحظر دون الإباحة إلا إنه رخص فيه للتخلص من عدم توافق الأخلاق وتباين الطبائع.

وعقد الزواج في الشريعة الإسلامية من أهم العقود وأخطرها وأجلها وأعظمها لأن الله سبحانه وتعالى أراد لهذا العقد الدوام والاستمرار مدة حياة الزوجين حتى يؤتي الزواج ثماره المرجوة من الولد والسكن والطمأنينة، ولهذا أسماه الله ميثاقاً غليظاً، قال تعالى {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (21) سورة النساء وينبه القرآن إلى ترابط الأسرة لحسن معاشرة الزوج لزوجته، فإنه لو كرهها لا يدري أين يكون الخير، فربما يكره الإنسان شيئاً ويجعل الله فيه الخير.

قال تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (19) سورة النساء، وإذا كانت العلاقة الزوجية موثقة ومؤكدة وينبه القرآن والسنة إلى حسن المعاشرة وعدم التفريط في الترابط بين الزوجين، وكل أمر من شأنه أن يوهن من هذه الصلة ويضعف من شأنها فهو بغيض إلى الإسلام لفوات المنافع المقصودة وذهاب مصالح الزوجين والأبناء، كما أنه لا يجوز للزوجة أن تستهين بالحياة الزوجية وتسأل الزوج طلاقها بدون سبب أو مقتضى لذلك.

ولا يجوز للمرأة أن تطلب طلاق امرأة أخرى لتستأثر بالزوج، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها)، كما لا يجوز في نظر الإسلام خارج عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها).

وبذلك يكون الطلاق قد شرع دفعاً للمفاسد، وتحقيقاً لأصل من أصوله، وهو أن يكون وسطاً بين الإفراط والتفريط، فالشريعة الإسرائيلية تبيح الطلاق بوجه عام ولو بغير سبب، وبعض الطوائف في المسيحية لا تقر الطلاق إلا لعلة الزنى، فجاء الإسلام وكان وسطاً بين الإفراط والتفريط، وجعله حاجة من حاجات المجتمع لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة