الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 28th March,2006 العدد : 166

الثلاثاء 28 ,صفر 1427

أمن إسرائيل لا أمن المنطقة!!
يقول الرئيس الأمريكي إنه لن يسمح لإيران بأن تواصل عملها لتخصيب اليورانيوم بما يمكّنها من إنتاج الطاقة والرؤوس النووية.
وموقف الرئيس بوش كان يمكن أن يكون مقبولاً ومرحباً به، وأن يُضاف إلى سجل الولايات المتحدة الأمريكية الذي يضم القليل جداً من مواقف الإدارة الأمريكية المنصفة والعادلة في التعامل مع الدول والشعوب.
***
غير أن الرئيس الأمريكي يبدو أنه لا يلقي كثير اهتمام بترحيب الدول الصغيرة والشعوب بدليل مثل هذا الكلام الذي يصدر عنه، وهي الدول التي لا تملك من السلاح والقوة العسكرية والاقتصادية ما يمكِّنها من أن تقول للدول الكبرى لا بصوت مرتفع حين يُملى عليها ما يتعارض مع مصالحها الوطنية.
بدليل أنه سارع إلى إيضاح موقفه من المشروع النووي الإيراني بالقول: إنه يهدِّد أمن إسرائيل، وإن الولايات المتحدة الأمريكية وهي المعنية بضمان أمن إسرائيل بحكم علاقاتها الإستراتيجية معها، لن تسمح بأن يهدّد أو يمس هذا الأمن أو يعرض استقرار إسرائيل للخطر.
***
أي أن تخصيب اليورانيوم الإيراني على ما فيه من خطر على أمن المنطقة دولاً وشعوباً ليس من ضمن الحسابات والاهتمامات الأمريكية، وكان يمكن أن يكون مقبولاً ومسموحاً به، بل ربما وضعت الخبرات والإمكانات الأمريكية في خدمة إنجازه، لولا أنه يهدِّد أمن وسلامة إسرائيل.
وبمثل هذه السياسة الأمريكية غير العادلة تتكاثر المواقف المضادة لها من الشعوب والدول في منطقتنا وفي جميع مناطق العالم، دون أن تعيد الإدارات الأمريكية المتعاقبة حساباتها ومواقفها من القضايا الملتهبة في العالم، بما عزَّز من انتشار ظاهرة الإرهاب باتجاه تناميها وازدياد خطورتها.
***
وكان الأجدر بالرئيس بوش وهو يمضي الجزء المتبقي من ولايته الثانية في البيت الأبيض، أن يطالب إسرائيل بنزع سلاحها النووي، وأن يتبنى موقفاً دولياً يلزمها بإخضاع أبحاثها ومواقعها النووية للتفتيش، من غير أن يتخلَّى عن إصراره على تنظيف الأراضي الإيرانية من المنشآت النووية.
ولو فعل الرئيس الأمريكي ذلك، وأخذ موقفاً حازماً من إسرائيل أولاً ومن إيران ثانياً، لكان في موقفه هذا قد أعطى للعالم دروساً لم يألفها من قبل عن الأسس التي ينبغي أن يبنى عليها السلام العادل والشامل في العالم، وبالتالي لطمأن شعوب منطقتنا على ضمان أمنها، وعدم تعريض استقرارها للخطر بفعل نزوات إسرائيلية أو إيرانية، أو مغامرات قد تأتي في المستقبل من دول أخرى في المنطقة.
***
ولأن الإدارة الأمريكية لا تفعل ولا تفكر أن تفعل ذلك، ولأنها تتعامى عن أي اقتراح أو وجهة نظر أو رأي يصب في هذا الاتجاه، انسجاماً مع إرث تاريخي من المواقف الأمريكية المنحازة لإسرائيل، فقد ظل العالم ينظر إليها بوصفها دولة غير عادلة وغير منصفة، ولا تمثِّل الحكم النزيه في المشكلات الدولية العالقة.
ولهذا فلم يكن مستغرباً أن يكون الموقف الأمريكي من المفاعل النووي الإيراني الرافض لتخصيب اليورانيوم مصدره الخوف على إسرائيل وليس التضامن مع دول المنطقة التي ترى في النوايا الإيرانية ومثلها وقبلها النوايا الإسرائيلية مصدر قلق وخوف على مستقبلها وأمنها واستقرارها، وفي ظل هذا التصور لعل هناك فرصة أمام الرئيس الأمريكي للتفكير في مواقف إدارته من الحالة التي تثير القلق وتهدِّد بمستقبل غامض ومخيف لدول وشعوب المنطقة بما لا مجال فيه لأن يستثني أحداً مما هو متوقّع ومنتظر.


خالد المالك

50 ألف مصرية يملكنها
العصمة من حق الزوجة!!
* القاهرة/تحقيق - أسامة نور الدين:
انتشرت في الآونة الأخيرة حالات انتقال العصمة من الرجل إلى المرأة خاصة بعد صدور إحصائية من المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بوجود 50 ألف زوجة يمتلكن العصمة في مصر، ولا نعرف على وجه الدقة الأسباب الكامنة خلف تلك الظاهرة الآخذة في الانتشار.
وإن كان الواضح أن كثرة الحديث عن مساواة المرأة بالرجل قد أغرى البعض لأن يتعدى ذلك الأمر إلى أخذ حقوق كانت في الماضي أصيلة للرجل ولا يمكن للمرأة منازعته فيها، إلا في أضيق الحدود وفي حالات أقل ما يُقال عنها أنها شاذة.
وهناك تيار قوي يعمل في صف المرأة, بل هناك حمى منتشرة في المجتمع اسمها المرأة, وليت هذا التيار يعمل لمصلحة المرأة, ولكنه يهدف إلى تحطيم المرأة المسلمة, وتحويل العلاقة بين الزوجين القائمة على المودة والرحمة إلى صراع, كما أنه قد ظهرت في المجتمع فئات أنثوية جديدة مثل سيدات الأعمال وهؤلاء اللاتي لديهن الملايين بالتأكيد سوف يتزوجن بهذه الطريقة حتى يتخلصن من أزواجهن عند اللزوم, كذلك هناك الممثلات اللاتي تزايدت أعدادهن في الفترة الأخيرة، حيث فقد الزواج كقيمة الكثير ولم يعد كما كان في الماضي ذلك المشروع الذي يحظى بالعناية والتقدير حتى أصبح بعض الشباب للأسف يتزوجون على ورقة كراسة.
وقد اختلفت الآراء حول هذه الظاهرة بين مؤيِّد ومعارض وكل فريق له من الحجج والأسانيد ما يبرر وجهة نظره، لذلك كان علينا أن نتطرق لمثل هذه الظاهرة ونعرف الآراء المختلفة والمثارة حولها من الناحية الدينية والاجتماعية والقانونية.
حول هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية يقول (شفيق أحمد) مأذون بالعجوزة إنه مرَّ عليه حوالي 50 حالة تطالب فيها الزوجة بالعصمة بالاتفاق مع الزوج، ومعظم الحالات تكون فيها فوارق مادية بين الزوج والزوجة وفارق في السن، وقد تلجأ بعض الزوجات إلى جعل العصمة في يديها بدلاً من الخلع حتى تضمن حقها في مؤخر الصداق، حيث إن الخلع يدفعها للتنازل عن حقوقها.
أما الشيخ (أحمد درياله) مأذون شرعي فيقول: إن الحالات التي مرَّت عليه معظم الزوجات فيها ذوات مستويات اجتماعية عالية، وتلجأ فيها الزوجات إلى جعل العصمة بيدها وذلك لتجربة سابقة لم تشعر فيها بالاستقرار مما جعلها تصر على أن تكون العصمة بيدها رغم ارتفاع نسب الطلاق بهذه الحالات التي قد تصل إلى 25%.
ويقول (علي القصاص) مأذون شرعي بمنطقة مصر الجديدة إن معظم الحالات التي مرَّت عليه زوجات مستواهن المادي متوسط، ولكن تلجأ الزوجة لذلك نتيجة لتجارب سابقة مرَّت بها ولا تريد تكرار التجربة مما يضطرها إلى الاحتفاظ بالعصمة في يدها.
وحول آراء العلماء والمتخصصين يقول الدكتور (أحمد المجذوب) أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: هذه الإحصائية تعكس التغيّرات الاجتماعية التي يمر بها المجتمع، فهذا الوضع له انعكاساته على الأسرة والمجتمع لأن القوامة للرجل في الإسلام وتتضمن القوامة امتلاكه إنهاء العلاقة الزوجية وهذا الوضع يجعله يشعر بالصغر في نفسه وعدم المسئولية أيضاً عن استمرار الحياة الزوجية وينظر إلى نفسه نظرة ليست فيها احترام، كما أن الآخرين ينظرون إليه بنظرته السابقة، كذلك إحساس المرأة نحو الرجل زوجها يختلف تماماً عن نظيرتها التي ليست لديها العصمة، لأن التي بيدها العصمة تشعر أنها تملك هذه العلاقة مما يجعلها تبالغ في تقدير قوتها إزاء قوة زوجها فينعكس ذلك بالطبع على الأبناء الذين ينظرون إلى أبيهم بأنه رجل ناقص وغير عادي، كما نجد أن الأبناء ينحازون للطرف الضعيف المهدد بالطلاق وهو الأب، وهذا غير سوي من الناحية الاجتماعية لأنه خرج عن الوضع الطبيعي له.
أما بالنسبة لنظرة المجتمع لهذا الرجل فهو ينظر إليه بأنه رجل غير سوي لديه أطماع شخصية جعلته يتنازل عن هذا الحق لكي يصل إلى ما يريد دون النظر إلى الآثار التي تنعكس عليه من ذلك الوضع، بالإضافة إلى سخرية الآخرين وخاصة أقاربه من هذا الزواج، لذلك يرى المجذوب أن أغلب الزيجات التي تحتفظ فيها الزوجة بالعصمة تقع في شرائح معينة في المجتمع إما نتيجة وجود تجربة سابقة للزوجة وأرادت الزوج الثاني كي تتخلص من التجربة السابقة أو بالنسبة للزوج لطمعه في مال الزوجة، حيث يمكن أن يتزوج من تكبره في السن لأن لديها ثروة أو لمجرد أنها فنانة مشهورة يمكن أن يكون له مكانة على يديها بين الآخرين، ومع هذا يرفض المجتمع المصري هذه الزيجات وينظر إلى هذا الرجل نظرة سخرية واستهجان لأنه ليس رجلاً بمعنى الكلمة.
***
حصن للمرأة
ويضيف الدكتور (حامد زهران) أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس أن وجود العصمة في يد الرجل حصن للمرأة لقوله تعالى {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، فأصل العلاقة بين الزوجين المودة والرحمة وإذا وجد ما يعكر صفو هذه العلاقة فهو هدم للبيت والأسرة وهذا ما يحدث في زواج المصلحة الآن، حيث يتم الزواج في سرية تامة وغير واضح وغير معروف، وبالتالي كل زواج غير واضح وغير معروف من المؤكّد أن يكون محكوماً عليه بالإعدام؛ لأن الزواج كما شرعه سبحانه وتعالى يتم عن طريق الإيجاب والقبول وبدون شرط، أما وجود شرط العصمة في يد الزوجة فهذا يعد زواجاً معوجاً من الناحية النفسية وذلك نتيجة لوجود عيوب في التركيبة الشخصية للزوج، حيث إن الرجال قوامون على النساء كما قال المولى عزَّ وجلَّ، أما عدم وجود مثل هذه القوامة فهذا غير طبيعي وغير معتاد وفي رأيي يعد باطلاً لأن ما بني على باطل فهو باطل، ويمكن أن يأخذ شكل الزواج العرفي المعروف (بالزنى العرفي) لأنه يبنى على مصلحة وإذا انتهت ينتهي الزواج وبالتالي لا يوجد استقرار أسري لأن الأسرة مهددة في أي وقت من جانب الزوجة لذلك أحذَّر الناس من مثل هذه الزيجات التي تخرب البيت وتدمره.
ويرى الدكتور (جاد مخلوف جاد) الأستاذ بجامعة الأزهر أن مثل هذا الزواج يعد انتكاساً للفطرة وذلك لأن المرأة تعتريها أحوال وخاصة أثناء الدورة الشهرية ونظراً لأنها تتعرض لمثل هذه الأمور جعلت العصمة في يد الزوج لأنه يتكلف عند زواجه بالمهر والسكن والإنفاق وبالتالي يراجع نفسه مرات عديدة قبل أن يلفظ بالطلاق لأنه يعلم أنه تعب قبل أن يتزوج، والله سبحانه وتعالى ذكر لنا حدود العلاج وذلك عندما خاطب الرجال بقوله، {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}، وذلك خطاب من الله موجّه للرجال، وبالتالي فالرجل الذي يتنازل عن العصمة وحقه في الزواج لمصلحة شخصية فإنه لا ينوي بالزواج عشرة طيِّبة ولا إقامة بيت مسلم، فالمفروض حينما يتنازل عن هذا الأمر لا تقبله المرأة إذا كانت مسلمة حقاً وملتزمة؛ لأن في هذه الحالة تعلم أنه لمصلحة أو منفعة خاصة له.
***
طلقة رجعية
من جانبه يشير الدكتور (عبد الله محمد سعيد) أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إلى أن مذهب الإمام أبي حنيفة فقط هو الذي أجاز للمرأة إذا كانت بالغة من حقها أن تشترط في عقد الزواج أن تكون العصمة بيدها ولها الحق أن تطلِّق نفسها طلقة رجعية لأن الإمام أبا حنيفة لا يشترط حتمية الولي وبالتالي يكون من حق البالغ أن تزوِّج نفسها بغير ولي لذلك فإن هذه الزوجة لا تملك إلا طلقة واحدة لأن التمكين محدود بواحدة والذي يملك الحق في الطلاق هو الزوج؛ وذلك لأن الزوج هو الذي يملك العقد ويملك فك العقد.
ويضيف الدكتور عبد الله أن طلاق العصمة خاطئ لأن هذا اللفظ يعني تفويض المرأة لأن العصمة بيد الرجل وهذا التفويض أجازه الحنفية فقط، أما باقي المذاهب الثلاثة فلا تبيح هذا التفويض ويعد هذا الشرط يفسد عقد النكاح ومن وجهة نظري أرى أن هذا الزواج بالتفويض عملية أساسها هدم الحياة الزوجية وتمييع المستقبل أمام الطرفين؛ بمعنى أن تمكين المرأة من تطليق نفسها سرعان ما تتمرد على بيت الزوجية؛ لأن الله سبحانه وتعالى لو أراد لها لعصمة لأعطاها إياها؛ ولأن هذا ضد الفطرة البشرية التي فطر الله عليها الناس جميعاً، فالمرأة يمكن أن توكل للبيع والشراء فقط، أما أمر الزواج والعصمة فهو أمر صعب لأنها أكثر عاطفية وسريعة التقلب ومزاجها متغيِّر، أما الرجل فعنده ثبات وعاطفته بطيئة التقلّب وهو المتحمل الإنفاق وغيره، ولم نشاهد بيتاً حتى الآن المرأة أخذت فيه التمكين في الطلاق مثل البيوت العادية لأنه سرعان ما ينتهي.
ويقول الدكتور (جمال الدين محمود) رئيس محكمة النقض سابقاً: من المعروف للجميع والمجمع عليه في الشريعة الإسلامية أن حق الطلاق يملكه الرجل، واختص الإسلام الزوج بالطلاق وحلّ عقدة النكاح، فقد أسندت الآيات الكريمة العديدة الطلاق إلى الرجال ووجهت الخطاب إليهم في قوله تعالى{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}، وقوله تعالى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، وقوله: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}، كما أن المرأة حينما يكون لديها سبب تطلب هذا الحق ويقضي لها الشرع به عن طريق القضاء، فالقاعدة الإسلامية أن الطلاق يملكه الرجل وتملكه المرأة، وهذه القاعدة استمر تطبيقها منذ عهد النبوة والمرأة لها طلب الطلاق في حالات عديدة كعدم أمانة الرجل على نفسها أو مالها وكذلك الهجر والغيبة الطويلة وهذه القواعد تراعي حق المرأة حينما يكون بقاء الزوجية ضاراً بها والضرر مرفوع شرعاً، وكذلك فإن الشريعة الإسلامية بما فيها من مساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق أو الالتزامات وهي مساواة تكاملية وليست تنافسية وهو ما تغفله الشرائع الأخرى، ولذلك فإن الشرع أعطى المرأة عند العقد أن تشترط أن يكون لها تطليق الزوج، وإذا رضي الزوج بذلك فهو يفوّضها فيه ويبقى له أيضاً حقه في الطلاق، وأكثر من ذلك فالمرأة إذا لم تكن حياتها الزوجية مستقرة بحيث تخشى ألا تؤدى حدود الله في العلاقة بينها وبين الزوج لها أن تطلب الخلع وذلك مقابل أن ترد له ما دفعه من مهر، وأعتقد أن حقوق المرأة هذه تتمشى مع العدل والمساواة ومصالح الأسرة.
وعن تقديره لحجم الرقم الذي أتت به الإحصائية وأكَّدت أن هناك 50 ألف سيدة في مصر يملكن حق الطلاق يؤكِّد الدكتور جمال أن هذا ليس مثيراً للقلق في مصر بالذات وفيها عشرات الملايين من المتزوجين، ولكن الذي يثير الخشية أن تكون المرأة التي لها هذا الحق متسرِّعة في استخدامه لأقل خلاف أو غفوة من الزوج، فالشرط يقره الشرع ويأمر بالوفاء به وهو لمصلحة المرأة ويتطلب منها أن تستخدمه بحكمة فلا تتسرَّع في استخدامه وهو أيضاً المطلوب في طلب الخلع.
***
عقدة الطلاق
وترى الدكتورة (آمنة نصير) أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن قضية العصمة بيد الزوجة ننظر إليها من شقين لنبيّن الحلال والحرام لهذه المسألة، فمن ناحية أن تطلق المرأة نفسها من الرجل إذا قَبِلَ هو ذلك فلا غبار عليه، لأن عقد الزواج عقد تراض بين الطرفين، والشق الثاني لهذه القضية شق اجتماعي وموروث ثقافي وعُرف، وهو أن عقدة الطلاق تكون للرجل لأنه هو الذي يتحمّل بناء هذا البيت، ومن يتحمّل بناء البيت يتحمّل خرابه، فهذا أمر متسق عقيدة وشريعة ولا غبار عليه.
وأصبح السائد والمعروف لدى الجميع أن الرجل هو الذي بيده حق إيقاع الطلاق، وسرنا على هذا قرونا طويلة، وعندما نأتي في هذا الزمان ونرى أن المرأة وصلت إلى مرحلة من النضج الاجتماعي والعاطفي والاقتصادي وتريد أن تجعل العصمة في يدها، فلا مانع من أن يوقع الرجل الطلاق، لأن الأصل أنها في يد الرجل، وعندما يعطي الرجل هذا الحق للمرأة بناءً على الحق المتراضى بينهما ليس هذا معناه انتزاعه من يد الرجل.
وتؤكِّد الدكتورة آمنة على أن القضية هنا قضية تراض بين الطرفين ولا غبار أن نعطي المرأة مثل هذا الحق شأن أن المرأة بيدها حق الخلع، فالقضايا كلها سواء في قضية الخلع أو تطليق الزوج للزوجة فكلها بطرفين كما تراضيا قبول أحدهما للآخر في بناء هذه الأسرة أو هذه الشركة الاجتماعية، فلا مانع أن تكون بينهما هذه المساحات.
وتطالب الدكتورة آمنة بضرورة البحث عن توطيد وإقامة علاقات سوية محترمة بين الرجل والمرأة، ولتبنى هذه العلاقة في بداية العقد بوضوح لا لبس فيه ولا جدال حماية وصيانة للأولاد الذين يدفعون الثمن نتيجة هذه الخلافات وخصوصاً عندما تخرج عن الإطار الذي أمر به الله (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
ومن جانبه يقول الدكتور (محمد رأفت عثمان) أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: هناك بعض العلماء يمنع أن تملك المرأة حق تطليق نفسها بالنيابة عن زوجها.. والبعض يرى أن ذلك جائز، فيكون الزوج قد وكل زوجته في أن تطلق نفسها إذا رغبت. ويضيف عثمان أن الحنفية يرون أن ذلك جائز ويسمون ذلك تفويضاً من الرجل لزوجته في تطليق نفسها على الإطلاق أو في وقت معين، ومع أن التفويض قرين في التوكيل إلا أن الحنفية يفرّقون بين التوكيل والتفويض؛ لأن التوكيل هو أن يجعل الزوج شخصاً آخر ينوب عنه في تطليق زوجته كأن يقول مثلاً (وكلتك في طلاق زوجتي)، فإذا قَبِلَ ذلك الشخص هذا التوكيل ثم قال لزوجة الذي وكّله أنت طالق أو قال طلقت زوجة موكّلى وقع الطلاق، وأما التفويض فهو أن يملّك الزوج زوجته تطليق نفسها منه، وتفويض الطلاق إلى الزوجة قد يكون مطلقاً عن التقيد بزمن معين كأن يقول لها طلّقي نفسك أو اختاري نفسك، وقد يكون مقيداً كأن يقول لها اختاري نفسك أو أمرك بيدك لمدة شهر مثلاً، وقد يكون مشتملاً على ما يدل على أن هذا التفويض في جميع الأوقات، كما يرى الحنفية أن التفويض للزوجة هو ما يعبّر عنه بالعصمة، يصح أن يكون مقروناً بإنشاء عقد الزواج ويصح أيضاً أن يكون بعد عقد الزواج وفي أثناء قيام الزوجية.
ويؤكِّد الدكتور محمد رأفت عثمان أنه يجب ملاحظة أن تفويض الزوج الطلاق إلى زوجته لا يسلب حق الزوج في أن يطلقها متى شاء، فيكون الطلاق إذن في وقت التفويض يصح من الزوجة بصفتها مفوّضة في هذا الشأن من الزوج، ويصح أيضاً من الزوج لأنه هو المالك لهذا الحق في الأصل.
أما الشيخ (فرحات السعيد) فيطالب بضرورة البحث عن أسباب انتشار الظاهرة متسائلاً: هل جاء ذلك كرد فعل طبيعي لازدياد خراب ذمم الرجال؟ هل فقدت المرأة الثقة في الرجل وتعتقد أنه سيلقي بها خارج البيت في أي وقت؟ ويقول: لا أعتقد أن هناك زواجاً دام واستمر وآتى ثماره كما أراد الله على هذه الصورة التي تجعل العصمة في يد الزوجة؛ لأن الزوجة في هذه الحالة تفترض أن العشرة لن تدوم مع هذا الرجل, ولذلك رأت أن يكون حق التطليق بيدها رغم أن أركان الزواج التأبيد وليس التأقيت, ومثل هذه الزوجة على يقين من أن زواجها مؤقت ولن يستمر وجعلت من ركن التأبيد كأن لم يكن!! ويضيف أن مثل هذا الزواج هو خلاف للمألوف ولا يتناسب مع أمر القوامة التي شرعها الله, ويذكر أنه حدث في قريته منذ زمن بعيد أن اشترطت سيدة أن تكون العصمة بيدها, وما زال الأبناء والأحفاد الذين جاءوا ثمرة هذا الزواج يُعيَّرون بهذا!

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
فن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
نادي العلوم
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
اقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
روابط اجتماعية
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
دراسات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved