Al Jazirah Magazine Tuesday  29/05/2007 G Issue 220
تقارير
الثلاثاء 12 ,جمادى الاولى 1428   العدد  220
 

يبلغ من العمر 90 عاما
أقدم متخصص في إصلاح الآلات الكاتبة بأمريكا

 

 

* إعداد - عايدة السنوسي

بعد أن فرضت اجهزة الكمبيوتر بأجيالها المختلفة سطوتها على الأعمال الكتابية والمكتبية في العالم تصور الكثيرون أن عصر الآلات الكاتبة التقليدية قد اختفى، ولكن ظهر أن هناك من يرى غير ذلك.

وقد نشرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريرا موسعا عن أقدم (متخصص في إصلاح الآلات الكاتبة في العالم) ويدعى مانسون وايتلوك.. يقول التقرير:

وقف مانسون وايتلوك يحدق في آلة كاتبة على المائدة. وقد كانت كبيرة الحجم ذات لون رمادي من نوع (آي بي إم سيليكتريك) يعود صنعها إلى ستينيات القرن العشرين.

ورغم أن وايتلوك يبلغ من العمر تسعين عاما فإنه يبدو أصغر من سنه. ويمكن القول إن وايتلوك يواصل إصلاح الآلات الكاتبة منذ فترة لم يصل إليها أحد في الولايات المتحدة. عندما بدأ وايتلوك عمله عام 1930 كانت أنباء رحلة تشارلز ليندبره لعبور المحيط الأطلنطي بطائرة ما زالت حاضرة في الأذهان. كما أن هربرت هوفر كان يتولى رئاسة الولايات المتحدة وكانت أعمال البناء تجري في أول ناطحة سحاب في العالم وهي مبنى إمباير ستيت.

ويزدحم محل ويتلوك لإصلاح الآلات الكاتبة بالمعدات والكتب والماكينات والذكريات التي تراكمت على مدى حوالي 77 عاما مضت. وبعد تقاعده عام1990 عندما انتقل من إلى الجزء العلوي من المتجر وما زالت أرفف المتجر مملوءة بكتيبات الصيانة والإصلاح ابتداء من الكاتب مارك توين أول من كتب كتابا عن صيانة وإصلاح الآلات الكاتبة إلى (كنوز الفكاهة اليهودية).

وبالطبع هناك آلات كاتبة كاملة قديمة تتفاوت حالاتها بشدة بعد أن عانت من تأثير السنين. وبعض الآلات تحمل تاريخ إنتاج يعود إلى1920 ويقول وايتلوك إنه أصلح حوالي 300 ألف آلة كاتبة خلال رحلته مع هذه المهنة وأن الآلة الأخيرة التي قام بإصلاحها هي الآلة رقم 300 ألف وواحد. ويضيف أنه إذا تم صف الآلات الكاتبة التي قام بإصلاحها إلى جوار بعضها فإن المرء سيحتاج إلى عدة أيام حتى يدور حولها دورة كاملة بالسيارة. المفارقة أنه يتعامل أيضا مع السيارات بنفس حرصه على كل ما هو قديم حيث يضع صورة لسيارته السابقة وكانت من طراز جاجوار إكس كيه120 من إنتاج عام 1953 بعد أن اضطر إلى بيعها لسداد تكاليف علاج زوجته الراحلة نانسي.

يقول إن إصلاح الآلات الكاتبة عمل غير مربح بصورة كبيرة ولذلك فلم يتجه أي من ولديه إلى العمل في هذه المهنة. ويضيف إن العالم تغير بالفعل وساعد على ذلك السيارات والطائرات وأجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر فلم يعد العالم كما كانت عليه الحال منذ 75 عاماً. ويتجاوز عمر وايتلوك الكثير من معاصريه سواء كانوا آلات كاتبة أو بشر. ولم يتبق على قيد الحياة من أخواته الخمسة سوى شقيقه الأكبر ريفردي. وقد عمل ريفردي ومانسون معا في متجر والدهما العمومي الذي أسس في نيو هيفين قبل ميلاد أي من الابنين.

يتذكر وايتلوك الأيام الخوالي فيقول (إنها كانت مبهجة لفتى في مثل سنه) ولكن الرجل أبدى اهتماما كبيرا بالماكينات وعندما جاء وقت التحاقه بالعمل في المتجر اختار قسم الآلات الكاتبة. ولم يتلق الرجل أي تدريب رسمي على صيانة هذه الآلات على الإطلاق حيث اعتمد الرجل على مبدأ (علم نفسك بنفسك).

وفي أربعينيات القرن العشرين استحوذ الابن الأكبر ريفردي وايتلوك على متجر الكتب المملوك للعائلة. ولم ينجح الشقيقان في العمل معا لذلك كان الانفصال أمراً محتوماً. ففي أحد الأيام دخل ريفردي المتجر ليجد أن شقيقه قام بتجميع الآلات الكاتبة في جزء من واجهة المتجر بعيدا عن باقي المتجر وقال لشقيقه اعتقد أن الانفصال أفضل. ويضيف أن هذا الانفصال ساعد في استمرار علاقته الإنسانية الجيدة بشقيقه بعيدا عن خلافات العمل.

وقد سمح الانفصال لمانسون بالتوسع حيث أصبح المتجر الخاص به قادرا على استيعاب ما بين400 و500 آلة وتم توظيف ستة عمال آخرين. وقد ساعد النجاح وايتلوك على أن يحتفظ لنفسه بالعمل في مجال إصلاح الآلات الكاتبة اليدوية وترك مهمة إصلاح الآلات الكهربائية إلى العمال الآخرين.

واليوم تعد الآلة الكاتبة طراز أوليفر التي يعود تاريخ إنتاجها إلى عام1910 أقدم آلة كاتبة في متجر وايتلوك. ورغم شكلها الجديد فإنها كانت تعد آلة تقليدية بالمقارنة بالتصميمات الأولى للآلات الكاتبة. وهناك أيضا آلة كاتبة من نوع هامونيا وهي أول آلة كاتبة ألمانية وتشبه آلة تقطيع الخبز. وهناك آلة من نوع بلينكسدفيرير 5 التي تتحرك مفاتيحها في كل اتجاه لتصبح أشبه وكما يقول وايتلوك نفسه (أم أربعة وأربعين). أما أفضل الآلات الكاتبة في هذا المتجر العتيق فهي من نوع وليامز وهي تعمل بنفس طريقة عمل نوع من الجراد الصغير يعرف باسم جراس شوبر. ورغم أن وايتلوك ظل لعشرات السنين يرفض إصلاح الآلات الكاتبة الكهربائية والإلكترونية ويترك هذه المهمة لمساعديه في المتجر فإنه اضطر هذه الأيام إلى التعامل مع هذه الآلات بعد أن تلاشت تقريبا الآلات اليدوية. يقول إن كل العملاء يستخدمون هذه الأنواع من الآلات فلم يعد هناك وجود تقريبا للآلات اليدوية باستثناء تلك التي تستخدم لأغراض الزينة.

وفي محاولة لإظهار مهارته وتأكيد صعوبة مهنته تركني وايتلوك أحاول التعامل مع آلة كاتبة كهربائية من نوع سيمث كورون ورغم كل التوجيهات التي قدمها لي فإنني لم أتمكن بالفعل من إنجاز المهمة رغم تكرار المحاولة، وبعد أن أتلفت بعض أجزاء الآلة ابتسم الرجل وقال: (لو كنت قد جئت إلي منذ 20عاما فقد كنت سأعطيك وظيفة لدي).

وبعد أن انتهى درس الصيانة طلبت منه الحصول على آلة كاتبة مما يوجد في المتجر لكنه قال: إنها ليست للبيع وأن علي أن ألجأ إلى موقع إي باي على الإنترنت حيث يمكن العثور على آلة كاتبة مناسبة مشيرا إلى أنه لم يستخدم ولم ير الإنترنت في حياته ولكنه سمع عن موقع إي باي للتجارة الإلكترونية. ولكن أول شيء عارضته فيه عندما قال: (أنت تقوم بتشغيل الآلة الكاتبة ولكن جهاز الكمبيوتر هو الذي يقوم بتشغيلك).

وعندما طلبت منه أن يلقي نظرة متفحصة على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به لعله يغير رأيه اقترب من الجهاز وقال: إنه أشبه بجهاز تلفزيون لكن الآلة الكاتبة ماركة سيمث كورونا التي يبلغ سعرها 10.49 دولار أفضل بالنسبة له وأكثر جاذبية.

وهو يقول: إن هذه الآلة صنعت أثناء الحرب العالمية الأولى وأن آخر آلة باعها من هذا النوع كانت بسعر مائة دولار، ويقول: إن الناس يقولون إن الآلات الكاتبة المصنوعة في الأربعينيات والخمسينيات وأشار إلى مجموعة منها (تحف أثرية).

وأخيرا اختتم وايتلوك الحديث واللقاء بالقول: (لن أتخلى عن الآلة الكاتبة مهما ظهر في العالم من أجهزة حديثة).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة