Al Jazirah NewsPaper Friday  20/10/2006G Issue 12440متابعة الجمعة 28 رمضان 1427 هـ  20 أكتوبر2006 م   العدد  12440
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

لقاءات

نادى السيارات

شعر

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

في مجلس سعد بن خالد!
ممدوح بن محمد الحوشان

بوفاة صاحب السمو الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبدالرحمن فقدت الأسرة الكريمة المالكة ركناً من أركانها وابناً باراً من أبنائها البرَّرة، كما خسر مجتمعنا السعودي بوفاته أحد أهم الشخصيات السعودية المؤثِّرة في حراكه الاجتماعي طوال العقود الخمسة الماضية.
لقد كان سعد بن خالد من الجيل المخضرم من آل سعود - إن جاز الوصف - فقد أدرك - رحمه الله - بواكير التوحيد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود - طيَّب الله ثراه - وعانى مع أهل نجد شظف العيش وقسوة الحياة وقلة ذات اليد، ثم أدرك بفضل الله ازدهار الدولة ورغد العيش فيها فزاده ذلك شكراً لله وتواضعاً لعباده وإحساساً دائماً بقيمة النعم وحرصاً على استدامتها بشكر مسديها واتّباع شرعه.
لذا فقد كان سموه حريصاً دوماً على تذكير مجالسيه بأفضال الله على بلادنا، داعياً الجميع إلى التمسك بالقيم الإسلامية وبمكارم الأخلاق العربية وبسمات الرجولة الحقَّة، راوياً في هذا الصدد عشرات المواقف البطولية التاريخية لرجالات الدولة السعودية الأوائل لكي يعمِّق بذلك لدى المتلقين أهم مرتكزين كان ينادي بهما طوال حياته - رحمه الله - وهما التمسك بأحكام الدين والاعتزاز بالوطن.
ولم يكن سعد بن خالد يتكدَّر من شيء مثل تكدّره من انهيار مستوى الأخلاق لدى بعض أبناء المجتمع - وهم قلّة - وخصوصاً من يسيء منهم لسمعة بلده في الخارج بسوء تصرفاته وانسياقه وراء رغباته ونزواته دون أي مراعاة لأحكام الدين، وكم تمنى سموه من الله أن يعمَّ الاعتدال السلوكي والفكري شباب بلاده حتى يتمكَّنوا من الإفادة من معطيات الحضارة ورفاهيتها دون تميُّع مقيت أو تطرف ضال.
وقد اقتضت مرحلة جمع المادة العلمية لأحد مشاريعي الإعلامية الثقافية أن أجري حواراً مع سموه - رحمه الله - وكنت قلقاً بشأن مدى ترحيب سموه بالإعلاميين؛ لأنني سمعت أن الأمير الراحل كان يفضِّل العمل بعيداً عن الأضواء قدر الإمكان.
ولكن ليس من رأى كمن سمع؛ فقد رحب سموه بإجراء الحوار فور علمه بموضوع المشروع الثقافي - لا أود الإفصاح عن المشروع حتى يرى النور بعد أيام إن شاء الله - معلِّلاً ذلك بأنه من القيام بواجبنا جميعاً في توثيق سيرة العظماء من أبناء بلادنا، مبدياً استعداده التام للإجابة عن كلِّ الأسئلة المتصلة بالموضوع محل النقاش.
وعندما حان موعد تسجيل الحوار حضرت مبكراً فوجدت سموه متهيئاً للحوار مستعداً بشوشاً كعادته، وقد بادرني باستقبال وحفاوة أخجلتني، ثم غمر عائلتي بمديح عريض معدداً وجهاء العائلة الذين تربطه بهم صلة، ذاكراً محاسنهم ومستعرضاً بعض مواقفهم الحميدة، وذلك حرصاً منه رحمه الله - كما أظن - على إزالة هيبة اللقاء مع سموه، حيث أعطت هذه الكلمات لجلسة الحوار جواً من الأريحية بين الطرفين.
ولما بدأ الحوار أظهر لي سعد بن خالد سمات أخرى من سماته العديدة؛ فإذا بي أمام محاور متمكِّن ومتحدِّث بارع يزن الكلمة قبل أن ينطقها.. ثم يصوغها بأحسن عبارة عندما يتحدث بها.. ويدافع بكل قوة عن مضمونها أمام أي سائل أو مناقش حولها كما كان - رحمه الله - يتمتع بذاكرة حديدية تختزن تفاصيل المواقف القديمة وكأنها حدثت بالأمس ووهبه الله أسلوباً سلسلاً في عرض ما لديه وقدرة خارقة على استلهام الدروس والعبر التي تناسب أعمار المخاطبين وأزمانهم وأحوالهم.
وقد أعطاني - رحمه الله - درساً في التفريق بين الحرص المحمود على التثبّت من صحة حدوث الواقعة التاريخية وبين الخوض المذموم في تفاصيلها الدقيقة، مبيِّناً لي قدرة عالية على تحديد ما يهم القارئ ويصلح للنشر والتوثيق وبين ما تقتضي المصلحة غض الطرف عن بعض تفاصيله التاريخية، ولذلك لم تفلح كل محاولاتي الصحفية (الفضولية) في إقناعه بالحديث عمّا أراه جانباً مفيداً لمشروعي ويراه سموه زوائد لا يسوغ الإطالة فيها، ويعلم الله أنني وبعد أن اكتمل المشروع علمت علم اليقين أن رؤية سموه كانت هي الأثقب.
وكانت المفاجأة التي أذهلتني بعد إنهاء الحوار ما سمعته من سموه من إشادة ببعض مقالاتي في الصحف - نشرت قبل لقائنا بأسابيع - مؤكِّداً لي اطّلاعه عليها وإعجابه بمضامينها، وحاثاً لي على مواصلة الكتابة الصحفية، وقد كان لهذه اللفتة الأبوية الحانية منه - رحمه الله - أثرٌ كبيرٌ في نفسي حتى اليوم.
وما زلت مندهشاً من سعادة سموه عندما علم بموقعي القيادي في إحدى المؤسسات الصحفية، حيث أبدى - رحمه الله - سروراً عظيماً وأمطرني بالنصائح والتوجيهات الأبوية الحارة التي أظهرت لي مدى وعي سموه بدور الجيل الصحفي السعودي الجديد في استكمال مسيرة الإعلام المحلي وبيّنت لي حرصه الدائم على أن يتبوأ أبناء البلد مسؤولية وسائل الإعلام لأنهم الأقدر على فهم تركيبة المجتمع؛ وبالتالي هم المؤهلون لتحقيق متطلبات المرحلة الحالية.. ويا ليت الكلمات تستطيع التعبير عن حجم التفاؤل الذي رأيته في عيني سموه إزاء المستقبل المشرق للإعلام في بلادنا خاصة إذا أوكلت مهمة إدارته لأبنائه الأوفياء.
وقد سألته مرةً عن سرِّ تمسكه بالإقامة في حي عليشة بالرياض وخصوصاً أن علية القوم قد انتقلوا للإقامة في الأحياء الجديدة في شمال الرياض، فأجابني قائلاً: إن لي في هذا الحي جيراناً أعتز بأخوّتهم ومجاورتهم منذ أربعين عاماً وأخشى إن غيَّرت مقر إقامتي ألا أجد جيراناً في عمق أخوّتهم وطيبتهم.. عطني جيراناً في مثل أخلاق جيراني الحاليين (الشيخ محمد السبيعي وذكر آخرين..) وأنا مستعد لأن انتقل إلى جوارهم فوراً..
نعم.. لقد كان سموه - رحمه الله - متمسكاً بالجار قبل الدار، وكان مضرب المثل في حسن التواصل الدائم مع جيرانه، وكان بينهم من المودة والعفوية الشيء الكثير.. ولقد رأيت بينهم من الود والتعاون والتآخي ما لم أره بين الإخوة الأشقاء في البيت الواحد، إذ لم تشكِّل لهم زخارف المال أو الجاه أو المنصب معياراً أو حاجزاً، ولم تصنع لهم تراتبية محدَّدة، بل جمعتهم الجيرة والمحبة فصار أميرهم وتاجرهم وضعيفهم سواء!
لقد كان الأمير الراحل حفياً بزائريه.. كريماً مع قاصديه.. حريصاً على قضاء الحوائج وتيسير الكربات وبذل الشفاعة لمن يستحقها، ولقد رأيت منه في مجلسه عجباً؛ فهو الذي يتابع بنفسه قضاء شؤون الضعفة ويسعى بجاهه لتيسير كربة المحتاجين ويمضي - بنفسه - إن لزم الأمر لإنهاء معاناة ملهوف استنجد بسموه..
وإني لأرجو من الله الذي لا يضيع أجر المحسنين أن يجزي سعد بن خالد على هذه الأعمال الجليلة أعظم الجزاء وأوفاه، إنه سميع قريب مجيب.

* مدير تحرير مجلة الدعوة
MHOSHAN2000@HOTMAIL.COM



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved