لما هو آتً
من بقايا ما عبر....! (2)
خيرية إبراهيم السقاف

صديقتي الثانية مولعة بالسفر لمكة المكرمة في شهر رمضان.. ولأنها تضع في برنامجها الصلاة ليوم أو أكثر في المسجد النبوي ومن ثم العودة لجدة للتمتع بأيام العيد على الشاطئ مع أسرتها فإنها تؤيد أن تكون عربتها الخاصة وعربات أبنائها معهم لذلك فإنها تفضل السفر عن الطريق الصحراوي.. وهي تقول إن في هذا ما يجعلها وأسرتها في حرية من قيد مواعيد الرحلات إذ متى تقرر العودة أو البقاء فإن القرار لإرادتها وأفراد أسرتها ناهيك عما توفره لهم العربة من إمكانية حمل كل الذي تبتاعه في تجوالها في أسواق المدن الثلاث التي تقضي فيهن إجازة العيد...
صديقتي تتذمر من إيقاف سياراتهم عند دخول مكة معتمرين في مواقف خصصت للداخلين مكة في المواسم ضماناً لعدم التزاحم والتناحر ولأن منطقة الحرم المكي المقدس لا تستوعب جميع العربات كما البشر.. لكن صديقتي ترى في هذا إجهاداً لها ولأسرتها أن تنتقل ومن ثم تعود عن وإلى عرباتهم بوسائل أجرة.. وتنسى صديقتي أن المساحة التي تحتاج إليها كل عربة يمكن أن تفرغ لأعداد من البشر قدموا للصلاة في المسجد وما حوله....
صديقتي تتذمر من الخدمات الأخرى على طول طريق الصحراء بين الرياض ومكة إذ تشكو من التلوث في دورات المياه وعدم وجود استراحات مشرف على تهيئتها أو نظافتها وتحدد في مواسم كهذه إذ يتحول الطريق إلى آهل بالعابرين وتقول صديقتي إن الطريق بين مكة والرياض في العودة كأنه طريق الملك فهد في الرياض في ليالي رمضان يزدحم بالمارين، ومع ذلك فالخدمات لا تدل على مراقبة لا من وزارة الصحة ولا غيرها.. بينما صديقتي تثني على خدمات أمن الطرق إذ تؤكد على حضورهم ومثولهم وانتشارهم على طول الطريق.
صديقتي لا تتنازل تماماً كما لم تتنازل صديقة الأمس عن حقها وأسرتها في الصلاة للأيام العشرة الأخيرة في المسجد الحرام...
صديقتي وأسرتها هذه تسعة وعشرون فرداً فإن أضفناهم إلى أسرة الأمس لأصبح قوام أسرتين أربعة وأربعين فرداً لعائلتين فقط يمكن أن نتخيل المساحة التي يحجزونها في ساحة الحرم؟ أولاً تكفي لأن توسع على المعتمرين الذين لم يتكرر أداؤهم للعمرة ولم يصلوا من قبل خلف الإمام ولم يحضروا من قبل تراويح ولا ختم القرآن لمرة واحدة؟..
صديقتي هذه اعتادت على هذا منذ تسعة عشر عاماً بمعنى أنها حضرت ختم المصحف لهذا العدد من المرات.
وحجزت هي وأسرتها هذه المساحة عن المصليات والمصلين.. وساعدت على ازدحام الطرق بعدد العربات التي كانت في معيتها.. فضلاً عما يتعلق بكل هذا.