Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/11/2006G Issue 12455الاقتصاديةالسبت 13 شوال 1427 هـ  04 نوفمبر2006 م   العدد  12455
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

دوليات

متابعة

ملحق جازان

ملحق المجمعة

منوعـات

تغطية خاصة

الطبية

الأخيــرة

قراءة في الثقوب الإدارية
المستثمر في بلادنا له الجنة!!
د. عقيل محمد العقيل

الثقب الأسود هو عبارة عن منطقة في الفضاء الزمكاني (الزمان، المكان) تكون فيها الجاذبية قوية جداً، بحيث لا يمكن أن ينفلت منها أي ضوء أو مادة أو إشارة من أي نوع، ويتكون الثقب الأسود البسيط غير الدوار من نقطة تفرد مركزية تحيط بها منطقة كروية لها نصف قطر يسمى شعاع شوارزشيلد، وفي نصف القطر هذا تكون الجاذبية قوية جداً ولا يمكن لأي شيء الهروب منه، وتسمى حدود تلك المنطقة ب(أفق الحدث)، وهي عبارة عن حدود المنطقة التي لا يمكن الإفلات منها، وأي شيء يقع في هذه المنطقة سوف يتم ابتلاعه بسرعة ولا تصل أي معلومة عنه، إذ إنه لا يمكن أن تنتقل أي معلومات ولا أي حادث ممكن حصوله داخل تلك الحدود من وإلى العالم الخارجي.
وهناك ثمة انطباع شائع بين المستثمرين السعوديين يقول بوجود ثقوب إدارية سوداء لا يمكن الإفلات منها إلاّ بعد أن تفقد قوّتها على الجذب بمرور الزمن أو برفع طاقة المحركات إلى أقصى قوة للإفلات منها بعد جهد كبيرة وتكلفة عالية ووقت طويل، ويظن معظم هؤلاء المستثمرين بأنّ هذه الثقوب الإدارية ما هي إلاّ نتاج غياب الفكر والسلوك الاستراتيجي لدى القائمين على الجهات الحكومية المنظمة، مقابل حضور قوي لعامل الخوف من اتخاذ القرارات العادية فضلاً عن الجريئة، وأنّ القائمين على تلك الجهات لا تتعدى مسؤولياتهم تنفيذ النظام بسياسة الأحوط فالأحوط لحماية أنفسهم من المساءلة، ولحماية الآخرين من تلاعب المحتالين من المستثمرين.
ونتيجة لذلك فقد بات معظم المستثمرين يؤمنون بأنّ ما يقال وما يُنشر في وسائل الإعلام على لسان أي مسؤول حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وما تتخذه الحكومة من قرارات تصب في هذا الاتجاه، ما هو إلاّ حبر على ورق أو كلام صحف وتلفزيونات، وأن الذي يجري على الواقع هو خلاف ذلك تماماً، كما يقول المثل المصري (أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أستغرب)، حتى بات يحذر بعضهم البعض من الوقع في فخ التصريحات والأخبار التي تشير إلى دعم وتشجيع رجال الأعمال للاستثمار في قطاع معيّن، وعدم الإقدام على تنفيذ أي مشروع في هذا القطاع قبل التعرُّف على الصورة على أرض الواقع، والتي دائما ما تؤكد أن الأمر على خلاف ما قيل، ومن ثم أخذ كافة الاحتياطات اللازمة لعدم الوقوع في الثقوب الإدارية الحكومية السوداء، والإفلات منها في حال الوقوع بها.
ومن هذه الاحتياطات المتعارف عليها تجهيز الواسطة أو البحث عن يستمرئ دهان السير (إدهن السير يسير) إلى غير ذلك من محركات الدفع القوية التي تقي المستثمر السقوط في أي ثقب إداري يجعل مشروعه في خبر كان (لا معلومة تصل ولا معلومة تخرج)، حتى يطويه الدهر وينسى، وهناك الكثير من المستثمرين الذين دفعوا الكثير من الأموال في تحضير متطلبات إقامة مشاريع، ظنوها أن ستحقق لهم أرباحاً لأنها تغطي الفجوة الكبيرة بين الطلب والعرض، ثم خسروها نتيجة اتباعهم الطرق المتعارف عليها دون الاحتياطات الواجبة، فذهبت مشاريعهم وأموالهم أدراج الرياح، فخرجوا إلى غير رجعة للاستثمار في دول الجوار، حيث تنعدم مثل تلك الثقوب.
لماذا هذه الثقوب الإدارية السوداء الكثيرة؟ هل الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء غير جادة فيما تقول وتقرر، وبالتالي فهي توحي للجهات الحكومة المنظمة والمنفذه لإعاقة تنفيذ القرارات؟ لا شك أنّ التفكير في ذلك ضرب من الجنون، فالواقع يقول إنّ الحكومة التي يرأسها خادم الحرمين الشريفين - أيّده الله - تبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد بما يضمن الأمن والاستقرار والعيش الكريم لكلِّ من يعيش على هذه الأرض الطيبة، وبالتالي فإنّها جادة كلّ الجد بكلِّ ما تصدره من قرارات وما تصرح به من أهداف وتطلُّعات.
إذاً هل المستثمرون السعوديون غير صادقين فيما يقولون أو لنقل مضخمين لبعض الأخطاء؟ بالطبع لا فلا يمكن أن يجمع معظم المستثمرين السعوديين على بناء انطباع غير صحيح تجاه المؤسسات التنظيمية والتنفيذية الحكومية، فلا يمكن أن يكون هناك دخان دون نار، كما أنّه لا يمكن لمستثمر سعودي يجد فرصة استثمارية مربحة في بلاده ويتركها ليستثمر في الخارج، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث أدرك الكثير بأنّ الاستثمار خارج الوطن ليس في مأمن من المخاطر، وللعلم لقد انتشرت مقولة بين بعض المستثمرين مفادها أنّ (المستثمر في بلادنا له الجنة) كإشارة للمعاناة التي يعانيها لكي يشارك في تنمية بلاده كما هو مطلوب منه ليكون شريكاً في التنمية.
الواقع يؤكد أنّ المؤسسات الحكومية المنظمة والمنفذه للخطط والقرارات والتوجيهات هي حجر العثرة، نعم كلّ الدلائل تؤكد ذلك، ومن أهم هذه الدلائل سيادة الرؤية القريبة الضيقة لدى معظم القائمين على تلك المؤسسات الحكومية على حساب الرؤية البعيدة والواسعة، مما جعل معظمهم يعمل في منظومة لا يعلم ما هو موقع مؤسسته فيها وما هي ماهية وأهمية المهام التي على مؤسسته القيام بها على أكمل وجه، حتى بات معظمهم يقوم بتقديم اقتراحات واعتماد قرارات وتطبيق إجراءات تعاكس استراتيجية الحكومة في التخصيص من خلال استقطاب المستثمر السعودي وحتى الأجنبي للاستثمار في كافة القطاعات الاقتصادية بما يؤمن نموها بشكل يفي بمتطلّبات التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد.
ما الحل إذاً؟ بظني أنّه حان الوقت لإعادة بناء معارف وثقافة القائمين على الجهات الحكومية المنظمة، من خلال التأهيل المستمر، لزيادة معارفهم فيما يتعلّق بخطط واستراتيجيات الدولة وموقع مؤسستهم في المنظومة الحكومية، وتعزيز مهاراتهم الفنية والتواصلية والذهنية ليكونوا أكثر كفاءة وقدرة على الإنجاز، وكذلك إعداد جيل جديد يتولى دفة قيادة تنظيم الاستثمار، والتعامل معه بكافة مراحله، بحيث يكون هذا الجيل من الجيل المتحرر من مرض (الثقب الأسود)، المرض الذي من أهم أعراضه هو اعتبار أنّ الأصل هو تغييب المعلومة والإبقاء عليها سراً، والاستثناء هو إطلاع العموم على ما يدور وما يخطط له، ومن ثم وضع معايير التقويم الكمية المنصفة لتحديد الجادين من المتقاعسين، ووضع أنظمة تقنية تكافئ المحسن وتعاقب المسيء أتوماتيكياً دون الحاجة لتدخُّل من بشر، خاصة وأنّ التقنية الحديثة تتيح ذلك بكل سهولة ويسر لنرفع الخوف من نفوسهم، حيث يحتاط الكثير منهم حالياً بعدم العمل لكي لا يقع في الأخطاء، كما علينا أن نرفع من مستوى وعي هؤلاء المسؤولين بماهية وأهمية المهام التي يقومون بها بالنسبة للوطن والمجتمع لكي يدركوا حساسية دورهم في تحفيز أو تثبيط رجال الأعمال في دعم عجلة التنمية.

alakil@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved