Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/12/2006G Issue 12484مقـالاتالأحد 12 ذو القعدة 1427 هـ  03 ديسمبر2006 م   العدد  12484
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

وطن ومواطن

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

علماء الإسلام والعصر (2-3)
سلمان بن فهد العودة

لا زلت أتذكر يوم أن كنت طالباً أحد مشايخي، وهو يتحدث عن المعتزلة والفرق الكلامية القديمة كلها، ويذكر مذاهبهم ووجوه الرد عليهم، فبادر أحد الطلاب بسؤاله عن مذهب الوجودية والاشتراكية والبعثية، فتبسم هذا الشيخ بعفوية، وقال: هذه اسألوا عنها الشيخ مناع القطان!
إن حصر العلم والدروس في مجموعة من المشاكل والمذاهب العقدية والفكرية القديمة هو نوع من الهروب والبعد عن مشاكلنا المعاصرة، وليس من الذكاء والعبقرية أن نعرف جوانب عن عصر ابن تيمية - مثلاً - من خلال قراءتنا له ولتلاميذه أكثر مما نعرف عن واقعنا وعصرنا، والذي يفترض بنا أن نستفيد من طريقة ابن تيمية في فهمه لواقعه وعصره ومشاكل عصره الكلامية والفلسفية والسياسية والعلمية، وفي إدراكه للجو الثقافي والمعرفي والاجتماعي، بل والعسكري، لا أن نردد دون عمق آراءه وانتقاداته. إننا حين نفهم واقعنا فنحن أقرب إلى فكر ابن تيمية من أن نقتصر على القضايا الفكرية القديمة، أن نفعل ذلك بقدر المستطاع و{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}
إن الوسائل التقنية المعاصرة، سواء عبر الاتصال الأرضي أو الفضائي أو الإنترنتي أو غيره تتطلب منا عملاً جاداً لتوظيفها وفهمها، وصنع أسبقية قوية، فإرجاء البحث فيها أو تأخيره لا يساعده الواقع الذي يركض ولا يدع لأحد فرصة ليلتفت وراءه!
والذي عايش المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يدرك كم نحن بحاجة إلى استثمار وسائل الاتصال الكوني ومتغيرات التقنية، والتعامل معها بوعي ورشد وعزم، وإلى موقف شرعي سواء بالقبول المطلق، أو النسبي مما يسوغ فيه الاجتهاد والاجتهاد الجزئي، لكي يكون وفق رؤية سليمة، وضمن تعاذر وتعامل أخلاقي وعلمي وحسن ظن.
إن الحضارة اليوم - في نظري - تراث إنساني عام لا تملكه أي أمة من الأمم، ولا يحتكره شعب محدد، الحضارة عمل بشري يعود على الإنسانية كلها بالنفع أو بالضر، ومن الخطأ أن نقول عن الحضارة المعاصرة بأنها حضارة غربية فقط أو مسيحية لمجرد أن الغرب هو الداعم الرئيس و الصانع الأساسي لها، فأي حضارة معاصرة هي غنيمة لنا، لنا فيها سهم، وللبشرية كلها غنمها وعليها غرمها، ووصلت الحضارة إلى هذا المستوى عبر تراكمات وحضارات سابقة طورتها الحضارة المعاصرة واستفادت منها، وحولتها إلى عناصر ضمن حضارتها، فهي استوعبت الحضارة القديمة، وأضافت إليها، وطورتها، وصنعت منها حضارة معاصرة هائلة، فهي مبنية ضمن لبنات من منتج أممي قديم وحضارة يونانية والأقرب من ذلك: حضارة إسلامية كانت أقرب الحضارات سبباً بهذه الحضارة المعاصرة التي تضمر جانباً كبيراً من الخير والنفع الذي يمكن استثماره وتوظيفه، وجانباً آخر سلبيا يمكن عزله واستبعاده، وهذا هو بالدقة ما يحتاج إلى فهمه، والتعامل معه، واستيعابه علماءُ الإسلام المعاصرون.
وللحضارة المعاصرة وجه عسكري كئيب يسهّل عملية الهيمنة الغربية، وتدخلها السافر في بلاد الإسلام، وأمام هذه الهيمنة يأتي التساؤل عن دور العلماء، وأصح ما يمكن إطلاقه وتحميله للعلماء في تحديد دورهم هو الانحياز للبناء الذاتي؛ لأن مشكلتنا ليست من عدوان الغرب علينا بقدر ما مشكلتنا من أنفسنا والله عز وجل يقول: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد: من الآية11)، والغرب لم يتجرأ علينا إلا لضعفنا وهواننا واستخذائنا وقابليتنا للاستعمار، أكثر من الاستعمار نفسه الذي أصبح نتيجة طبيعية لهذا الخور والضعف والتخلف، والذي لا ينفع نفسه لا ينفعه الآخرون.
فتلخيص مشكلة المسلمين في الغرب والآخرين والاستعمار هو نوع من الكسل العلمي عن تحمل أخطائنا وضعفنا، فالانحياز للبناء الذاتي يعني تحمل المسؤولية العلمية والتاريخية عن التخلف العلمي والتقني والحضاري المعاصر.
إن البناء الذاتي يشمل كل أنواع البناء الذي يريده الله للحياة للاستفادة من زينة الحياة التي سخرها الله لنا ووضعها لنا، {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فهذا العمل هو البناء على هذه الأرض، فنجاحنا اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو إدارياً أو دعوياً يصب في ميدان نجاحنا في المعركة الكبرى: معركة الحياة والوجود، وليست فقط معركة السلاح، والمتنبي يقول:
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو أول وهي المحل الثاني
إن العالم الإسلامي يحتاج إلى نهضة شاملة وحضارة أخلاقية وتنمية رشيدة، ولا يمكن جمع المسلمين إلا على خطاب إسلامي يربطهم بربهم وإيمانهم ويحفزهم ضمن ذلك على العمل والنهضة والإصلاح؛ ليضمن سلامته وبعده عن التوقف أو الانحراف.إن هذا العمل والتوجيه والإرشاد نحو صناعة وعي إسلامي حضاري ويد مسلمة عاملة، ورأي إسلامي صادق، إذا ارتبط بالنية الخالصة الصادقة فهو عمل إسلامي وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، ووجه من وجوه الإصلاح، فالمسلم القوي العامل خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف، ولا بد أن يعلم المسلم المعاصر أن أسلافه قامت حضارتهم على أدب الدين والدنيا، فأدب الدين ما أدى الفرض، وأدب الدنيا ما عمر الأرض، كما يقول الفقيه والعالم الكبير.. أبو الحسن الماوردي.

salman@islamtoday.net



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved