Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/12/2006G Issue 12502الرأيالخميس 01 ذو الحجة 1427 هـ  21 ديسمبر2006 م   العدد  12502
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

فـن

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سماء النجوم

تحقيقات

مدارات شعبية

الأخيــرة

معالم التوحيد والتضامن.. في شعائر الحج
مالك ناصر درار/ جدة

* الحج هو أقدس عبادة جاءت بها جميع الأديان السماوية.. وهو في الإسلام القصد والتوجه إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة،. لأداء مناسك وعبادة الطواف والسعي والوقوف بعرفة، والإفاضة إلى منى، وذكر الله سبحانه عند المشعر الحرام، ورمي الجمرات.. وأداء سائر المناسك استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى، وابتغاء رحمته ومغفرته ورضوانه.
* والحج بالإضافة إلى كونه أحد أركان الإسلام الأساسية؛ فهو نوع من السلوك، ولون من ألوان التدريب العملي على مجاهدة النفس وهزيمة الشيطان، وكبت الرغبة الجامحة في النفس الإنسانية من أجل الوصول إلى المثل العليا والقيم الرفيعة والمبادئ السامية، والاندماج في حياة روحية عالية تمتلئ فيها القلوب بالإيمان، والنفوس بالصفاء والنقاء والأرواح بالنور والسمو. وفيه تنطلق الحناجر هاتفة ملبية بذكر الله، داعية مستغفرة مثنية عليه جل وعلا في الوقت الذي يتجرد فيه المسلم من كل مباهج الحياة، ويرتدي ملابس الإحرام الخالية من الزينة وكل ما يثير في النفس دواعي العجب والخيلاء!!
* والحج إلى جانب كونه رحلة روحية سامية، هو أيضاً رحلة سياحية؛ لتجميع وحشد أكبر عدد من أفراد الأمة الإسلامية؛ ليستعيدوا الذكريات الغالية، ويستفيدوا من الدروس والتجارب الرائعة، ويشهدوا المنافع الجليلة التي تعود عليهم بالخير والبركات، سواء أكانت منافع روحية، أم منافع اقتصادية، أم منافع اجتماعية، أم منافع ثقافية أم منافع سياسية، وفيه تتعارف الشعوب الإسلامية، وتتوحد غاياتهم، وتجتمع كلمتهم، فيتوجهون الوجهة التي تأخذ بأيديهم إلى حياة القوة والعزة، والعلم والفضل، بما يفيد بعضهم بعضاً، بتبادل الآراء المختلفة، والثقافات المتنوعة!!
* والحج عبادة قائمة على التوحيد، ومن هذا المنطلق يتعين أن تبرز فيه معالم الوحدانية لله عز وجل، وتظهر معالم التوحيد جلية واضحة حين أبان الله تعالى لإبراهيم عليه السلام مكان البيت الحرام، وحدد له موضعه، ووضح له غايته.. فأمره أن يقيم البيت على التوحيد، فيجعله خالصاً له وحده، لا يدعى فيه أحد غيره، يقول الله تعالى مشيراً إلى معنى التوحيد: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، ومعنى ذلك أن يتحتم تطهر البيت من كل شوائب الشرك، وجعله مكاناً لطواف القائمين حوله، وقيامهم بعبادة الله سبحانه، وركوعهم وسجودهم له وحده في الصلاة!!
* وظل البيت الحرام قائماً على الطهر النقاء، منذ أن طهره ابرإهيم الخليل عليه السلام،. يؤدي فيه المسلمون شعائر الحج خالصة لله وحده، ولكن مع امتداد الزمن، وتطاول القرون نسي العرب تعاليم التوحيد، التي بعث بها ابراهيم عليه السلام إليهم.. وأقرها فيهم، ورسخها في قلوبهم فانحرفوا عن طريق عبادة الله وحده في البيت، واتجهوا إلى ممارسة الوثنية فيه، وأشركوا بالله فعبدوا الأصنام، ورفعوها على ظهر البيت وحوله، وشغلوا المكان بها.. واتخذوها وسطاء عند الله سبحانه.. معتقدين أنها أقرب منهم إلى الله سبحانه، لقضاء ما يريدون من رغبات، وذبحوا لها، وقدموا لها النذور، واستعانوا بها في الشدائد، وطافوا حول البيت عرايا!!
* ويشاء الله سبحانه أن يعود البيت طاهراً مطهراً، كما كأن الشأن أيام إبراهيم الخليل،. فجاء محمد -صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام، رسالة الهداية والخير النور إلى الإنسانية جمعاء، فجدد دعوة ابراهيم، وأحيا في قلوب الناس مشاعر التوحيد والحق، قام -صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس يدعوهم إلى توحيد الله في الألوهية والربوبية، والذات والصفات.. ومكث ثلاثة وعشرين عاماً يدعو إلى نبذ الشرك والخرفات.. ويعمل على تثبيت عقيدة التوحيد في نفوس البشر، ويردهم إلى فطرة الله التي فطرهم عليها، وأذن الله سبحانه لرسوله بفتح مكة المكرمة، بعد أن استقر الإيمان في قلوب المؤمنين، فدخل البيت الحرام، وحطم الأصنام، وطهر البيت الحرام من الرجس، وبعد ذلك كان لابد من منع المشركين من الاقتراب من البيت الحرام، والحيلولة بينهم وبين هذا المكان. بعد أن طهره الله سبحانه من الأصنام والأوثان.. ومنذ ذلك اليوم.. والبيت الحرام محتفظ بسمات التوحيد، قائم على الطهارة والنقاء!!
* تتوالى مواكب الحجيج، تحفها الملائكة، وتحرسها عناية الله، وتغمرها أنوار قدسية.. في التوجه إلى البيت الحرام، لعبادة الله وحده، بعد أن قطعوا المسافات الشاسعة، وعانوا من وعورة الطريق، وتجشموا مشقة السفر، ويلتقي المسلمون على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وألوانهم حول الكعبة المشرفة، وفي رحاب المسجد الحرام، تاركين الأهل والأولاد والأوطان والأموال والمتاع، مهللين، مكبرين، ملبين، مستغفرين، داعين، مبتهلين.. منذ خروجهم من أوطانهم، وعلى امتداد الطريق، في أقدس تلبية، وأروع نشيد رباني،( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك لبيك) وفي هذا النداء القدسي، تتجلى معاني التوحيد الخاص، وتتجلى هذه المعاني السامية، في خروج الحجيج من بلادهم متوجهين إلى أداء فريضة الحج، وفي هذا تعبير عن وحدة القصد والهدف والغاية، عند ملايين المسلمين القاصدين البيت العتيق، وتتجلى هذه المعاني السامية أيضاً، في كل مكان يحل فيه الحجيج، لأداء مناسك الحج، حين التوجه إلى مكة المكرمة.. لأداء طواف القدوم حول الكعبة المشرفة.. وأنظارهم جميعاً تتجه نحو المكان المقدس الذي حدده الله سبحانه وتعالى للطواف حوله، والصلاة تجاهه، وفي هذا تعبير عن وحدة العقيدة،. وتمام الطاعة، ونقاء القلوب، وصفاء الأرواح، وقوة الإيمان!!!
* وتتجلى معاني التوحيد في كل شعيرة من شعائر الحج، وفي كل مكان من الأرض الطاهرة المقدسة.. تتجلى في السعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار الثلاث.. والوقوف بعرفات، وذكر الله سبحانه عند المشعر الحرام بمزدلفة، وفي كل منسك من مناسك الحج يلتزم الحجيج بما أوضحه وحدده وفعله الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا الالتزام تتجلى معاني التوحيد والطاعة!!
* والمسلم حين يؤدي مناسك الحج، فهو يفعل ذلك إيماناً منه بالله سبحانه وتعالى، مدفوعاً بالخضوع التام له سبحانه وتعالى، والامتثال الكامل لأوامره.. والانقياد والطاعة لله سبحانه، والاستسلام لما أمر به، مقدم على الفكر والعقل، وهكذا يجب أن يكون الشأن في كل أعمال المسلم.. حين يقدم على عمل فيه عبادة لله سبحانه، وخضوع لأوامره، يجب أن يطرح العقل الفكر جانباً، ويهتدي بأمر الله وحده، ويمتثل لإرادته، حتى ولو صادم هذا عقله وفكره لأن ذلك مقتضى الإيمان بالله، أما العقل فقد يظل وينحرف!!
* إن شعائر الحج أرادها الله سبحانه وتعالى، أن تقوم على أسس قوية من التوحيد، وستظل قائمة على هذا المنهج القويم.. حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وسيظل البيت الحرام رمزاً للطهر والنقاء، كما كان الشأن في عهد ابراهيم الخليل عليه السلام، وصدر الإسلام، سيظل كذلك لا تشوبه شائبة من مظاهر الوثنية والشرك، لا يطوف به مشرك، ولا يدخله كافر، ولا يتجه فيه دعاء أو عبادة إلا لله وحده.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved