Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/01/2010 G Issue 13622
الخميس 28 محرم 1431   العدد  13622
 
نوافذ
الكتابة الإبداعية
أميمة الخميس

 

في المرحلة الجامعية كان في مقررنا مادة تسمى (كتابة الشعر) يقدمها الدكتور نذير العظمة، وهو من الأسماء العربية المتميزة التي كان يفخر بهم قسم اللغة العربية آنذاك، كانت مادة جديدة على قسم اللغة العربية بطابعه الكلاسيكي المحافظ، فالشعر عادة لا يدرس سوى على مستوى سلامة اللغة وانضباط العروض أما فيما يتعلق بالصياغة والصور والأخيلة والموضوعات، فكانت تترك للشاعر نفسه وموهبته ليخوض غمار مغامرته وحيداً في أرض عبقر.

ولكن تلك المادة كانت تعطي بعض علامات الطريق لأرض الشعر، وتسرب بعض الخرائط التي من الممكن أن تنظم تعثرات البدايات وقلقها.

لاحقاً عندما حصلت على بعض دورات في الكتابة الإبداعية خارج المملكة عرفت أن أمريكا الشمالية قد وضعت لكل موضوع في الحياة كتيباً تنظيمياً أو (كتالوج تشغيلي) كما يسميه البعض ابتداء من المركبة الفضائية حتى الكتابة الإبداعية.

أما الكتابة الإبداعية فقد أصبحت اليوم مادة تدرس ولها مختصوها ومبدعوها في كبريات الجامعات العالمية، وهي عموماً لا تمنح موهبة غير موجودة، ولا تعطي عصا سحرية في غابة الإبداع ينتقل فيها المبدع من ضفدع إلى أمير ساحر، ولكنها تبقي العمل داخل شروط فنية كان في السابق يكتشفها المبدع بالفطرة والموهبة ومع محاولات كثيرة من الصح والخطأ، ولكن مع الورشة تختصر الكثير من الوقت والجهد من خلال ضوابط و جداول من افعل أو لا تفعل من الممكن أن تدفع تجربة المبدع أماماً عندما تواجهه تعثرات البداية.

لاحقاً عندما دربت على هذه المادة في ورشة عمل كانت مقدمة للفتيات الموهوبات لم أجد عند بنائي للورشة التدريبية قاعدة معلومات عربية من الممكن أن أبني عليها, فاضطررت عندها أن أترجم الإطار العام للورشة ومن ثم أملؤها بمضمون عربي ومحلي.

وعموماً الكتابة الإبداعية لا تدرس بشكل شمولي بل هي عادة تختص بالجزيئات كل على حدة، على سبيل المثال كيف تصنع الشخصية في مجال السرد؟ لتقدم هذه الورشة عد من التقنيات الفنية حتى تغدو هذه الشخصية محسوسة ضاجة بالحياة يشعر بها المبدع تجاوره على مقعد الكتابة، وتهمس بأذنه تفاصيل حكايتها، فيطلب من المتدرب مثلاً أن يدعو شخصيته للعشاء، ومن ثم يتلصص على دفتر يومياتها، ويرسم شجرة لعائلتها، ويستعيد يومها المدرسي الأول، ويتعرف على عائلتها، ويمر بمكانها المفضل في المنزل وهكذا.. إذاً على الكاتب أن تستغرقه تفاصيل شخصيته وحياتها وليس بالضرورة أن يحشد هذه التفاصيل في عمله الإبداعي، ولكن المهم أن تتحول الشخصية الفنية التي تظهر في العمل إلى صديق قديم للكاتب.

وفي ظل تصحر وقحط الحياة الإبداعية والفنية عموماً، أيضاً ضعف وهشاشة الكثير من المنتج الإبداعي المحلي، تصبح بالتالي الحاجة إلى هذا النوع من الورش حاجة ملحة لاسيما في أنشطة المؤسسات الثقافية وتلك المعنية بالمواهب المبدعة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد