Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/08/2010 G Issue 13823
الثلاثاء 22 شعبان 1431   العدد  13823
 
أضواء
مستثمر في الكنافة
جاسر الجاسر

 

احتفينا قبل أيام بوصول المملكة إلى المرتبة الثامنة في جاذبية الاستثمار، وتطوع العديد من الكتّاب بالإشادة بما تحقق من هذا الإنجاز، الذي هو فعلاً إنجاز إذا حصرنا حديثنا على الاستثمارات ذات النوعية الداعمة للاقتصاد والمتوافقة مع خطط التنمية. أما عمليات الاستثمار التي (استغلت) طيبة مناخ الاستثمار السعودي المستمد من طيبة أهله فما هو إلا استثمار يصنف تحت بند الغفلة؛ فما فائدة الاستثمار، وما انعكاساته الإيجابية على اقتصاد البلد عندما تمنح رخصة مستثمر (كنافة) يودع خمسمائة ألف ريال في أحد البنوك الوطنية، فيصبح مستثمراً، يعفى من أي ضرائب حتى من حصة الزكاة على الدخل، وتصدر له إقامة دائمة طالما استمر استثماره ومواصلة تقديم (صدور الكنافة)، ويحق له استقدام عمالة أجنبية والحصول على تأشيرات لتشغيل (مصنع الكنافة)، وما يفيض على الاستيعاب لا بأس من بيعه لزيادة إيرادات الاستثمار. أما صاحب رخصة الاستثمار، الذي لا علاقة له بالكنافة سوى أكلها، فيتفرغ لما جاء من أجله إلى السعودية؛ فيزاحم المفتين، ويترك (صدور الكنافة) لينشغل بتصدير الفتاوى عبر الإنترنت؛ فيستثمر في مهنتين: مهنة تصنيع صدور الكنافة، والاستثمار في نشر الفتاوى عبر رسائل الجوال وفق رسوم معينة يحصل عليها المستثمر وفق نسبة معينة.

استثمار استغلالي آخر، هو استثمار «الشنطة»؛ حيث يضع المستثمر مبلغ نصف المليون ضماناً في البنك، ويحمل شنطة أنيقة يتنقل بها محمَّلة بالهدايا على مكاتب الوزارات لاقتناص المناقصات على حساب المقاولين السعوديين.

مستثمر الشنطة هذا الذي يستثمر في التأشيرات أيضاً التي حصل عليها، ومكتبه شنطة متنقلة مع تحركاته، عندما ترسى عليه المناقصة يستعين بالمقاولين السعوديين؛ فيحول لهم المناقصة بأسلوب مقاول الباطن، ويبحث في مستودعاتهم عن المواد التي تعاقد مع الوزارات لتوريدها؛ ليكون قد حقّق (استثماره) ونفّع مَنْ أرسى عليه المناقصة.

هذه هي صور الاستثمار السلبي الذي يتحدثون عنه، والذي فتح أبواباً للمغامرين وقناص الفرص دون أن يضيف شيئاً للوطن مثلما تحقق لبلدان أخرى كمصر وسوريا ولبنان واليمن، أما هنا في المملكة فنحن كما نردد في الأغنية (أنت ما مثلك بهالدنيا بلد)...!!



jaser@al-jazirah.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد