Sunday  17/04/2011/2011 Issue 14080

الأحد 13 جمادى الأول 1432  العدد  14080

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

من عوائق التنمية الحضارية والعلمية في أي مجتمع هو انتشار الفساد الإداري والمالي، ويعود السبب في ذلك فقد الأمانة التي يحملها الإنسان المسؤول على عاتقه، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ

..... مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) (72) سورة الأحزاب، فإذا فُقدت الأمانة والنزاهة لدى أي مسؤول سواء كان وزيراً أو مديراً أو مراقباً فنياً لمحلات تجارية أو مطاعم وغيرها من المحلات الخدمية التي تهم شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن فإن الفساد سوف ينخر في فكرهم وعملهم دون التفكير في مصلحة الوطن والمجتمع كله.

وفي وقتنا الحاضر انعدمت فيه الأمانة لدى بعض من الناس، وماتت الضمائر لدى بعض المسؤولين فتجد بعضهم يستغل منصبه أبشع استغلال؛ فمن الناحية الإدارية ترى أغلب المسؤولين يحرصون على قبول أقاربهم أو المحسوبين عليهم في أغلب الوظائف الإدارية دون النظر إلى مناسبتهم للعمل أو كفاءتهم من حيث شهاداتهم أو خبراتهم، وعدم قبول من لديهم كفاءات وخبرات في المجالات المتوافرة لتلك الوظائف، فالمحسوبية والواسطة مازالت تلعب دوراً كبيراً في هذا المجال.

أما الفساد المالي وما يشمله من جوانب كبيرة، مثل: الرشوة، أو التلاعب بالمال العام؛ لإبراز شخصية المسؤول في المحافل الداخلية والدولية، أو ترسية المشروعات الكبرى على شركات بناء على المعرفة أو المنفعة من قبل المسؤولين المخولين في بعض الجهات الحكومية، ومن ثَمَّ هم من يقومون بترسيتها على شركات أخرى غير مؤهلة، وتكون نتيجة تلك المشروعات أن تنفيذها يكون تنفيذاً سيئاً وغير مطابق للمواصفات المطلوبة؛ مما يعرض المواطنين إلى الخطر في المستقبل.

ومن هذا المنطلق جاء أمر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - رقم 1-65 بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد ترتبط به - حفظه الله - ارتباطاً مباشراً، حيث كان خادم الحرمين الشريفين مدركاً لما آل إليه الوضع الإداري والمالي في وطننا من سوء وتردٍ في الآونة الأخيرة، وأن الوضع لا يحتمل التأخير أو التأجيل في ملاحقة هؤلاء المفسدين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين.

وقد نطلق على هذه الهيئة الجديدة المباركة مسمى (هيئة الشرفاء)؛ لأنه لن يعتلي منصب هذه الهيئة إلا رجل شريف معروف بأمانته، وصدقه، وعدله، ولديه من الحس الوطني الشيء الكثير، ولأنه أيضاً سوف يكون هو المسؤول الأول أمام الله، ثم أمام المجتمع بالقضاء على الفساد الإداري والمالي ومعاقبة أصحاب النفوس الضعيفة والمبادئ الرديئة، وكشفهم أمام الرأي العام من دون تمييز أحد عن الآخر، على أن منطوق هذه التسمية لا يعني تعرية الهيئات الأخرى من الشرف الذي تستحقه.

ومعالي رئيس الهيئة الجديد الأستاذ: محمد بن عبدالله الشريف هو أحد القيادات الإدارية المتمرسة والناجحة في هذا المجال، حيث عمل وكيلاً لوزارة المالية للشؤون المالية والحسابات ثم عُين عضواً في مجلس الشورى مسؤولاً عن الشؤون الاقتصادية، وبقي لمدة ثلاث دورات متتالية، وهذا يدل على تميزه في تخصصه.

وأمام (أبي هشام) مهمات جسيمة وكبيرة أثناء التأسيس؛ لأنه يحتاج إلى مضاعفة الجهود، وخصوصاً عند اختيار القيادات الإدارية والموظفين؛ لأن الاختيار الجيد سوف يساعد الهيئة في تأدية عملها على الوجه المطلوب، وتنفيذ مهماتها بدقة متناهية، ومن وجهة نظري الشخصية أن أهم تحدٍ تواجهه الهيئة ورئيسها هو تحويلها إلى مؤسسة وطنية تعتمد على منظومة من المعايير والأنظمة والإجراءات لا أن يطغى عليها الجهد الفردي الذي ربما يعيقها عن أداء مهامها، لأن التجربة تقول المؤسسات هي التي تبقى والأفراد هم الذين يرحلون.

والجميع ينتظرون بشغف مشاهدة هذا الإنجاز العظيم سلوكاً مطبقاً على أرض الواقع خلال ثلاثة الأشهر القادمة التي حددها الأمر السامي الكريم، ويأملون بألا يكون هناك تأخير في التأسيس وبدء العمل، علماً بأن أهم المكتسبات التي ستعود على وطننا ومجتمعنا في حالة نجاح هذه الهيئة بمشيئة الله هو إيجاد فرص وظيفية ومحاربة البطالة والفقر وحل كثير من مشكلات التنمية التي يقف الفساد كأحد أهم العوائق أمامها، وسوف تتحسن مستوى الخدمات والمشاريع الكبيرة والصغيرة وسوف يُمكن أصحاب الكفاءات وذوي الخبرة من الحصول على فرصهم الوظيفية.

وختاماً نتمنى من الله عز وجل أن يوفق معالي رئيس الهيئة وزملائه وأن يكتب لهم النجاح في محاربة الفساد بشتى أنواعه ولا يكون هناك أحد مستثنى من قوانين الهيئة الرقابية، كما نأمل أن تكون بداية الهيئة بداية قوية وصارمة على جميع المفسدين في هذا الوطن حتى يتواروا عن الأنظار، وتصبح بلادنا طاهرة ونظيفة منهم، وأن يحافظ الجميع على مكتسبات هذا الوطن والإخلاص له هو سمة أبنائه بمختلف شرائحهم وأطيافهم، حتى يسود الرضا العام عن الجميع من الناحية الإدارية والمالية بدءاً من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - حتى أصغر مواطن في هذا الوطن الغالي.

 

هيئة الشرفاء
د. محمد عبدالله الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة