Friday 04/10/2013 Issue 14981 الجمعة 28 ذو القعدة 1434 العدد
04-10-2013

التواضع وحب الناس

التواضع صفة حميدة ترتفع فيه مكانة الإنسان وتكبر قيمته لأنه يخضع للحق وينقاد له ويتقبله ممن قاله مهما كان موقعه!

والسنة النبوية الشريفة تحث على التواضع لأنه من فضائل الإسلام، قال سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم من تواضع لله رفعه.

ولنعلم أن التواضع عكس التكبر، فالأول صغير في عينه كبير في أعين الناس، والثاني كبير في عينه صغير في أعين الآخرين، والمتواضع يقبل الحق ولا ينقاد للباطل ولا يبخس أقدار الناس ولا يسفه الحق، تجده منصفاً لنفسه وللآخرين. إن خصال المتواضع في صورته المثالية تعني الاقتداء بنبي الهدى صلى الله عليه وآله وسلم الذي علم أمته على فضيلة التواضع وطبقه قولاً وفعلاً، والذي قال (إنما أنا عبد.. آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد). كان عليه الصلاة والسلام يركب الحمار، ويعلف البعير، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويحلب الشاة، ويأكل مع الخادم، ويصافح الغني والفقير على حدٍ سواء، كما أنه عليه صلوات الله وسلامه يحترم من سبقه من أنبياء الله عليهم السلام جميعاً، عن أنس رضي الله عنه قال: إن رجلاً قال لمحمد يا خير البرية، فقال له محمد صلى الله عليه وسلم: خير البرية إبراهيم عليه السلام. وعندما سئل عن أكرم الناس قال إنه يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. إننا وبكل أسف في هذا العصر الذي كثرت فيه المغريات وتبدلت فيه كثير من المفاهيم أصبح الكثير منا يتعامل مع التواضع وكأنه من أنواع الذلة والضعة، ويعتقد البعض أن التكبر يعني الرفعة والعزة، وهذا خطأ فادح لأن الإسلام يفرق بين التواضع والتذلل، فهو يدعم التواضع ويشجع على ممارسته، وينكر التذلل والضعة وينهى عن التعامل معها؟ يقول سيد البشرية صلى الله عليه وسلم (من جلس الى غني فتضعضع له لدنيا تصيبه ذهب ثلثا دينه ودخل النار)، رواه الطبراني. إنه التواضع، فهل نتعامل معه ونطبقه في كل كبيرة وصغيرة مع الناس، وأن يكون تعاملنا مبنياً على احترام المكانة والقيمة الإنسانية للجميع وألا يكون للمناصب والمال والجاه والصحة والنسب أسباب من خلالها يأتي التكبر على بني البشر. ولنعلم أن المتواضع من لم ير لنفسه مقاماً ولا حالاً على الآخرين. وتذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحمل قربة الماء، وأن علياً كرم الله وجهه كان يحمل التمر، وكان يدهن البعير الأجرب بالقطران. إنها دعوة للتحاب والتقارب يكون للتواضع الدور البارز فيها، وهل أحد منا لا يريد أن يرفع الله قدره بتواضعه، وهل هناك من لا يريد كسب حب الناس؟ قال الشاعر:

تواضع تكن كالنجم لاح لناظري،

على صفحات الماء وهو رفيع،

ولا تكن كالدخان يعلو صاعدا،

على سطحات الجو وهو وضيع،

 
مقالات أخرى للكاتب