Tuesday 15/10/2013 Issue 14992 الثلاثاء 10 ذو الحجة 1434 العدد
15-10-2013

العيد .. ومليار ونصف المليار صوت

لا أعرف ماذا يكتب المرء في يوم عيد، ما الذي يليق بالقارئ في يوم عيد، أو يوم فرح، أثمة مظهر للسعادة اليوم في عالمنا العربي؟ كيف يحتفل طفل سوري في يوم عيد، وهو فقدَ الكثير من أقاربه وأصدقائه في حرب مجنونة ومدمرة، جعلت من الأرض السورية أرضاً محروقة؟ كيف هو الحال في مصر التي يعبث فيها مصريون للأسف، إلى أين تسير الثورة التونسية، وهل ستتنقل السلطة بشكل سلس من حزب حاكم إلى حزب آخر مرشح، من رئيس بيده السلطة إلى آخر اختاره الشعب في صناديق الاقتراع؟ وماذا في ليبيا بعد القذافي، هل هي تسير فعلاً في طريق نمو اقتصادي جيد، هل بدأ فعلاً ترتيب البيت الليبي من الداخل، وتم تحسين علاقاته مع الخارج؟

أي عيد هذا اليوم الذي يلبي فيه المسلمون، وأي حال فيه هم المسلمون في أصقاع الأرض؟ ومتى تتحرر البلدان الإسلامية من سطوة التخلف، على مختلف المستويات، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، فرغم أن هذه البلدان حباها الله سبحانه بالعديد من الثروات الطبيعية، وووهبها الكثافة السكانية، والأيدي العاملة التي تجعلها لا تحتاج إلى شيء سوى إدارات تنظمها بشكل مدروس، خصوصاً أن معظمها لا تضع أي حسبان لإستراتيجيات طويلة الأجل تعمل عليها بدأب، بحثاً عن مستقبل زاهر لأبنائها.

هو العيد إذن، أحد أجمل يومين يمران على المسلم، يفرح بهما ويسعد، فأين هو العيد، أين يختبئ هذا الفرح، وكيف نستخرجه، ونعلنه، ونزهو به؟ كيف تتحول مظاهر الحياة في المدن والقرى العربية والإسلامية إلى فرح، وسعادة دائمة؟ السعادة الدائمة ليست في هدية أو يوم عيد فحسب، بل هي في تحقيق الرفاهية والاكتفاء لشعوب هذه البلدان، وهذه لا تتوفر إلا بالاستقرار والأمان، وفي نفس الوقت بالتخطيط والإخلاص، ووقف هدر الأموال، وترشيد الإنفاق الحكومي إلا على ما يصب في مصلحة المواطن مباشرة، فما نملكه اليوم من مال وصحة واستقرار، قد لا نملكه غداً، فعلى سبيل المثال، مرَّت كثيرٌ من الدول، حتى الدول المتقدمة والغنية، بفترات كساد اقتصادي، جعلها تعاني من صعوبة ضمان الحد الأدنى من العيش الكريم لأبنائها.

أعود من جديد إلى ما بدأت به، ما الذي يكتبه المرء أمام هذا العالم الهائل، أمام مليار ونصف المليار صوت مسلم، يرددون بصوت مهيب: الله أكبر، الله أكبر. ماذا يمكن للمرء أن يقول أمام هذه الحشود من الحجيج، سوى أن يشعر بالغبطة أن هؤلاء، وأن فرقتهم السياسة وألاعيبها، جمعتهم هذه الشعيرة العظيمة: الحج، لا أملك سوى أن أدعو لنا ولهؤلاء بأن يتقبل منهم حجهم، وألا يكون نصيبهم منه العناء فحسب.

وكل عام والعالم الإسلامي بخير ومحبة وسلام.

 
مقالات أخرى للكاتب