Sunday 20/10/2013 Issue 14997 الأحد 15 ذو الحجة 1434 العدد
20-10-2013

فنان العرب.. الوجهة والواجهة

لكل بلد متحضِّر واجهته الثقافية والسياسيَّة والفنيَّة والاقتصاديَّة وغيرها، وسأختصر المشوار، لأُشير إلى أن فنان العرب محمد عبده هو واجهتنا الفنيَّة في السعوديَّة، كحقيقة سلَّم بها محبوه ومعارضوه منذ مدة طويلة جدًا.

في المقابل فإنّ محمد عبده هو «وجهة» الذين يبحثون عن المعنى الحقيقي للفن والطرب والذكاء فيما يحبه الجمهور وما لا يريد، وهو (محمد عبده) بات مُعلِّمًا لبقية الفنانين مثلما بات «مَعْلَمًا» في نسيجنا الاجتماعي والفني والثقافي.

لا أظنّ أن أحدًا سيكون خليفة لمحمد عبده (بعد عمر طويل) في المدى المنظور، وأعني هنا بذات المواصفات والمقاييس التي نشأ عليها محمد عبده فنيًا، ومع كامل تقديري لكافة الزملاء الفنانين فإنَّ هذه (الخلافة) المزعومة بعيدة جدًا جدًا.

الحديث بالواقع مؤلمٌ جدًا للبعض، لأن أحلامهم نسجت لهم خيالات من زوايا ضيقة، وواقع محمد عبده الحاضر والمستقبل يقضّ مضاجع البعض.

لا أعتقد أن عبدالمجيد عبد الله أو راشد الماجد مهيآن للجلوس على كرسي الريادة بعد فنان العرب، ليس انتقاصًا لهما أو إلغاءً لتأريخهما ولكن بناءً على واقع ما يقدمانه وقدّماه مُخالفًا تمامًا لطريقة محمد عبده التي بناها منذ خمسين عامًا.

أمَّا خالد عبدالرحمن فهو خارج هذه الحسبة تمامًا، لأن لا علاقة له بما سبق نهائيًا.

لا نريد لواجهتنا هذه إلا كل خير، ولا نُريد إلا أن يكون وجهة وواجهة رسمية مثلما تفعل كل دول العالم (المتحضّرة).

ومنذ نحو خمسين عاما، والأستاذ فنان العرب محمد عبده، واقفا بـ (شموخ) على خشبة المسرح مغنيا في غالبية عواصم الدنيا جامعا حوله ملايين المحبين، وماضيا نحو قمة احتلها ولم يغادرها يوما.

يثيرك محمد عبده في حركته وسكونه، ويثيرك إن تحدث هنا أو هناك، وتنقل أحاديثه الركبان، ولطالما قال إنه يريد تحريك ركود الفنانين تارة، وكذلك الإعلام تارة أخرى، إنه (واجهة) إعلامية من الطراز الأول.

قلت إعلاميا، لأن فنان العرب يعي دور الإعلام ويعرف ماذا يقول ومتى وكيف، وهو الفنان الذي طالما توقف الجميع عند كلمة يقولها، تحليلا وتفسيرا ونقدا وترويجا.

لا عجب إذا قلنا إن فنان العرب وزارة إعلامية متنقلة، تتمنى أي جهة إعلامية أن تنال تصريحا له أو حديثا بسيطا يروي عطش إثارته، وفنان بقامة محمد عبده يزداد ألقا مع الوقت، و (يتعتّق).

ممتع الحديث عن هذا الرجل (الوجهة) الذي ملأ حياتنا فرحا وجمالا لا يغادرنا، وشيّق استرجاع ما قال وغنى، وهو الفنان الذي التصق بذاكرة الإنسان السعودي منذ احترافه الفن وحتى يومنا هذا، وهو الفنان الذي طالما حاربه (الظلاميون)، على قلّة مواردهم، وأحبه الملايين على كثرة مشاعرهم.

كتبت قبل ذلك أننا نشكر هذا الزمن الذي جعلنا نعيش لنكون شاهدين على مسيرة هذا الفنان، وسعيد جدا أنني واحدا من الذين تربطهم به علاقة حب وتقدير، وأرجو أن أكون ذاك الرجل الذي يعطيه حقّه، رغم أنه في غنى عن ذلك، وقد أنصفه الزمن.

أتحدث عن الوجهة والواجهة، وهما الصفتان الملازمتان لمسيرة محمد عبده منذ عشرات السنين وهما الصفتان اللتان شكلتا (كاريزما) رؤية فنيَّة اسمها (فنان العرب).

هذه (الوجهة) جاءت من خارج الحدود إلى قلب الوطن، أما (الواجهة) فانطلقت من قلب الوطن إلى كافة أنحاء الوطن العربي الكبير.

m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

twitter: @mohadqahtani

 
مقالات أخرى للكاتب