Friday 25/10/2013 Issue 15002 الجمعة 20 ذو الحجة 1434 العدد
25-10-2013

أسعار النفط والمصالحة الإيرانية الأمريكية

انخفضت أسعار سلة أوبك في أسواق النفط العالمية بعد الارتفاعات التي شهدتها الأسعار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ليصل سعر سلة أوبك إلى 106.7 دولارات للبرميل مقارنة بمعدل سعري لشهر سبتمبر الماضي 108.7 دولارات للبرميل. يُعزي الكثير من المراقبين هذا الانخفاض الطفيف (2%) في الأسعار لانخفاض التوتر السياسي في الشرق الأوسط نتيجة للتطور الأخير في الموقف الأمريكي الخاص بالقضية السورية الذي تغير بشكل مفاجئ وسريع غير مُبرر وغير متوقع من ضربة عسكرية إلى صفقة سياسية للتخلص من الترسانة الكيميائية السورية، بالإظافة إلى الغزل والمصالحة السياسية الأمريكية الإيرانية الأخيرة المتعلقة بالملف الإيراني الشائك. السعر الحالي لسلة أوبك (106 دولارات للبرميل) يساوي المعدل الشهري لسعر السلة فيشهر ديسمبر 2012 مما يعكس حقيقة أن تذبذب الأسعار خلال عام 2013 بما في ذلك الزيادة التي حدثت في الأشهر 3 الأخيرة ترجع أساساً إلى التوتر السياسي في الشرق الأوسط وليس نقصاً في الامدادات. كما شهد كذلك نفس معدل الانخفاض خام برنت ونفط غرب تكساس ليصل السعر إلى 110 و 98 دولاراً للبرميل على التوالي.

دعماً لهذه الحجة، يبين أحدث تقرير شهري للنفط الذي أصدرته مؤخراً منظمة أوبك عدم وجود أي تغيير في نمو الاقتصاد العالمي لعام 2013م و2014م الذي يقدر بـ 2.9% و 3.5% على التوالي.. تتجاهل هذه التقديرات تماماً مشكلة رفع الحد الاقتراض للولايات المتحدة الأمريكية والتغيير الطفيف جداً لتقديرات النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو واليابان والهند والصين لعامي2013م و2014م.

أشار التقرير كذلك عدم وجود تغيير لتقديرات الطلب العالمي على النفط لعام 2013 الذي قد يصل إلى 89.7 مليون برميل يومياً، وعدم وجود تغيير في تقديرات الاستهلاك العالمي للنفط لعام 2014م المُقدر بـ 90.8 مليون برميل يومياً (بزيادة قدرها 1 مليون برميل يومياً مقارنة لعام2013م). هذه الزيادة (1 مليون برميل في اليوم) لعام 2014م لا تمثل تحدياً لصناعة النفط العالمية، حيث إنه من المتوقع أن تُغطي دول منظمة أوبك هذه الزيادة في الطلب لوجود سعة إنتاجية نفطية إظافية تُقدر بأكثر من 2 مليون برميل في اليوم كما فعلت دول المنظمة في الربع الثاني من عام 2012م ومما يدل على وجود توازن مثالي للطلب والعرض ويؤكد أن التذبذب في الأسعار تؤثر عليه بشكل رئيس العوامل الجيوسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط المتخمة بحقول النفط والمشاكل السياسية في نفس الوقت.

أكد أيضاُ هذا التحليل التقرير النفطي الشهري الذي أصدرته مؤخراً وكالة الطاقة الدولية، مشيراً إلى أن تراجع أسعار خام برنت القياسي وتراجع خام غرب تكساس الوسيط في سبتمبر وأوائل أكتوبر يعود إلى إتفاقية التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية والمحادثات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة المتعلقة بمشكلة الملف النووي الإيراني.

إن ما حدث في الأشهر القليلة الماضية يقوي حجة وتحليل العديد من خبراء الصناعة النفطية الذي يشير إلى أن العالم حالياً لا يواجه أي تحدٍّ في جانب العرض، وأن المشكلة الكبرى التي تواجهها صناعة النفط العالمية تتعلق بأمن الإمدادات المرتبطة بالتوتر السياسي خاصة في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في ليبيا، والعراق، وإيران، ومصر، ومؤخراً في سوريا. للأسف الشديد فإن القتل مستمراً في العراق ولفترة تزيد عن عدت سنوات كما هو الحال أيضاً في سوريا.. كما تتواصل الاضطرابات السياسية في ليبيا ومصر وتونس. وعلى الرغم من التقارب الأخير بين أمريكا وإيران، فأنا لا أتوقع أن يحل هذا التقارب بين أمريكا وإيران مشكلة الملف الإيراني النووي على المدى القصير والمتوسط. بمعنى آخر، ليس من المُتوقع أن تزول هذه الظروف الجيوسياسية وهذا التوتر في هذه المنطقة الإستراتيجية التي تعتبر المصدر الرئيس للطاقة، وبالتالي أتوقع أن أسعار النفط الخام سوف تبقى قريبة من معدلاتها الحالية (100 دولار للبرميل) مع وجود تذبذب مقبول لبقاء العامل الجيوسياسي.

www.saudienergy.net

Twitter: @neaimsa

مقالات أخرى للكاتب