Sunday 27/10/2013 Issue 15004 الأحد 22 ذو الحجة 1434 العدد
27-10-2013

التربية .. والقرار الصائب

* ثقيل جداً على بعض المؤسسات والهيئات الحكومية اعترافها بالفشل، وحينما تطرح أو تناقش فكرة التنازل، أو سلخ بعض المهام لعدم الاختصاص تطفو على السطح صراعات أكبر مما يتصوره عاقل، حتى ليعتقد البعض أنه صراع على سيادة، أو تنازع دول. وحينما يخاض في مثل هذا الموضوع، وفيما هو أقل منه كدمج بعض الوكالات، أو الوحدات، أو الإدارات داخل المؤسسة الواحدة تبدأ الإسقاطات والاتهامات، والإشاعات، وتعطيل إجراءات المشروع، والوقوف أمام كل

خطوة تتخذ في الاتجاه الصحيح.. وأي إشاعة يتبناها قطاع من أكبر القطاعات من المؤكد أن لها من التأثير الشيء الكبير، ويبقى مع ذلك الزبد يذهب جفاء، وأما ما ينفع فيمكث في الأرض.

* في وزارة التربية والتعليم كان هناك صرامة وإرادة قوية ونادرة في تاريخ الوزارات، فالمصالح الخاصة، ونتيجة عدم الوعي تقدم على المصالح العامة في أحايين كثيرة، هذا ما اعتدنا عليه. أما فيما سيرد من حديث هنا سيغير النظرة.

* خلال العشر سنوات الأخيرة تعاقب على وزارة التربية والتعليم ثلاثة وزراء خاضوا معارك شرسة، بدأت بمراحل دمج البنين والبنات، وما تبع ذلك من أخطاء وهفوات، ومشكلات في التنظيمات الإدارية اعتقد أنها طبيعية في عمليات الإصلاح والتطوير، ثم ما صاحبها، أو تلاها من هيكلة الجهاز، وإعادة النظر في المهام والاختصاصات الموكلة لهذا الجهاز بصفة عامة، ما يتماشى منها مع أهداف الجهاز وما يتعارض، وأحسب أن لكل وزير خطوات إيجابية احتسبت له من المنصفين في هذا الاتجاه، وبخاصة وأن تلك الإجراءات توجت بموافقة ومباركة من المقام السامي، آخذة مجراها في التنفيذ، رغم جسامة الموضوع وحساسيته.

* الخطوة الأولى: حين رأى خبراء التخطيط والتطوير فيها، ولجنة الإصلاح الإداري، والقائمون على السياسات العامة للتعليم أن الوزارة، ونتيجة للتوسع المطرد، وضخامة العمل، وتركيز الدولة من خلال مؤسساتها على أهمية مراعاة الجانب المهني والتخصصي في العمل، حينما رأوا أن إشراف الوزارة على كليات المعلمين والمعلمات لا يحقق بعض أهداف سياسة التعليم العالي، ولا التمشي مع احتياجات سوق العمل السعودي، بل ولا احتياجات الأكاديميين في تلك المؤسسات، فكانت العزيمة الصادقة على الرفع عن ذلك وربط تلك المؤسسات التعليمية بالحاضن الأساسي المفترض (التعليم العالي).

* الخطوة الثانية: حينما ولدت (هيئة السياحة والآثار) وشرعت في ممارسة مهامها واختصاصاتها بخطوات متأنية ومدروسة رأت وزارة التربية والتعليم أنه من الأولى والأجدر أن تشرف على تلك المهام الموكلة لجهاز الوزارة، المثقلة لها، فغلبت المصلحة العامة وتنازلت عن المهام، بل وعن الوظائف المخصصة لها، وبالفعل أخذت (هيئة السياحة) على عاتقها تنمية هذا القطاع، بآثاره ومتاحفه، وفعلت ما لم تفعله الوزارة على امتداد نصف قرن، أو يزيد.

الخطوة الثالثة: أدركت الوزارة أن (الصحة المدرسية) بشقها العلاجي، ابن غير شرعي لها، شكل متابعته خلال العقود الخمسة المنصرمة عبئاً مالياً، وإدارياً ومهنياً عليها، ولم تحسن المتابعة والرعاية، ولم تنل رضى المنتسبين إليه، بتقديم الخدمات المناسبة، بل كان إشرافها عليه إحدى عقبات مشروع التأمين الصحي لمنسوبي هذا القطاع، المهضوم في حقوقه من هذه الناحية بالذات، فكان القرار الصائب بإسنادها إلى (وزارة الصحة).

الخطوة الرابعة: أعتقد أنها في المخاض الأخير، تعسّر التنفيذ مع بطء، أو تأخر، إن لم يكن تعثر (مشروع تطوير التعليم)، لأسباب لا نعلمها، وقد تكون في بعض صورها خارجة عن إرادة الوزارة، فبين الحين والآخر تطلق تصريحات من هنا وهناك، وتنقل الروايات الكثيرة على سلخ (وكالة إدارة المباني والمشروعات، والمقاصف المدرسية، والنقل المدرسي) لتكون كل هذه الخدمات تحت إشراف (شركة تطوير).

* سبع سنوات مضت على إطلاق خادم الحرمين الشريفين مشروعه العملاق (مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم) والوطن المعطاء والمواطنون ينتظرون آثار ونتائج (تسعة مليارات) رصدت لهذا الشأن.. من المؤكد أنه، وبالعزيمة الصادقة سيأتي اليوم الذي نرى مخرجاتها على أرض الواقع.

* باكتمال تلك الخطوات الأربع سيبدو جهاز (وزارة التربية والتعليم) أكثر رشاقة، وأكثر مهنية، وسيكون الطالب والمنهج والتعليم والتربية محور اهتمام القائمين عليه، وهنا حاسبوهم متى كان مدار اهتمامهم هذه العناصر الأربعة.

dr_alawees@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب