Wednesday 13/11/2013 Issue 15021 الاربعاء 09 محرم 1435 العدد
13-11-2013

الصحة تدافع عن ماراثون جامعة نورة

يعاني المجتمع السعودي كثيراً من انتشار الأمراض المزمنة بنسب عالية، مثل مرض السكري ومضاعفاته وأمراض القلب وهشاشة العظام والقلق والاكتئاب وغيرها. هذه حقيقة مثبتة بالأرقام التي لا تسمح المقالة باستعراضها. وعلاجها الذي تتبعه وزارة الصحة في الغالب يتركز في علاج الأمراض ومضاعفاتها المختلفة دون وجود أية خطة وطنية فعّالة في جانب الوقاية من الأمراض. الوقاية من هذه الأمراض أو تقليص حجمها وحدتها تتمثل في أمور سهلة صعبة في الوقت نفسه، تتمثل في زيادة النشاط البدني لدى الأفراد، وتقليص حجم التدخين بأنواعه، وتقليص حجم السمنة. هي أمور سهلة في ظاهرها، لكنها صعبة التطبيق؛ لأنها تتطلب تعديل السلوكيات، وتتطلب التدخل التربوي والاجتماعي في ذلك. كثير من الدول المتقدمة تبنَّت استراتيجيات وطنية في هذا الشأن؛ لأنه أصبح يشكّل خطراً صحياً واستنزافاً اقتصادياً واجتماعياً، فهل لدينا خطة وطنية في مجال الوقاية من الأمراض ومسبباتها المشار إليها؟

طبعاً وزارة الصحة تعتبر الصحة العامة ضمن استراتيجيتها، ويكرر مسؤولوها ذلك في اللقاءات والمنتديات، بل تضع وكالة للصحة العامة ضمن مهامها الرعاية الأولية والوقائية. لكن على أرض الميدان لا توجد خطة وطنية واضحة، وإنما نصائح وعظية ومراكز رعاية أولية، تحولت إلى مراكز علاجية ومراكز متابعة للأمراض أكثر منها مراكز مبادرة بالوقاية السابقة لحدوث الأمراض.

هناك أفكار وتشريعات وتنظيمات عديدة تبنتها بعض الدول، ويطالب بها المتخصصون والمهتمون، لن ألم بها وأستعرضها جميعاً، لكنني سأركّز على أهم استراتيجية يجب أن تتبع بصرامة، وتتمثل في الاهتمام بالأجيال القادمة، عبر تربيتها على سلوكيات صحية مفيدة. قد يصعب تغيير سلوكيات من بلغ مرحلة متقدمة من العمر، لكن النشء يمكن تربيتهم وتعويدهم على سلوكيات إيجابية متى كنا جادين في ذلك. أولى الخطوات في هذا الشأن تتمثل في جدية التعامل مع حصص الرياضة البدنية والصحة المدرسية، بجعلها يومية أو ثلاث مرات في الأسبوع على أقل تقدير، للطلاب والطالبات. الجدية ليست فقط في فرض عدد الحصص بل بفرض منهج صارم فيها، وعدم التهاون فيها. طبعاً ما يحدث حالياً أنها مجرد حصة يلعب فيها من شاء، ويتكاسل من شاء، دون برنامج أو منهج علمي صحي رياضي واضح. الخمول البدني أو عدم ممارسة الرياضة والحركة البدنية الكافية خطره لا يقل عن خطر التدخين والسمنة، بل إن النشاط الحركي يُسهم في تقليل السمنة وفي تحسين الصحة الاجتماعية والنفسية للفرد والجماعة، وقد أثبتت الدراسات الحديثة علاقته كذلك بتحسين الأداء الدراسي والعقلي.

التربية الرياضية أو الرياضة والصحة البدنية يجب أن تكون فرضاً كذلك على جميع طلاب وطالبات الجامعات. وإذا كان العاملون في المجال التعليمي لا يدركون أهمية الصحة البدنية من النواحي كافة، وهم من يدعي أن إنسان هذه الأرض هو محور اهتمامهم على المستويات والجوانب كافة، فلعل وزارة الصحة - وهي الأخرى تدعي أن الإنسان ومستقبل الوطن الصحي يهمها - تبادر فتسهم في فرض تشريعات تجعل الرياضة والصحة المدرسية إجبارية وأولوية وجدية في جميع المراحل التعليمية. نعم، هي مسؤولية وزارة الصحة، بتبنِّي ودعم جميع المبادرات التي تصب في صالح صحة المواطن والمقيم، بغض النظر عن الجنس، وبعيداً عن حساسيات من يجعلون ذرائع الأيديولوجيا مقدمة على صحة العقل وسلامة البدن من الأمراض والضعف والوهن.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب