Wednesday 11/12/2013 Issue 15049 الاربعاء 08 صفر 1435 العدد
11-12-2013

فضائح الكراسي..!

يحدث أن تشعر بالغبن والقهر إذا تم استغفالك.. كونه تحدياً وقحاً لعقلك أو استغلالاً لمشاعرك.. لكن أن تكون مغفلاً باختيارك.. وتغمض عينيك وتصم أذنيك بمحض إرادتك.. وتتوقّع أن يمر كل شيء على ما يرام.. فهذا وضع كوميدي “سامج” يصعب أن تضحك منه ولو من باب المجاملة.

وهذا ما يحدث في أروقة القيادات الخلفية.. والتي توقّع ضمنياً على بروتوكول أشبه ما يكون بمسرحية الصم والبكم.. على وثيقة وهمية تم إقحامها بما يُسمى “تخطي المرجع”!

تلك التهمة المطاطية التي تعلّق على الأبواب لتكميم الأفواه الغاضبة.. تخويفاً للقلوب المظلومة.. وتحقيراً لأي فكرة لم تأت من عقل (يرجن) على كرسي عالٍ.. وتحجيماً لأي خطوة واعدة.. كل ذلك من أجل حماية الكراسي الذهبية المقدسة.. حتى لا تقع عليها الأيادي القصيرة.. أو الفقيرة.. والتي لا تناسب وهج السلطة.. ولا تفهم معنى فخامة “البشوت” وهيبة مكتب المشرفة أو المديرة..!

المضحك في الوضع أن أعمق أسرار الأمكنة تجدها عند الصغار.. وموظفي الميدان.. والمراجعين.. فالمسئول الذي حصر نفسه بين مساعديه.. ومدراء الإدارات الأصغر.. قرَّر دون أن يدرك.. أن يكون دمية تحركها أذرع الفساد.. والاستغلال.. وأصحاب جملة “كل شيء تمام طال عمرك”!

وما يثير السخرية حقاً دهشته عندما تتلقف الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة فضائح إدارته وتنشر غسيله المهمل.. على من سيلقي باللوم والعتاب؟ على الغدر.. أم يظنه امتحان القدر؟

رغم أنه قراره لحظة أغلق كل الطرق في وجه الحقيقة.. ولم يترك حتى نافذة صغيرة يرى من خلالها منظراً آخر للواقع.. فمن يثق بالمنقول.. والتقارير التي تجمع احتمالات الصدق والكذب معاً.. وينام ملء جفنيه.. لماذا تفاجئه نكبات المشاريع الوهمية.. والسرقات.. والتقصير.. والظلم والعدوان بين موظفيه؟

إقحام القيادات في برستيج المؤتمرات.. والاحتفالات.. واللقاءات العقيمة.. لعرضها على العالم على أنها تطوير وإنجاز.. خدعة كبرى قليلاً ما يعتق منها من تورط بها.. فهي محاولة لإشغاله عن مهامه الأساسية.. والتي من أجلها حمّل الأمانة.. مع أن الكراسي تدور دونما رحمة.. وإن جلس عليه حيناً.. حتماً سيقوم عنه.

أينما وجد احتكار المجلس.. وجد الكذب والتزييف.. فمن قبل أن يترك أذنه لأحدهم دون غيره.. ليس له أن يتوقّع الصدق.. أو يأمن خيانة تنتظره على الطريق.. ومن تترّس بمكتبه أو قصره.. لن يعرف ما يحدث في إدارته وشارعه.. حتى تصله شظايا الدمار من حوله.. في منظر فوضوي لا يسعه تداركه.. فالحق لن تعرف أين يكون حتى يكون الحديث للجميع.. ولن تفهم الواقع حتى تقف عليه بنفسك.. فمن عاش على التلقين.. لن يفهم إلا لغة واحدة.. ولن يشارك إلا أتباعه.. وسيظن بالآخرين شراً.. بينما الحر يستطيع أن يسمع كل إيقاع ويصبر عليه ليستفيد منه.

ومن ابتلي بعبيد الكراسي.. ماتت همته قبل أن يبلغ الباب المئة.. باب معاليه.. أو باب سعادته!

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب