Monday 30/12/2013 Issue 15068 الأثنين 27 صفر 1435 العدد
30-12-2013

ثقافة التغيير والتدوير في وزارة التربية والتعليم

حراك الدولة في تغيير كبار القيادات قد لا يكون بالضرورة مرتبطاً بفشل أو نجاح، بقدر ماهو دفع إيجابي لحراك التنمية والتطوير. ولأنّ التغيير سنّة من سنن الحياة لا تستقيم إلا بها، فالثبات مرادف للموت والتحول يوحي بالحياة.

وأمام وزير التربية الجديد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل تركة باهظة وأمانة عظمى، هي التعليم وما أدراك ما التعليم، في ظل هذه التغيّرات المتسارعة والنمو السكاني العالي والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطموحات المجتمع الكبيرة تجاه مخرجات التعليم.

أمام خالد الفيصل كمٌّ كبير من المنجزات وكمٌّ أكبر من المشروعات العالقة والتحديات التي تتطلّب وجود نوعية مميّزة من القادة التنفيذيين الذين ينظر إليهم في الأنظمة الإدارية والمؤسسية في دول العالم المتقدم بأهمية ومهنية رفيعة، حيث يقع على عواتقهم بناء الثقافة المؤسسية الداعمة لعمليات التغيير وإدارته للأفراد وللأصول المعرفية في تلك المؤسسات، وترجمة رؤيتها إلى خطط وبرامج عمل تسهم في تحسين نوعية مخرجاتها وتحقيق رضا المستفيدين من خدماتها... وفي الغالب يتم اختيار تلك القيادات بناءً على معايير متعلقة بمهارات القائد واحتياجات بيئة العمل وتخصصاتهم، مع إكسابهم مهارات التنمية المهنية المستدامة، وتخويلهم الصلاحيات اللازمة لإنجاز مهامهم، مع تطبيق نظام فاعل للحوكمة والمحاسبية بما تنطوي عليه من برامج تحفيز ومساءلة.

وعليه فإنّ إيجاد هذه القيادات يُعَد تحدياً كبيراً وأساسياً أمام سمو الوزير، وإذا قدّر لنا أن نسقط هذا المفهوم على الممارسات الإدارية في وزارة التربية المتعلقة بالقيادات التربوية والإدارية.. فإننا سنجد أن الوزارة مع شديد الأسف، لم تحقق أهدافها التي تصبو إليها في إحداث التغيير والتدوير بين قياداتها التنفيذية، بل إن بعض هذه القيادات من النساء أو الرجال، ما إن تتبوأ منصباً وتظل به لسنوات حتى تتحول إلى حرس قديم يقاوم كل تغيير لأنه يتعارض مع مصالحها، وتحشد كل أسلحة المقاومة كي تبقى في مكانها مع خلو وفاضها من الجديد.

إن غياب ثقافة تقبُّل التغيير والتدوير هو تحدٍّ كبير على كافة المستويات، ويكاد يكون هو السبب الرئيس في تعثُّر حركة التطوير في الميدان التربوي وشيوع الهشاشة في التطبيق وتشويه المشروعات وهدر الموارد، عبر ما يسمّى إدارياً بالاقتباس الهش للمشروعات والتجارب العالمية، وإذا أرادت الوزارة أن تنجح في تحقيق أهدافها لتعزيز ثقافة التغيير والتدوير واختيار القيادات الفاعلة، فعليها أن تتنبّه إلى النقاط التالية الظاهرة للجميع:

1- غياب الشفافية وعدم إعلان معايير اختيار القيادات أو عدم وجودها، وهذا لا يخص وزارة التربية وحدها، بل نجده في وزارات عديدة.

2- غياب المساءلة إلى وقت قريب فالمدير يبقى على كرسيه ويكتفى منه بتقرير ختامي منمق يُعد في أحد مكاتب إعداد التقارير الشهيرة ولا يوجد أي مساءله له على الأداء والمخرجات. وحتى حين وجدت الآن فهي مساءلة لا تملك صلاحيات بل تقدم توصيات تفقد قوّتها مع قصقصة التدخلات من هنا وهناك.

3- قصور واضح في نشر ثقافة التغيير والتدوير بين القيادات.

4- وجود تكتلات فكرية ومصالحية ومناطقية نمت وتشكّلت وأصبحت أكثر تمكيناً بفعل التراخي والتأخر في إجراء التغيير واتخاذ القرار في الوقت المناسب.

والحقيقة إنّ جهات كثيرة تعاني من تقادم عهد قياداتها فقد قدمت مشكورة كل ما لديها وكان الأولى أن تتنحى بعد انقضاء سنوات لكنها بقيت لتخدم أجنداتها الخاصة.

5- سطوة الحرس القديم من بعض المستشارين من النساء والرجال الذين أقصوا من مقاعد القيادة، لكنهم صاروا مستشارين وعلت سلطة المستشارين على خلاف المعتاد في النظم الإدارية. وظل هؤلاء يديرون العمل التنفيذي من على بُعد، وانطبق على الوزارة المثل الشعبي (ما غدينا ولا غدى الشر)، وظلت رؤيتهم التقليدية والمتشددة حيناً تحوم في أروقة الوزارة وتسهم في تأخير التطوير!

مما يشي أيضا بتأخر تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي أنجزها مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم التي تحدثنا عنها يوم أمس الأول، ويكفي أن تقرأ أن وزارة التربية تؤجل مشروع رياضة البنات لعدم وجود اسم مناسب لتدرك هشاشة المنفذين!

متفائلون ولنا مبرراتنا المقنعة والوجيهة في فألنا، والله نسأله سبحانه أن يمد سمو الوزير خالد الفيصل بالعون والسداد ويوفقه لخير هذا الوطن وأهله، والله من وراء القصد.

f.f.alotaibi@hotmail.com

Twitter @OFatemah

مقالات أخرى للكاتب