Wednesday 01/01/2014 Issue 15070 الاربعاء 29 صفر 1435 العدد
01-01-2014

إدارة الصراع..!

ولأن الاختلاف جوهر الحياة.. فإن الطبيعة تحفر مسارها وتثبت وجودها وإن حاول الإنسان واجتهد أن يغير مجراها.. يبقى الأصل حاضراً لا يمكن محوه.. إنما التعامل معه يعتبر خطوة حكيمة.. أما الاستفادة منه وتوظيفه فهو ذكاء وعبقرية تتجاوز هدوء الحكماء بمراحل.

والصراع أحد أبناء الطبيعة الخالدين ما دامت الحياة قائمة.. بين الإنسان ونفسه.. وبينه وبين إخوته البشر.. وكذلك مع كل أمر يتعارض مع مصالحه بغض النظر عن ماهيتها.

الصراع الوظيفي هو محورنا.. لا يمكن أن تخلو منه منشأة.. صغيرة كانت أم كبيرة.. تتفاوت حدته.. وعصفه بالمكان.. وتتباين مستوياته ما بين الشرف والدناءة.. إلا أن المحك كيف أن أحدهم يقاومه وينكره وربما يتغافل عن وجوده بين موظفيه.. وكلاهما خاسر.. الأول ساذج والثاني جبان.. بينما المدير الحقيقي لا يقف بوجه الطبيعة البشرية والحيوانية كذلك.. ليحاول أن ينكر أو يضيع وقته وجهده في أجواء مشحونة.. مضطربة.. تختنق في برميل من البارود.. ويستنزف طاقته في حل النزاع الذي ظهر من خلف الصراع.. فالفرق كبير بين إدارة الصراع وتوجيه طاقته.. وبين معمعة النزاع كأن المكان تحول من دائرة تبدأ بالموارد وتمر بالإنتاج في حركة مستمرة.. إلى غرفة صغيرة لمحكمة أقيمت في مرقص!

لماذا يكون الصراع طبيعي؟ لأن أسبابه طبيعية ومتوقعة.. فهو من أجل البقاء في أعظم مواضعه.. ومن أجل الظهور.. والتميز.. والمصلحة.. وتلبية لغرائز خلقت مع الإنسان ولا يسعه أن ينكرها وإن لامسته الروحانية واختار الإيثار حيناً.. تبقى الغلبة للمصلحة ولا عيب في ذلك.

إدارة الصراع باختصار أن تبقيه صراعاً شريفاً.. وتحترم غايته.. أن تعرف كيف توزع المهام حسب ما تبرع فيه مواهب موظفيك وتعشق القيام به وتتقنه.. أن تكون محدداً في تحديد وتوصيف أعمالهم.. ولا تسمح بتداخل المساحات إلا في الضرورة القصوى وتمسك بصمام أمان يحميهم من التصادم.. أن تعرف كيف ومتى تمنح الصلاحيات.. أن لا تستثير غيرتهم.. ولا تسمح لمشاعرك تجاه أحدهم أن تكون سبباً في إحباط الآخرين.. وأن لا تكون المهارة سبباً لتراكم العمل على المبدع حتى تكسر ظهره.. في حين يبقى قليل الخبرة والمعرفة على مدرجات المتفرجين يباري مشاعر القهر على أرض التهميش.. وأن يكون للعقاب والثواب ميزان واضح لا غموض فيه.

وأختم بجملة لرونالد ريغان_رئيس أمريكي سابق_ حيثُ قال:» ليس السلام انعدام الصراع، بل القدرة على التعامل معه بطرق سلمية».

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب