Saturday 04/01/2014 Issue 15073 السبت 03 ربيع الأول 1435 العدد
04-01-2014

قصة الخارطة

في صحراء «جو الجوب»، شمال شرق الرياض، كان الراعي الثلاثيني يجر خطاه في الصباح الباكر على صقيع الرمل، ولن يكون بمقدور الملابس الثقيلة البالية أن تقيه من برد المربعانية.

أفق ممتد من الفراغ. لا ماء، لا شجر، لا بشر. ليس إلاّ هذا القطيع الصامت الباحث عن الكلأ. أكاد أسمع هذا الراعي وهو يشكو للبيداء حاله:

- هدّني البرد والجوع، هدّتني الوحدة. يزورني المرض ويغادرني، دون أن يدري عني أحد. أشتاق للأهل، ولا صدى لشوقي سوى هذا السراب الذي لم يشم السودان، كما أشمها كل شهيق.

كان هذا العسكري البسيط الذي يرتجف برداً في صباح نقطة التفتيش، يحدق في وجهي، قبل أن تصل سيارتي له. رفع يده كي أتوقف، على الرغم أنّ سيارتي لا يمكن لها أن تتجاوز أية سرعة.

قبل أن أفتح نافذتي، رأيته يتوجه إلى المصباح الأمامي الأيمن، ويعيده إلى مكانه الذي تدلى منه، ثم يلوح لي أن أواصل طريقي، وهو لا يزال يرتجف.

- يا لسيارتي التي تدلّتْ في السفر.

ما بين غربة هذا العسكري، وغربة هذا الراعي، كانت هناك خارطة للصحراء المنهَكَة، وكان هناك بشرٌ صامتين.

مقالات أخرى للكاتب