Wednesday 22/01/2014 Issue 15091 الاربعاء 21 ربيع الأول 1435 العدد
22-01-2014

صيحة الثعالب!

تسليم المشاعر لأحدهم أو لقضية بولاء مطلق شائع لدى صنفين من البشر.. إما بسيط تستطيع أن تبيعه الوهم بثمن باهض.. أو عارف أخرس عقله مستنداً على معلومات مغلوطة ومتبعاً خطوات الحشود الداخلة تحت لواء واحد دون حتى أن يسأل نفسه لماذا أصبح معهم؟

لكن القلة القليلة ترفض أن تكون مطية لعشاق الشهرة وهتاف الجماهير بدراهمهم المتناثرة باسم الإنسانية والحضارة وحرب المؤامرات.. وأغلبها تصب في مصلحة رأس الفتنة ومُشرّعها.. أما الفتات فهو لذر التراب في عيون قد تحاول أن تسأل عن مصير التبرعات.. والهبات.. والدعم!!

للسُلطة إغراء وفتنة.. ولقيادة الجماهير شغف ونشوة.. ولمكانة العارف ببواطن الأمور لذة.. لحظة تشرئب لحديثه الأعناق.. وترخي له السمع وتمنحه الطاعة.. تلك مكاسب معنوية نادراً ما تمر بالمشاهير دون أن تكون سبباً لبحثهم عن الأضواء.. وإن غلفوا دوافعهم بعباءة ناصعة البياض.. لك أن تسأل ماذا تخفي تحتها من عيوب ونوازع بشرية مريضة.

والأهم كيف لك أن تمنحهم موافقتك وتأييدك ودعمك.. وكيف لم تداخلك الريبة والشك بهم.. والدمار من حولهم يتصاعد وفي ذات الوقت أحوالهم ترتق ترفاً ومكانة؟ ما السلم الذي صعد عليه صيتهم؟ أليست درجاته جماجم السذج والبسطاء والمخدوعين والموعودين بنصر عظيم.. بالله عليكم من الذي انتصر تحديداً.. من كسب ومن خسر!

جميل أن تكون لك قضية تنافح عنها.. وتتبناها.. لكن ما هي؟ وما موقعك منها.. ومن المستفيد عندما تنضج ثمارها.. وأي نبع تشرب منه جذورها.. تلك الأسئلة لم يتوقف عندها من نذر نفسه لقضية ظنها مجداً وهي هراء وعبث خدم رأسها.. وسحق جسدها.

في الحروب والمذابح التي سجلها التاريخ.. كانت بدايتها صرخة ثعلب.. ثارت لها نخوة الطيبين.. تاركين مصالحهم.. وأسرهم.. وأطفالهم.. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها نالت الثعالب مرادها.. واحتضنت الأرض أجساداً ما كان لها أن تموت لو فكرت قليلا قبل أن تأخذها العاطفة صوب حتفها.

الثعالب في كل زمان لهم صولات وجولات.. يبحثون عن الأتباع.. وعبر القنوات المتاحة لهم منابر باكية.. تستنهض النخوة والرحمة والكرامة.. وبين عبارات الحماس ستجد دعوى الحرب.. والتمرد.. والجهاد.. وحماية الدين والعرض ونصرة المستضعفين ووو إلخ .. فإن لم يكونوا بأنفسهم وذريتهم في الصفوف الأمامية من حربهم.. وإلا فهم الكاذبون.

هم الشرّ والفتنة وأعداء الأوطان.. لن تسلم منهم الأرض حتى تنتزع أقنعتهم بقوة الحكومات.. وتفتضح مخططاتهم بقوة العلم.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب