Friday 24/01/2014 Issue 15093 الجمعة 23 ربيع الأول 1435 العدد
24-01-2014

أبو هريس والقرني .. وفاء تشكيلي

لم تكن ليلة تدشين كتاب عن التشكيلي والناقد (ضيف الله القرني -رحمه الله- سيرة وإبداع) ليلة عادية، بل استثنائية، ولعل استثنائيتها التي ظهرت كانت من النماذج المبهرة للوفاء الإنساني والرقي في تقديم الآخر وإنكار الذات في عصر انتشر فيه التنكر لأصحاب الفضل والعلم والإبداع حتى بين شريحة من المجتمع يفترض بهم الرقي الحسي والإبداعي وتقدير الكل وهم شريحة الفنانين التشكيليين، فالفنان التشكيلي طاقة من الإحساس والفكر والرقي ولكن متى ما أستشعر اختلافه ورقيه بما وهبه الله من إحساس وموهبة وإبداع، ولعل اختلاف وتميز الأمسية التي كانت في تدشين وتكريم كتاب الراحل ضيف الله القرني بجمعية الثقافة والفنون بالطائف أظهرت نفاسة معدن أنموذجين من المبدعين.

حيث كان الأستاذ عبدالله القرني مؤلف كتاب ضيف الله القرني رحمه الله مسيرة وإبداع.. نموذج للوفاء وإنكار الذات من أجل الآخر يندر وجوده في عالمنا اليوم فقد اشتغل عامين على تجميع وتبويب منجز غيره، وإن كان للقربى حق ولكن ليس لهذا الحد الذي يجعله يتردد على أصدقاء الراحل ورجال الأعمال والصالات ليجمع كلمة أو حرف أو لون عن الفنان الراحل بين مجيب ومتهرب ورافض التعاون حتى من أقرب أصدقاء الراحل، وليس ذلك فقط، بل أخرج الكتاب وطبعه على نفقته الخاصة بعد أن خذله أحد رجال الأعمال و لم تسانده المؤسسات الثقافية المعنية فطبعه على نفقته، والمفاجأة كانت بتبرع الأستاذ عبدالله بكامل ريع الكتاب للجمعيات الخيرية صدقة جارية عن الراحل ضيف الله القرني رحمه الله.. لله درك عبدالله وكثَّرالله من أمثالك.

أما النموذج المشرق الآخر فهو الفنان الرائع فايز الحارثي (أبو هريس) وروعة الفنان الإنسان تبدأ بمواقفه التي يسجلها بوضوح ورقي، فقد كان صديقاً للراحل ضيف الله القرني وأحد أعضاء جماعة ذاكرة المربع التي أسسها الراحل، وكان متعاوناً مع مؤلف الكتاب بشكل كبير وقدم كل ما لديه وفاء للراحل وحق الصداقة والإنسانية, وفي ليلة التدشين أبى إلا أن يتغلب على صعوبة ظرفة العائلي وترك ابنته في العناية المركزة بالمستشفى بعد عملية جراحية أجريت لها بنفس اليوم وشد الرحال ليحضر ليلة الوفاء لصديقه الراحل محققاً بالفعل مقولة (ليس أروع من الصداقة إلا الوفاء لهذه الصداقة..)

ولعل هذه النماذج المشرقة التي ظهرت في ليلة تكريم الراحل ضيف الله القرني ضمدت شيئا من النكران المؤلم والتهرب المخزي الذي مارسه بعض أصدقاء الراحل الذين كان له الفضل الكبير عليهم وعلى فنهم اليوم وعالميتهم المزعومة، وقد أوصدوا أبواب الوفاء أمام معلومة عن الراحل أو لون يكمل بناء كتاب عن صديقهم، ولكن التاريخ لن يرحم خذلانهم حتى لو بلغ فنهم الأفق إلا أنه فن بلا قيمة ولا خلق.

Fasilkh.er@gmail.com **** faisalkhudaidi@

مقالات أخرى للكاتب